سعر الجنيه الاسترليني بالبنوك أمام الجنيه اليوم الجمعة 3-5-2024    شوبير يوجه رسائل للنادي الأهلي قبل مباراة الترجي التونسي    الأرصاد: رياح مثيرة للرمال على هذه المناطق واضطراب الملاحة في البحر المتوسط    حبس 4 أشخاص بتهمة النصب والاستيلاء على أموال مواطنين بالقليوبية    اسلام كمال: الصحافة الورقية لها مصداقية أكثر من السوشيال ميديا    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    دايملر للشاحنات تحذر من صعوبة ظروف السوق في أوروبا    تقارير أمريكية تتهم دولة عربية بدعم انتفاضة الجامعات، وسفارتها في واشنطن تنفي    حزب الله يستهدف زبدين ورويسات العلم وشتولا بالأسلحة الصاروخية    مستوطنون يهاجمون بلدة جنوب نابلس والقوات الإسرائيلية تشن حملة مداهمات واعتقالات    اعتصام عشرات الطلاب أمام أكبر جامعة في المكسيك ضد العدوان الإسرائيلي على غزة    حرب غزة.. صحيفة أمريكية: السنوار انتصر حتى لو لم يخرج منها حيا    وزير الدفاع الأمريكي: القوات الروسية لا تستطيع الوصول لقواتنا في النيجر    5 أهداف لصندوق رعاية المسنين وفقا للقانون، تعرف عليها    مواعيد مباريات الجمعة 3 مايو 2024 – مباراتان في الدوري.. بداية الجولة بإنجلترا ومحترفان مصريان    خالد الغندور عن أزمة حسام حسن مع صلاح: مفيش لعيب فوق النقد    الكومي: مذكرة لجنة الانضباط تحسم أزمة الشحات والشيبي    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    تشاهدون اليوم.. زد يستضيف المقاولون العرب وخيتافي يواجه أتلتيك بيلباو    البابا تواضروس يترأس صلوات «الجمعة العظيمة» من الكاتدرائية    إشادة حزبية وبرلمانية بتأسيس اتحاد القبائل العربية.. سياسيون : خطوة لتوحيدهم خلف الرئيس.. وسيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    «التعليم»: امتحانات الثانوية العامة ستكون واضحة.. وتكشف مستويات الطلبة    خريطة التحويلات المرورية بعد غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر    ضبط 300 كجم دقيق مجهولة المصدر في جنوب الأقصر    ننشر أسعار الدواجن اليوم الجمعة 3 مايو 2024    لأول مرة.. فريدة سيف النصر تغني على الهواء    معرض أبو ظبي يناقش "إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية"    «شقو» يتراجع للمركز الثاني في قائمة الإيرادات.. بطولة عمرو يوسف    استقرار أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة.. عز ب 24155 جنيهًا    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    حكم وصف الدواء للناس من غير الأطباء.. دار الإفتاء تحذر    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    موضوع خطبة الجمعة اليوم وأسماء المساجد المقرر افتتاحها.. اعرف التفاصيل    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    «سباق الحمير.. عادة سنوية لشباب قرية بالفيوم احتفالا ب«مولد دندوت    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان مسلسلات بابا جه وكامل العدد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة3-5-2024    مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    الخضري: البنك الأهلي لم يتعرض للظلم أمام الزمالك.. وإمام عاشور صنع الفارق مع الأهلي    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواقف الخارجية أثناء الثورة المصرية: الحذر الغربى والتواطؤ العربى
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 03 - 2011

يعانى النظام المصرى منذ عام 1952 من عدم القدرة على الموازنة بين سياسته الداخلية من ناحية وسياسته الخارجية من ناحية أخرى. فقد حقق الرئيس جمال عبدالناصر نجاحا ملموسا على مستوى مركز مصر الإقليمى والدولى فى حين كان نظامه شبه شمولى فى الداخل. وكانت النتيجة أن ترجم عدم نجاح نظامه السياسى الداخلى فى نكسة عسكرية فى الخارج. عانى نظام الرئيس السادات من نفس عدم التوازن. ففى حين خطط ونفذ حرب أكتوبر 1973 ومعاهدة السلام والتحالف مع الولايات المتحدة، فشل فى ضمان قاعدة داخلية لنظام حكمه وانتهى الأمر باغتياله. أما الرئيس السابق حسنى مبارك، فقد نجح خارجيا نجاحا نسبيا وفشل داخليا فشلا ذريعا.
