كشفت وثائق عُثر عليها في مخبأ أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي قتل في باكستان ونشرت أنه كان يزدري جماعات تابعة لتنظيمه وأنه كان قلقا بصورة خاصة على صورة تنظيمه وأمنه. ونشر مركز محاربة الإرهاب وهو مركز أبحاث خاص في الاكاديمية العسكرية الأمريكية بوست بوينت على موقعه على الإنترنت 17 وثيقة أميطت عنها السرية بعد أن تم العثور عليها في المنزل الذي كان يعيش فيه بن لادن قبل أن تقتله قوات أمريكية خاصة منذ عام.
وجاء في تحليل للمركز أن بن لادن "لم يكن كما يعتقد كثيرون الرجل الذي يمسك بخيوط الدمى ليحرك جماعات الجهاد في شتى أنحاء العالم" وأنه كان "مثقلا بما يراه قلة كفاءة من جانبها"، وكان زعيم تنظيم القاعدة الراحل الذي كان وراء هجمات 11 سبتمبر عام 2001 على الولاياتالمتحدة قلقا على أمن العمليات وكان ينصح بعدم الالتقاء في الطرق.
وعبر بن لادن عن قلقه من موت مسلمين خلال عمليات القاعدة وأراد تجنيب النساء والاطفال الخطر، وفي رسالة غير مؤرخة في صيف عام 2010 أو أوائل الخريف طلب بن لادن تكليف فريقين أحدهما في باكستان والثاني في منطقة باجرام بأفغانستان برصد واستهداف طائرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما او الجنرال ديفيد بتريوس الذي كان قائدًا للقوات الأمريكية في المنقطة في ذلك الوقت.
ونبه بعدم استهداف جو بايدن نائب الرئيس الامريكي لانه لو رحل أوباما سيكون بايدن "غير مستعد تماما للمنصب وهذا سيدخل الولاياتالمتحدة في أزمة"، لكنه قال: إن قتل بتريوس "سيغير مسار الحرب"، والوثائق السبع عشرة هي رسائل بالبريد الإلكتروني ومسودات رسائل مجملها 175 صفحة بالعربية من سبتمبر 2006 إلى إبريل 2011.
وقال اللفتنانت كولونيل وليام كولنز مدير مركز مكافحة الإرهاب وأحد المشاركين في إعداد التقرير "بن لادن كان قلقا من قلة كفاءة جماعات تابعة للقاعدة مثل الاخفاق في كسب التأييد الشعبي وحملاتها الإعلامية التي تعوزها المشورة وعملياتها التي لا يتم التخطيط لها جيدًا مما أدى الى مقتل الاف المسلمين بلا ضرورة"، مضيفا: "ربما أكثر ما كشفت عنه الوثائق أهمية الاحباط الذي كان بن لادن يشعر به تجاه جماعات الجهاد، يبدو أنه كان يبذل جهدا مضنيا للسيطرة على أفعال تلك الجماعات التابعة للقاعدة وعلى تصريحاتها العلنية".
ويبدو أن بن لادن كان لا يقدر كثيرا أنور العولقي وهو داعية متشدد أمريكي المولد يتحدث الانجليزية بطلاقة اتهم بالتحريض على عدد من الهجمات العنيفة في اليمن وقتل في هجوم بطائرة أمريكية بلا طيار العام الماضي، وفي رسالة كتبها يوم 26 ابريل قبل اسبوع من مقتله تحدث بن لادن عن انتفاضات "الربيع العربي" التي أطاحت بزعماء في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى الحاجة إلى حث الشعوب التي لم تثر بعد وتشجيعها على التحرك ضد الحكام والنظم.
وكان مشغولا أيضًا بأفغانستان وكتب يقول ان الجهاد في أفغانستان فرض عين كما عبر عن قلقه من العمليات التي يعتزم "الاخوة في اليمن" تنفيذها باستخدام السم وأنه يجب أن يكون هناك دراسة لرد الفعل السياسي والاعلامي ضد المجاهدين "وصورتهم في أعين العالم"، وقبل مقتله في عملية سرية للقوات الأمريكية الخاصة أعطى بن لادن تعليمات عن طريقة معاملة رهائن فرنسيين يحتجزهم "إخوة في المغرب الإسلامي" وقال إنه إذا كانت هناك ضرورة لقتل الرهائن فيجب أن يحدث هذا بعد الأحداث في ليبيا لكنه اقترح أنه من الأفضل مبادلة امرأة رهينة والاحتفاظ بأقل عدد من الرهائن الرجال إلى ما بعد الانتخابات الفرنسية.
وكتب يقول إنه يجب مبادلة الضابط البريطاني الذي اعتقله "الإخوة في الصومال" "بسجنائنا"، وكتب بن لادن يقول إن أطفال "المجاهدين" الذين يعيشون في المدن هم من المسائل الأمنية بالغة الأهمية، ونصح بالإشراف عليهم دون إخراجهم من بيوتهم الا للرعاية الصحية، كما حث الآباء على تعليم أبنائهم اللغة المحلية حتى ينخرطوا جيدا في المجتمع.
وفي رسالة بتاريخ 20 أكتوبر عام 2010 عبر بن لادن عن قلقه من استهداف سيارات أعضاء التنظيم ونصح "الإخوة" بعدم الالتقاء في الطرق والتحرك بسياراتهم لأن كثيرين منهم يستهدفون أثناء لقائهم في الطرق أو دخولهم بسياراتهم إلى الأسواق، وعبر أيضا عن قلقه بشأن سلامة أحد أبنائه وقال إنه فيما يتعلق بحمزة وأمه يجب اتخاذ كل الإجراءات الأمنية المذكورة لإحباط مراقبته ونصح بعدم تحركه إلا وسط ضباب كثيف.