أدان الرئيس الأمريكي باراك أوباما الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي الليبية ليل الثلاثاء وأدى إلى مقتل أربعة أمريكيين، بينهم سفير واشنطن لدى طرابلس جون كريستوفر ستيفنز. وقال أوباما في بيان أصدره البيت الأبيض باسمه الأربعاء: "أدين بشدة الهجوم الشنيع على بعثتنا الدبلوماسية في بنغازي، والذي أودى بحياة أربعة أمريكيين". وأضاف الرئيس الأمريكي قائلا: "إن الشعب الأمريكي يقف في هذه اللحظة مع أسر أولئك الذين قضوا في الهجوم، ويصلون من أجلهم".
"مضرب مثل"
وأردف قائلا إن القتلى الأمريكيين "ضربوا المثل بالالتزام بالحرية والعدالة والشراكة مع الأمم والشعوب حول العالم، وبالوقوف على الطرف النقيض من أولئك الذين قتلوهم بقسوة".
"في الوقت الذي ترفض الولاياتالمتحدة الجهود التي تسيء للمعتقدات الدينية للآخرين وتشوِّه سمعتهم، يتعيَّن علينا أن نواجه، وبشكل لا لبس فيه، هذا النوع الذي لا معنى له من العنف" الرئيس الأمريكي باراك أوباما
وقال أوباما إنه وجَّه طاقم إدارته لتسخير "كافة الموارد اللازمة لدعم وتعزيز أمن طاقم موظفينا العاملين في ليبيا، ولزيادة التعزيزات الأمنية في بعثاتنا الدبلوماسية في شتى أرجاء العالم".
وتابع قائلا: "في الوقت الذي ترفض الولاياتالمتحدة الجهود التي تسيء للمعتقدات الدينية للآخرين وتشوِّه سمعتهم، يتعيَّن علينا أن نواجه، وبشكل لا لبس فيه، هذا النوع الذي لا معنى له من العنف الذي حصد أرواح هؤلاء الموظفين العاملين في مجال الخدمة العامة".
ونوَّه الرئيس الأمريكي بالدور الذي لعبه السفير ستيفنز في الثورة الليبية التي أطاحت العام الماضي بنظام الزعيم الليبي الراحل معمَّر القذافي. وقال: "أشعر بالامتنان الشديد له للخدمة التي قدمها لإدارتي، كما أشعر أيضا بالحزن الشديد لفقده".
إدانة ليبية
من جانبه، أدان رئيس المؤتمر الوطني الليبي العام، محمد المقريف، الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي وقال: "لقد قررنا بعد الاجتماع بين رئاسة المؤتمر الوطني العام اليوم والحكومة وعدد من الجهات الأمنية والعسكرية اتخاذ إجراءات أمنية صارمة لضبط الجناة واتخاذ الخطوات لحماية الوطن".
وأضاف المقريف، الذي كان يتحدث الأربعاء في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الحكومة الليبية عبد الرحيم الكيب: "إن مقتل االسفير الأمريكي والهجوم على القنصيلة الأمريكية في بنغازي عمل إرهابي، فنحن نستنكر بشدة استعمال القوة في قتل الأبرياء كوسيلة للتعبير عن هذه المواقف".
واعتبر المقريف أن الهجوم جاء ردَّا على "التقدم الذي أحرزناه في القبض على أزلام النظام السابق وعلى رأسهم القبض على عبد الله السنوسي (مدير الاستخبارات في نظام القذافي الذي سلمته موريتانيا للسلطات الليبية مؤخرا)".
قضى السفير ستيفنز "اختناقا"، إذ كان في زيارة للقنصلية ببنغازي خلال تعرضها لهجوم ليل الثلاثاء
حماية البعثات
كما تعهد المقريف والكيب معا بتأمين الحماية الأمنية اللازمة "لكافة البعثات الدبلوماسية في البلاد، وبإجراء الاقتراع كما هو مقرر سلفا مساء اليوم لاختيار رئيس جديد للحكومة".
وكانت مصادر حكومية ليبية قد أكدت ل بي بي سي صباح اليوم الأربعاء نبأ مقتل السفير ستيفنز، وثلاثة أمريكيين آخرين في الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الامريكية في بنغازي من قبل مسلحين احتجاجا على فيلم أمريكي اعتبروه مسيئا للإسلام وللنبي محمد.
وقالت المصادر إن السفير ستيفنز قضى "اختناقا" أثناء تواجده في زيارة لمبنى القنصلية في بنغازي لدى مهاجمة مسلحين غاضبين للمبنى ليل الثلاثاء/ الأربعاء.
كما نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤول ليبي قوله: "لقد قُتل السفير الأمريكي وثلاثة أمريكيين آخرين عندما أطلق مسلحون صاروخا على مبنى القنصلية الأمريكية في بنغازي".
وكانت التقارير الأولية قد تحدثت في وقت مبكر الأربعاء عن مقتل أمريكي واحد من العاملين في القنصلية الأمريكية في بنغازي توفي إثر اشتباكات عنيفة عند مجمع القنصلية، ليتبين لاحقا أن عدد القتلى أربعة، بينهم السفير ستيفنز.
قضى السفير ستيفنز "اختناقا" أثناء تواجده في زيارة لمبنى القنصلية الأمريكية في بنغازي لدى مهاجمة مسلحين غاضبين لها ليل الثلاثاء
مظاهرات في مصر
وفي مصر المجاورة، كان آلاف المتظاهرين قد احتشدوا الثلاثاء أمام السفارة الأمريكية في القاهرة حيث أنزلوا العلم الأمريكي المرفوع على المبنى وأحرقوه ورفعوا مكانه راية سوداء احتجاجا على الفيلم المذكور الذي قالوا إنه "مسيء للإسلام وللنبي محمد".
وقد أعلنت السفارة الأمريكية في القاهرة مساء الثلاثاء عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أنها ألغت تقديم خدمة التأشيرات في السفارة ليوم الأربعاء "بسبب المظاهرات أمام المبنى".
وكان المئات من شباب حركة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي وعدد من مصابي الثورة، ورابطة مشجعي كرة القدم (الإلتراس) وحركة 6 إبريل قد تظاهروا الثلاثاء أمام مبنى السفارة الأمريكية في القاهرة احتجاجا على الفيلم "المسيء للرسول".
وردد المتظاهرون هتافات تشيد بالرسول محمد وتندد بأمريكا وتدعو لقطع العلاقات معها، وتطالب أيضا بإسقاط شيخ الأزهر ومفتى الديار المصرية "لعدم نصرتهم النبي"، على حد قولهم.