لقد كان من «المنفر» أن نرى كيف أن معظم القوى الإقليمية والدولية كانت تفكر مئة مرة قبل أن تعلن موقفا أو تصريح ضد نظام الرئيس مبارك. ولكى نكون موضوعيين، فإن السياسة الخارجية لنظامه لم تكن على نفس القدر من الفشل، الذى تعانى منه سياسياته الداخلية. فيكتب لمبارك أنه استطاع أن يحسن علاقات مصر بمختلف القوى الدولية على مختلف توجهاتها. وإن لم ينف ذلك أنه سلك مسلك الخضوع والخنوع لاسترضاء بعض هذه القوى. بل ورضى بالتخلى عن الاستقلال التام لقرارات مصر فى سياستها الخارجية. وعليه، فإن السياسة الخارجية لنظام مبارك كانت مناسبة و«مريحة» بالنسبة للقوى الإقليمية خاصة دول الخليج وإسرائيل وللقوى الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وأن تتبنى دولة بحجم مصر وثقلها الإقليمى سياسة تتوافق مع سياسات الفاعلين الرئيسيين فى المنطقة العربية إنما هو بمثابة الكنز الذى لا يجب التفريط فيه. لذلك كانت القوى العربية والدولية فى حيرة من أمرها: هل ندعه يسقط ونكسب الشعب المصرى ونصدق فيما ندعيه من حماية مبادئ العدالة والحرية والديمقراطية والإسلام ونجفف أحد منابع التطرف والإرهاب (القمع السياسى)؟ أم نساند أهم حليف لنا ونضمن استمرار نظام عربى وشرق أوسطى ملائم لمصالحنا؟
والحقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الأوروبية سارت على خط الوسط بين نظام مبارك والثورة. فنادت بما تنادى به دائما من الاستجابة لمطالب الإصلاح السياسى وضبط النفس والحوار وعدم استخدام العنف. وهى عبارات ومناشدات سبق وأن وجهتها هذه العواصم للنظام المصرى علنا وفى الكواليس الدبلوماسية. إلا أننى أعتبر أن الضربة الأقوى للثورة جاءت من الأنظمة العربية وتحديدا الأنظمة الخليجية.
فالحق يقال إنه من مزايا نظام مبارك أيضا تحسين علاقات مصر بدول الخليج بحيث طمأنها أن مصر لن تمثل أبدا تهديدا لأنظمتها المحافظة وأن حقبة الحرب الباردة بين نفس هذه العائلات المالكة ومصر عبدالناصر قد ذهبت بلا رجعة، ولا يخفى على أحد أن هذه الدول أغدقت مصر خلال الثلاثين عاما الماضية بالاستثمارات والمنح والعطايا والمساعدات والهبات لتضمن موالاة النظام المصرى لها أولا ولتضمن استقراره داخليا ثانيا، فمصر قوة إقليمية وإن استقرارها واستمرار قوتها العسكرية بشكل خاص هى أمور حيوية بالنسبة لدول الخليج.
ولكن، أن تتفق سياسة مبارك الخارجية مع سياسات دول الخليج شىء وأن تشجعه هذه الدول على ذبح شعبه شىء آخر! فلم أكن أتصور أن تصل أنظمة الخليج إلى حد حث مبارك على قمع شعبه وطمأنته بأنها سوف تعوضه إن قطعت الولايات المتحدة المساعدات السنوية عن نظامه! ولم أكن لأتصور أن تضغط بعض هذه الدول بعينها على الإدارة الأمريكية وتهددها بالتوتر فى علاقاتها الثنائية إذا تخلت واشنطن عن مبارك! فلا بأس أن تعرض بعض الدول الخليج استضافة الرئيس السابق، ولكن أن تدعم بعض هذه الدول خطط مبارك فى قتل الشعب الذى خرج منه الجنود الذين دافعوا عنها ضد خطط صدام حسين شىء آخر! فكيف سولت لحكام الخليج أنفسهم إعانة نظام مفترس على قتل الشعب، الذى ينتمى إليه الملايين ممن عمّروا دول الخليج حينما لم تكن سوى صحارى، وعاشوا بين أهلها لعدة عقود؟ ولعل الدرس المستفاد هنا أن الشعب لا يجب أن يسكت على النظام الفاسد إن حكمه هو فقط وإنما لا يجب أن يسكت عليه أيضا إن حكم جاره! ويقترب هذا المنطق من ذاك الذى قامت عليه الحروب الباردة العربية فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى وهو المنطق ذاته، الذى اتفقت الأنظمة العربية على دفنه إلى الأبد بتقديس مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية لبعضها البعض. إن تجربتا مصر وتونس أثبتتا أن الأنظمة العربية لا تكتفى بقمع شعوبها بل هى مستعدة لتصدير القمع إلى الشعوب «الشقيقة».
لقد خصصت «بالعتاب» دول الخليج لما لها من وزن اقتصادى وإسلامى إقليميا وعالميا ولما لبعض حكامها من سمعة طيبة ونوايا فعلية للإصلاح السياسى. فأنا أعلم جيدا أن نظام مبارك كان حليفا لمعظم أنظمة الخليج وأن صداقة شخصية ربطت بين بعض حكام هذه الدول والرئيس المصرى السابق، كما أعلم أن الوقوف إلى جانب الصديق فى وقت الضيق من شيم أهل الجزيرة العربية. ولكن، هل يعقل أن تفتدى روح شخص واحد ظالم و إن كان صديقا بأرواح الآلاف من المصريين؟ أهذا هو رد الجميل لمصر التى طالما رفع شعبها و ليس نظامها رأس العرب عاليا؟
لعل الدرس الأخير الذى يجب أن تتعلمه سائر الأنظمة العربية هو أن مساندة العالم أجمع لا تنفع إن أراد الشعب تغيير النظام. فكفى تملقا للخارج وقمعا فى الداخل. وتعلموا من قلب أنظمة الشاه فى 1979 واغتيال السادات فى 1980 وسقوط أنظمة بن على ومبارك فى 2011 وغيرها. إن الخارج لن يسندكم إلا إذا توكأتم على شعوبكم، وتذكروا أنه حينما أرادت القوة العظمى تغيير أنظمتكم بعد سبتمبر 2001 فشلت فقط لأن شعوبكم كرهت أن تتعاون معها لتنفذ لها ما تريد. ولكن إن قررت الشعوب اليوم التخلص منكم، لن تتدخل أمريكا ولا فرنسا لحمايتكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.