انضمام جامعة العلمين الدولية إلى تصنيف التأثير لمؤسسة تايمز لعام 2024    «جودة المياه بالمزارع السمكية».. ندوة إرشادية لتنمية البحيرات بكفر الشيخ    محافظ القليوبية يتفقد منظومة النظافة في شوارع مدينتي الخصوص وشبرا الخيمة    5 آلاف و890 مستفيدة من حملة "حقك تنظمي" بالإسماعيلية (صور)    وزير الصناعة يستعرض مع وزير الزراعة الروسى إنشاء مركز لوجيستى للحبوب فى مصر    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود فحوصات المحاصيل الصيفية وتوعية المزارعين    المتحدث باسم وزارة الزراعة: تخفيضات تصل ل30% استعدادًا لعيد الأضحى    محمد نور يكتب: حروب القاهرة الصامتة    بوتين: أوروبا عاجزة عن حماية نفسها أمام الضربات النووية على عكس روسيا والولايات المتحدة    بايدن يعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 225 مليون دولار    تعادل إيجابي بين الزمالك والبنك الأهلي في الشوط الأول    أماكن تلقي تظلمات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ    غدا محاكمة أم وعشيقها في واقعة قتل الطفلة ريتاج بمدينة نصر    نتيجة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية 2024 بالاسم "هنا الرابط HERE URL"    مصرع شخص إثر سقوط سيارة داخل مصرف بالدقهلية    بعد وفاته.. معلومات عن الناقد الفني نادر عدلي    خبراء أسلحة: إسرائيل استعملت ذخائر أمريكية فى ضرب مدرسة تابعة لأونروا بغزة    السياحة: الانتهاء من رقمنة 78 متحفا وموقعا أثريا    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. تستمر ل عصر رابع يوم    «الإفتاء» توضح حكم الأضحية في المذاهب الأربعة    «الرعاية الصحية» تنظم جلسة علمية تحت عنوان «الجينوم والطب الشخصي وتأثيرهم الاقتصادي»    زيادة ألف جنيه في دواء شهير لارتفاع ضغط الدم    تزامنًا مع الموجة الحارة.. وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستشفى الحسينية ويوجه بتطوير الخدمات    جامعة طنطا: علاج 900 ألف مواطن في القوافل الطبية خلال 3 سنوات    إيرادات الخميس.. "شقو" الثالث و"تاني تاني" في المركز الأخير    تعرف على موعد عزاء المخرج محمد لبيب    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    أوقفوا الانتساب الموجه    سيارة مسرعة تنهي حياة موظف أمام قسم الجيزة    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    إمام الوعى والتنوير    رفع الدعم تدريجيًا والطاقة المتجددة والضبعة.. مهام ضرورية على المكتب الوزير    القيادة الأمريكية تعلن نجاح إعادة إنشاء الرصيف البحرى المؤقت فى قطاع غزة    الناقد السينمائي خالد محمود يدير ندوة وداعا جوليا بمهرجان جمعية الفيلم غدا    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    بدء تلقى تظلمات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ الأحد    أول تعليق من وسام أبو علي بعد ظهوره الأول مع منتخب فلسطين    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    قوات الدفاع الشعبي والعسكري تنظم عددًا من الأنشطة والفعاليات    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    "الإفتاء": صيام هذه الأيام في شهر ذي الحجة حرام شرعا    إخماد حريق داخل محل فى حلوان دون إصابات    بعد غيابه عن الملاعب.. الحلفاوي يعلق على مشاركة الشناوي بمباراة بوركينا فاسو    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    الزمالك يقترح إلغاء الدوري    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلمانية وثورة 25 يناير
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 07 - 2011

أصدرت جماعة الإخوان منشورا تم توزيعه على نطاق واسع، وذلك بمناسبة الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذى أجرى فى مارس الماضى. وفى هذا المنشور قسم الإخوان الذين استفتوا إلى قسمين تم إدراجهما فى جدول على النحو التالى: العلمانيون يقولون والشعب قال فى الاستفتاء. وفى خانة العلمانيين يقولون ورد الآتى: تأجيل انتخابات مجلسى الشعب والشورى. 2) مجلس رئاسى مدنى. 3) التشكيك فى استفتاء الدستور، والمطالبة بإعادة تشكيل دستور جديد.
