ثمة مصلحة واضحة لدى إسرائيل فى التعجيل بنهاية نظام بشار الأسد، لأن ذلك من شأنه أن يقضى على الحلقة الأساسية فى المحور الإيرانى. لكن القدس اتخذت قرارها بعدم التدخل فيما يحدث فى سوريا إلا فى حال تعرضت إسرائيل لخطر مباشر نتيجة هذه الأحداث. مع اقتراب نهاية النظام فى دمشق تزداد المخاوف فى القدس ولدى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية من نشوء تهديدات استراتيجية، ويجرى التداول هنا فى ثلاثة سيناريوهات، هى: أولا، قيام النظام فى دمشق بقصف إسرائيل قصفا عنيفا بالصواريخ والقذائف بهدف توحيد الناس والجيش من حوله، أو نتيجة لتطلع بشار الأسد وكبار المسئولين فى نظامه إلى أن يذكرهم تاريخ الأمة العربية كأبطال مظلومين؛ ثانيا، أن تنقل سوريا إلى حزب الله رءوسا حربية وكيماوية أو بيولوجية قابلة للتركيب فى الصواريخ والقذائف التى يملكها الحزب فى لبنان؛ ثالثا، أن تنقل سوريا إلى حزب الله فى لبنان أنواعا من السلاح تعتبره إسرائيل يخرق التوازن، مثل كميات جديدة من الصواريخ الباليستية أرض أرض من طراز سكود دى، ومنصات متحركة لإطلاق هذه أو أنواعا SA و8 SA الصواريخ، وصواريخ مضادة للطائرات من نوع SA6 وSA8 وصواريخ بر بحر وأرض أرض SA و22 SA أكثر تطورا مثل 17 SA وSA22 متطورة بعيدة المدى ودقيقة حصلت عليها سوريا من روسيا.
مما لا شك فيه أن حدوث مثل هذه السيناريوهات هو بمثابة خط أحمر بالنسبة إلى إسرائيل، إذ سيقوم الجيش الإسرائيلى بإحباطها مسبقا أو سيرد عليها فى حال حدوثها بصورة قاسية للغاية. لكن باستثناء ذلك، فإن لا مصلحة لإسرائيل فى التدخل فيما يجرى فى سوريا وذلك للأسباب التالية: أولا، إن أى ضربة إسرائيلية ضد سوريا ستعيد توحيد صفوف الجمهور الذى كان فى الماضى من المؤيدين للنظام، وبات اليوم مترددا بهذا الشأن حول الأسد؛ ثانيا، إن محاربة نظام الأسد فى الوقت الذى يتعرض فيه هذا النظام لهجوم إسرائيلى ستكون بالنسبة إلى الثوار والدول العربية وتركيا بمثابة الطعن فى الظهر، الأمر الذى قد يؤدى إلى توقف القتال ضد الأسد ونظامه؛ ثالثا، إن العالم لن ينظر بعين الرضى إلى عملية إسرائيلية ضد سوريا فى حال أدى سقوط النظام فى دمشق بسبب مثل هذه العملية إلى هزة ارتدادية فى الشرق الأوسط كله على خلفية الصراع الدينى المذهبى، وانتقال الاضطرابات إلى لبنان والعراق والأردن وتركيا.
ترغب الأجهزة الأمنية والاستخباراتية فى إسرائيل فى سقوط نظام الأسد فى أقرب وقت ممكن. وفى تقديرها أن سقوط النظام فى وقت قريب سيسمح ببقاء
بنية تحتية سياسية وعسكرية تسمح بقيام حكم مستقر فى سوريا ما بعد الأسد. ومع ذلك، فإن قلة تعتقد أن على إسرائيل التدخل فيما يجرى هناك.