رغم أن هذه البرامج يفوز فيها مصريون فإنها ترفض أن تضع عبارة صنع فى مصر، برامج اكتشاف المواهب مثل أراب ايديول واراب جوت تالنت وستار أكاديمى تحقق أرباحا غير عادية للمحطات والقنوات التى تقدمها ومع ذلك فالقنوات المصرية ما زالت بعيدة عن تقديم هذه النوعية وحتى لو تجرأت قناة من القنوات لتقديمها لن تحقق المردود المالى والمعنوى الذى تحققه برامج القنوات العربية، مسألة محيرة رحنا نبحث لها عن أسباب فى هذا التحقيق. الدكتورة درية شرف الدين ترى أن وجود برامج ترفيه بهذا المستوى يمكن أن نراها على الشاشات المصرية لكن هناك اسباب كثيرة تمنعها الآن تقول عنها: من حيث المبدأ نعم نستطيع تقديم برامج ترفيهية كبيرة لكن للأسف الشديد الفضائيات الجديدة التى ظهرت بعد الخامس والعشرين من يناير لا تهتم إلا بالبرامج السياسية وهى المأساة التى وقعت فيها قنوات التليفزيون المصرى التى تفرغت تماما للبرامج السياسية وهو ما اثر عليها وسوف يؤثر عليها أكثر وأكثر وسوف يساهم فى انصراف الناس عن مشاهدة هذه القنوات، وحتى الفضائيات الخاصة التى أصبح لها أرضية عند الناس لا تغامر بمثل هذه البرامج رغم انها برامج مربحة ولكن فكرة ضخ مبالغ مالية ضخمة الآن فى برنامج ترفيهى ربما تكون صعبة على هذه الفضائيات وهو فى رأى مهمة التليفزيون المصرى الذى ينفق الملايين على انتاج المسلسلات خاصة أن مثل هذه البرامج اثبتت انه لو تم صناعتها بإتقان سوف تحقق ارباحا خرافية.
درية شرف الدين ترى ايضا أن الكفاءات ووجودها لا يمكن أن تكون عائقا امام تنفيذ مثل هذه البرامج وتقول: فى الاساس اغلب هذه البرامج تنتمى إلى برامج «الفورمات» وحتى لو تم الاستعانة بعناصر اجنبية وهو شىء لا يعيب أحدا لا مانع من ذلك والمهم أن يلتفت الناس لمثل هذه البرامج وبصفة خاصة التليفزيون المصرى الذى يتوجب عليه السعى لاكتشاف المواهب الغنائية وغيرها ولكن فى النهاية يبدو أن التليفزيون المصرى غير مهتم.
الملحن حلمى بكر احد الذين عملوا فى برامج اكتشاف الهواة داخل مصر وخارجها وهو يرى أن الفكر المصرى يعانى على اكثر من مستوى ويقول: فى عام 1970 حضرت برنامج انجليزى مشهور بعنوان «وجوه جديدة» «new faces» ووقتها شاهدت اصرار صناع البرنامج على النجاح وتقديم برنامج متكامل وهم يدركون جيدا اهمية مثل هذه البرامج فوجدتهم يشحنون كل الامكانيات المتوافرة لديهم ويقومون باحضار متخصصين فى كل شىء حتى ينجح البرنامج وينجح الفنان الذى يتم اكتشافه ايضا لكن ورغم اننا قدمنا برنامجا ناجحا هو «ستار ميكر» إلا اننا فى كثير من الأوقات لا يكون لدى القائمين على هذه البرامج رؤية واضحة وكل الذى يهمهم هو المكسب السريع فتراهم يكلفون البرامج بأقل التكلفة حتى انهم يحاولون التوفير واحيانا السرقة من الميزانيات بأى وسيلة وهم لا يدركون انهم اذا قدموا برنامجا قيما وكبيرا يمكن أن يكسبوا اضعاف اضعاف ما يتوقعونه، برنامج مثل اراب ايديول كسب 600 مليون دولار وبرنامج ستار اكاديمى فى اول ظهور له كسب 15 مليون دولار ونفس الحال مع «اراب جوت تالنت» وسوبر ستار وغيرها فاللبنانيون «شاطرين» ويعرفون جيدا كيف يكسبون على كل المستويات.
ويضيف بكر: البرامج المصنوعة فى مصر للأسف أيضا افرزت مجموعة من المطربين قامت شركات الانتاج بعمل عقود احتكار لهم لمدة طويلة ساهمت فى فشل هذه البرامج فمن يمكن أن يمضى عقدا لمدة ربع قرن الا فى مصر وهو شىء صعب جدا وللأسف أيضا نحن لا نجيد صناعة الترفيه المنظم ولا صناعة النجوم بصورة حقيقية وانظر ماذا تفعل القنوات المصرية الآن مع كارمن سليمان التى فازت مؤخرا فى برنامج أراب ايديول وتحاول هذه البرامج الاستفادة منها بكل الطرق ولا احد استقبل هذه الفتاة وحاول أن يرشدها إلى البداية الحقيقية التى تجعلها مطربة حقيقية.
الناقدة ماجدة موريس ترى أن الامكانيات المادية ليس وحدها السبب فى عدم وجود مثل هذه البرامج فى مصر وتقول : اعتقد أن الفضائيات الجديدة لديها امكانيات مالية عالية ولا أعتقد أن الأزمة لدينا فى الأموال والامكانيات المادية التى تمكنا من شراء مثل هذه الفورمات العالية ولكن الأزمة فى المهارات الجماعية التى تقوم بإدارة وإخراج وتقديم مثل هذه الأعمال والحقيقة أن هذه المهارات متوافرة وبشدة عند الإخوة فى لبنان فلديهم براعة غير عادية فى تقديم برامج المنوعات ولذلك تجد فى لبنان مثلا انتشارا لشركات إنتاج برامج كبيرة تقوم بشراء البرامج العالمية «الفورمات» والمنافسة لا تخرج ابدا من بين اللبنانيين.
وتضيف ماجدة موريس: اعتقد اننا نفتقد للثقة اللازمة لتقديم مثل هذه البرامج رغم أن المواهب الغنائية التى تكسب فى هذه البرامج من المصريين لكن أن نقوم بانتاج هذه البرامج اعتقد اننا نحتاج إلى اشياء كثيرة وليس المال فقط.