وبذلك أخرج منشور الإخوان من سماهم بالعلمانيين من زمرة الشعب المصرى، واعتبرهم من الخوارج على الأمة الإسلامية من جهة، وأعداء الشعب من جهة أخرى.
وهذا يثير تساؤلا مهما: هل يعتبر الإخوان ثورة 25 يناير ثورة علمانية؟! وهل الفهم الشائع عن العلمانية صحيح؟ وإذا لم يكن صحيحا، فما حقيقة لفظ العلمانية؟ وما جذوره؟ وهل العلمانية ظاهرة غريبة ودخيلة على مجتمعنا ومهددة لأدياننا؟!
للإجابة عن هذه الأسئلة يلزم أولا توضيح معنى اللفظ، أى لفظ العلمانية، فالأصل اللغوى للعلمانية واحد فى اللغة العربية، كما فى اللغة الأجنبية.. فى اللغة العربية «علمانية» (بفتح العين وسكون اللام) مشتق من عَلْم (بفتح العين وسكون اللام) أى العالم، وفى اللغة الأجنبية مشتق من اللفظ اللاتينى «saeculum» أى عالم. وينطوى هذا المعنى على الزمان، وهذا يعنى أن العالم متزمن بزمان، أى أن له تاريخا، وأن هذا التاريخ يتسم بالتغير والتطور، وأن هذا التغير والتطور يحدث فى العالم، أى فى المكان، كما أنه يحدث أيضا للعالم، أى فى الزمان، بمعنى أن التغير الذى يحدث فى العالم من أحداث من شأنه أن يحرك الزمان ويطوره. وهذا يعنى أن العالم ليس ثابتا، بل هو متحرك، وهذه الحركة هى التاريخ.. وحيث إن هذه الحركة تتسم بالتغير، والتغير النسبى، فإن التفكير فى مجال هذه الحركة يصبح هو الآخر نسبيا، بمعنى أن ما يحدث من حركة فى العالم وللعالم من شأنه أن يحدث تغييرا فى تفكير البشر الذين يعيشون فى هذا العالم.. فإن البشر الذين يعيشون فى عالم يعتقدون أنه ثابت وغير متحرك، كما كان سائدا قبل اكتشاف العالم الفلكى كوبر نيلوى فى عام 1543 أن الأرض تدور حول الشمس لا العكس (فى كتابه عن «دوران الأفلاك»)، هؤلاء البشر يختلفون اختلافا جذريا عن البشر الذين يعيشون فى العالم نفسه، لكنهم على وعى بأن العالم متحرك، وأن الأرض تدور حول الشمس مرة كل 24 ساعة، وأن هذا الدوران يحدث تغييرا فى العالم وللعالم، وبالتالى يحدث تغييرا فى كل من يحيا فى هذا العالم.
وهذا النوع من التفكير أشبه بما يعرف ب«ثورة كوبر نيكوس» فى علم الفلك، حيث اكتشف كوبر نيكوس حلا جذريا ومبدعا للمعضلات الفلكية التى كانت تواجه العلماء فى القرن السادس عشر، بأن حول الاهتمام فى علم الفلك من دراسة الكون من داخل العالم، وذلك بالتركيز على رؤية الإنسان الذى يحيا على أرض تدور وتتحرك، وتلك الرؤية محكومة بعقل يدور ويتحرك فى هذا العالم ومع هذا العالم، وهذه الحركة هى التى تشكل وعى الإنسان وتصوغ رؤيته للكون وللعالم.
