دفع تكرار شكاوى الصيادين على ضفاف بحيرة إدكو، وتجاهل الحكومات المتعاقبة لمطالبهم بتطهير البحيرة ووقف حالات التعدى الصارخة على مياهها، إلى التهديد بالانفجار فى وجه فساد الحكومة ورجال الأعمال الذين استولوا على مساحات كبيرة من البحيرة. الصيادون قالوا: «سنستولى على المزارع الخاصة والحكومية بالقوة». أفنى أحمد زيتون أكثر من 20 عاما وهو يصطاد فى بحيرة إدكو، التى تقع فى محافظة البحيرة، لذا فهو لم يفكر أبدا فى ردم وتجفيف شبر من أراضيها، لكنه حسب وصفه أصبح معتادا على مشاهدة مافيا الأراضى وهم يستولون على البقية الباقية من مياه البحيرة الضحلة، بتجفيفها وردم أجزاء منها رغم صدور قرارات إزالة كثيرة جدا كلها قيد الأدراج طبعا.
يفيد ممثل نقابات الصيادين أحمد السد بأن هناك أكثر من 57 حالة تعد على مساحات تزيد على ألفى فدان، فى مناطق كوم بلاج وحسن والطرفاية وكوم غطاس وباب الكريم ووجه الخليج، وكلها صدرت بشأنها قرارات إزالة من هيئة الثروة السمكية منذ أكثر من عام، لكن «الأمن» لم يتدخل لإزالة التعديات منذ ذلك الحين، تحت حجج الدراسات الأمنية، وزادت مساحات التعدى بسبب التقاعس الأمنى.
فى السابق، كانت تبلغ مساحة البحيرة 37 ألف فدان، والآن لم تعد مساحتها تتجاوز 17 ألف فدان، بموجب التقارير الرسمية، ويؤكد الصيادون أنها تقلصت إلى مساحة أقل من ذلك بكثير، ربما إلى 12 ألف فدان، وتدهور إنتاجها السمكى إلى 7 آلاف طن سنويا فقط، بسبب غياب أعمال التطهير احتلت الحشائش والأحراش نحو 60% منها، ما اضطر الصيادين إلا الصيد فى ظروف سيئة جدا، فضلا عن تزايد التلوث الناتج عن الصرف الصناعى بصورة لافتة.
الصيادون أكدوا فى شكواهم لمركز الأرض لحقوق الإنسان مؤخرا على زيادة نسبة التلوث البحرى فى منطقة خليج أبوقير الناتج عن الصرف الصناعى لترعة العامرية، حيث تلقى شركات راكتا للورق وأبو قير للأسمدة وشركة الغاز المسال كل مخلفاتها الكيماوية فى الترعة، وهو التلوث الذى زاد على الحد المسموح به دوليا، ويخالف قانون البيئة ويؤثر على الإنتاج السمكى، وهو ما أدى لنفوق نسبة كبيرة من الأسماك، ويهدد أرزاق الصيادين، ويهدد صحة المصريين بتناولهم أسماكا مسمومة.
تنفى هيئة تنمية الثروة السمكية تلوث بحيرة إدكو، وتعتبرها أقل البحيرات الشمالية تلوثا بعد بحيرة البردويل، وتذكر فى دراسة لها أن المصدر الرئيسى لتلوث البحيرة هو الحشائش والأخواص والنباتات المائية بكثافة، فى مساحات كبيرة من البحيرة، إضافة إلى انتشار ورد النيل، ما يؤدى لركود المياه فى هذه المناطق وخلق أماكن محتجزة ويؤدى الركود إلى تغير خواص المياه وتلوثها. فيما يؤكد الصيادون أن تلك المناطق أصبحت مثل الأراضى البور من حيث الإنتاج السمكى وحركة الصيد، بدلا من القيام بأعمال التطهير الملزمة بها الحكومة.
ويرصد أحدث تقارير جهاز شئون البيئة، الصادر فى العام الحالى، الحالة الميدانية للبحيرة من حيث كميات التلوث، لافتا إلى أن البحيرة تتعرض لنوبات من التلوث الشديد وتعدد مصادرها ونوعيته، وهو ما يؤثر على المخزون السمكى، كما سجل معيار جودة المياه تدهورا شديدا من حيث وجود أعداد البكتيريا التى تفوق الحدود المسموح بها عالميا، متأثرة بمياه المصارف الملوثة عدا المحطتين رقم 2 و3. فيما أكد الصيادون فى شكاواهم لمركز الأرض أن المشكلات التى يتعرضون لها تأتى فى ظل ارتفاع أسعار السولار وزيت الديزل وكثرة الأعباء المالية وارتفاع رسوم استخراج ترخيص الصيد الجديدة وارتفاع الضرائب على الصيادين وانتشار تآكل مساحة البحيرة بسبب التعديات وتجفيف البحيرة لصالح كبار رجال الأعمال، وكثرة المزارع السمكية بطول شاطئ البحيرة، حيث وصل عددها إلى 600 مزرعة سمكية خاصة، وتمتلك هيئة الثروة السمكية مرزعة واحدة فقط تمتلئ أروقتها بالفساد والتعدى على حقوق الصيادين. وأرجع الصيادون صعوبة إزالة التعديات الصادر بشأنها قرارات إزالة بالفعل بسبب سطوة وسلطة ونفوذ أصحاب المزارع، ومعظمهم من الفلول.
وطالب مركز الأرض رئيس الجمهورية المنتخب محمد مرسى ووزراء الصحة فؤاد النواوى والبيئة مصطفى حسين إسماعيل رضا والزراعة بسرعة التدخل لحل مشكلات الصيادين، قبل تدهور أوضاع البحيرة أكثر من ذلك.