وحيث إن الحركة فى طبيعتها التغير، وحيث إن التغير يتسم بالنسبية، فإن عقل هذا الإنسان وتفكيره سيصبحان أيضا نسبيين، بمعنى أن عقل الإنسان سيتحرر من الوهم بأن معرفته بالعالم تستند إلى حقيقة واحدة ثابتة، ولا علاقة لها بالخبرة الإنسانية فى العالم.. وسيدرك أن المعرفة متعددة ومتنوعة المصادر طبقا لما يحدث فى العالم من تغير وطبقا لخبرات الإنسان فى هذا العالم المتغير.
العلمانية إذن بهذا المعنى لفظ مرتبط بالعقل وبأسلوب التفكير فى العالم، وليس مرتبطا بالسياسة والعمل السياسى، وهذا الأسلوب العلمانى فى التفكير محصور فى مجال ما هو متغير، ولا يرتبط بالإيمان الدينى، أى بمجال ما هو مطلق وثابت، وبناء عليه جاء تعريف مراد وهبة للعلمانية بأنها: «التفكير فى النسبى بما هو نسبى، وليس بما هو مطلق»، ويركز هذا التعريف للعلمانية على التفكير فى ما هو نسبى، لا فى ما هو مطلق، أى أنه لا يرتبط بالتفكير فى أمور العقيدة الدينية كما يحلو للبعض أن يروج.
ونتساءل: هل يفقد المؤمن إيمانه لمجرد أنه يفكر بطريقة نسبية فى أموره النسبية.. أى فى أمور حياته اليومية، من مأكل ومشرب ومسكن وعمل وتعليم وصحة وعلاقات إنسانية..؟ وهل التفكير بشكل نسبى، أى بشكل يتلاءم وطبيعة تلك الأمور النسبية والمتغيرة، يصرف المؤمن عن الإيمان، أى عن مجال ما هو مطلق وثابت؟
الإجابة: لن يفقد المؤمن إيمانه فى هذه الحالة، لكنه سيفقد خضوعه وانصياعه لفتاوى الشيوخ، أى أنه سيتحرر من وصاية هؤلاء الشيوخ على عقله وحياته.
والسؤال الآن: هل لهذا السبب يهاجم بعض الشيوخ وأعضاء جماعة الإخوان العلمانية؟!
الجواب عند هؤلاء بالإيجاب، حيث إنهم يعتقدون أنه إذا تحرر عقل الإنسان من سلطة الفقهاء والشيوخ، أى تحرر من وصاية هؤلاء وأصبح تفكيره علمانيا، أى أنه أصبح معتمدا على عقله فى تسيير أمور حياته، فإن هذا الشخص يصبح بالضرورة ملحدا وكافرا.
والسؤال: هل هذا صحيح؟ هل المؤمن الملتزم بأداء فروض دينية والملتزم بمبادئ دينية فى المعاملات مع الناس، والذى يستخدم عقله العملى فى فهم أمور من سياسة واقتصاد وعلاقات إنسانية، ويكتشف بنفسه الحلول العملية لتطوير أحواله المعيشية بما يتفق وقوانين وقواعد المجتمع.. هل صحيح أنه يصبح فى هذه الحالة كافرا وخارجا عن دينه؟
الجواب بالنفى.. لن تتغير درجة إيمان هذا الشخص، لكن الذى سيتغير هو وعيه بقدرته العقلية، وهذا الوعى سيحرك رغبته فى المشاركة فى تغيير أحواله المعيشية، وأحوال من حوله، وهذه الرغبة ستولد لديه إرادة المشاركة فى الحياة العامة.. وهذه أولى خطوات الوعى بالمشاركة السياسية، وهو أمر ممتنع الآن بحكم تسلط التيار الإخوانى على عقول الناس من أجل منعهم من التحرر من وصايتهم إلى الحد الذى يكفرون فيه كل من يحاول الخروج عن دائرة سلطانهم، وهذا التكفير والإرهاب الفكرى أمر ضرورى ولازم لهؤلاء المتسلطين، حيث إنه مرتبط بالسلطة السياسية التى ينشدونها ويسعون إلى الوصول إليها من أجل الاستيلاء على الحكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.