هل تنجح الحكومة فى إنقاذ سكان المناطق العشوائية المهددة للحياة خلال 6 أشهر؟ سؤال يشغل بال سكان هذه المناطق بالدرجة الأولى الذين يعيشون أوضاعا مأساوية، فحياتهم نفسها مهددة مع كل هبة ريح، أو موجة مطر غزير، فى ظل وعود حكومية، لا يبدو أنها مشجعة أو بإمكانها إعطاءهم بارقة أمل بمسكن أفضل، رغم أن الحكومة وفرت 250 مليون جنيه لإزالتها. «الشروق» فى هذا التحقيق رصدت ما أنجزته الحكومة حتى اللحظة فى ملف إزالة العشوائيات الخطرة، وإعادة تسكين المقيمين فيها فى مناطق آمنة، ثم عرضنا حصيلة هذا الرصد على خبراء ومعنيين بملف العشوائيات فى مصر لتحليل هذه الأرقام، وتقرير ما إذا كانت حكومة د.كمال الجنزورى، المهددة بالإقالة بين عشية وضحاها نجحت فيما وعدت به البسطاء من سكان هذا المناطق أم لا؟.
وطبقا للخطة القومية لتطوير المناطق غير الآمنة (المهددة للحياة) التى وضعها «صندوق تطوير المناطق العشوائية» التابع لرئاسة مجلس الوزراء لإعداد بدائل مختلفة للتطوير طبقا لدرجة الخطورة ينحصر التعامل مع المناطق ذات خطورة الدرجة الأولى المهددة للحياة فى ضرورة نقل السكان إلى وحدات سكنية متاحة لدى الدولة، سواء وزارة الإسكان أو المحافظات فى مناطق آمنة فورا كحل جذرى، وتشمل البدائل التعويض المادى، أو استخدام وحدات قائمة أو السكن المؤقت مع توفير أراضٍ لبناء الوحدات ذاتيا، أو صرف قيمة ايجار لمدة زمنية محددة لحين بناء وحدات ملائمة.
وبموجب هذه الخطة تعمل الحكومة على التخلص من 29 منطقة عشوائية ذات خطورة من الدرجة الأولى فى 6 محافظات، منها 25 منطقة على أملاك دولة، و3 مناطق أملاك خاصة، ومنطقة واحدة تابعة لجهات سيادية، وذلك حسب آخر حصر أجراه الصندوق فى 15 مايو لعام 2011، والذى تبين منه شمولها ل11 ألفا و452 وحدة سكنية عشوائية على مستوى الجمهورية.
جاءت محافظة القاهرة على رأس المحافظات التى توجد بها مناطق عشوائية من الدرجة الأولى حيث بلغ عددها 14 منطقة عشوائية بإجمالى مساحة 135.3 فدان، تم توفير 50 مليونا لتطويرها من موازنة الدولة الاحتياطية، بالإضافة إلى تخصيص 191 مليون جنيه تم صرف نصفها فى أعمال التطوير، على أن ينقل قانطوها إلى مبانى مشروع إسكان الدويقة الجديد، ومنطقة النهضة، بالإضافة إلى مشروع هرم سيتى فى منطقة 6 أكتوبر التى خصصت لها وزارة الإسكان 1500 وحدة سكنية فى «مشروع الأولى بالرعاية».
وحول ما تمت إزالته من هذه العشوائيات الخطرة فى القاهرة قال تقرير حديث صادر عن صندوق تطوير العشوائيات إن هناك منطقتين تمت إزالتهما بالفعل وهما (الدويقة 1) و(هضبة الحرفيين) بقسم منشأة ناصر، اللتان كانتا تضمان 11700 وحدة سكنية، وتم تعويض الأهالى بمساكن بديلة، كما أنه مازال يوجد 6 مناطق بقسم منشأة ناصر على أملاك الدولة تجرى بها حاليا أعمال الإزالة فى مناطق (وادى فرعون 1)، بإجمالى 2177 وحدة سكنية، ومنطقة (مركز الشباب) بإجمالى 578 وحدة سكنية، أما مناطق (جبل المقطم) و(أرض السماد) و(منطقة النرش)، ومناطق أخرى متفرقة، ومجموعها به 2723 وحدة سكنية لم تشملها أعمال الإزالة حتى الآن. ونفس الأمر ينطبق على منطقة (الأباجية) التى تضم 134 وحدة سكنية فى قسم الخليفة.
وحول تطوير عشوائيات مصر القديمة قال التقرير إن هذه المنطقة «تشمل 6 مناطق خطرة، منها 4 مناطق تجرى بهم أعمال الإزالة الجزئية، وهى (منطقة إسطبل عنتر1) بإجمالى 676 وحدة سكنية، و(عزبة خير الله) و(عين الخيالة 1) بمساحة 407 وحدات سكنية، ومنطقة (عزبة خير الله مجمع المدارس) بإجمالى 42 وحدة سكنية، و(عزبة خير الله الطريق الدائرى 1) بإجمالى 364 وحدة سكنية، وهناك منطقتان لم تشملهما أعمال الحصر بعد على أملاك خاصة وهما (بطن البقر1) بإجمالى 120 وحدة سكنية، ومنطقة (بطن البقر مجمع المدارس)، وتضم 20 وحدة سكنية. وقسم السيدة زينب تقع به مناطق قلعة الكبش على أملاك دولة بمساحة 1.7 فدان بإجمالى 267 ودة سكنية.
وفيما يخص أعمال تطوير المناطق العشوائية الخطرة فى محافظة الإسكندرية، قال التقرير يوجد بهذه المحافظة منطقتان عشوائيتان خطرتان، وخصص لإزالتهما 22.5 مليون جنيه، تم صرفهما بالفعل على أعمال الإزالة بالتنسيق مع المحافظ، الذى قرر نقل سكان تلك المناطق إلى مشروع ال«ايجى كاب» السكنى الذى يتضمن بناء 1200 وحدة سكنية مبدئيا بمنطقة العجمى على أن يكون ذلك فى يونيو المقبل.
وذكر التقرير أن المنطقتين هما (مناطق المحاجر الصينية) بالكيلو 21 و26 ومنطقة (الهانوفيل) فى العجمى بعدد 225 وحدة سكنية، حيث إن تلك المنطقة تجرى بها أعمال الإزالة، ومنطقة بحى العامرية، تسمى (خلف العرايس) على أملاك دولة بها 25 وحدة سكنية.
مدير وحدة الدعم الفنى وتنمية القدرات بالصندوق د. شريف الجوهرى أكد أن «حصر المناطق العشوائية الخطرة فى أسوان متوقف، وأن المناطق التى تم حصرها سابقا إجماليها 3 مناطق عشوائية مهددة للحياة، وذلك لرفض أهالى تلك المناطق عملية الحصر، نظرا للأوضاع الأمنية المتردية، وذلك بالرغم من توفير 33 مليون جنيه تكلفة الإزالة ل438 وحدة سكنية يتطلب إزالتها بشكل فورى، كما ينتظر التصديق من قبل هيئة الثروة المعدنية على الدراسة التى أجرتها جامعة جنوب الوادى لإعادة بناء مساكن بديلة للأهالى. ويشار إلى أن تجرى حاليا مفاوضات مع الأهالى بالتعاون مع نواب من مجلس الشعب لإقناع الأهالى ببدء الحصر الفعلى.
والثلاث مناطق منها منطقتان بمدينة أسوان هما منطقة خور عواضة وتشمل 78 وحدة سكنية، وعزبة الفرن تشتمل على 299 وحدة سكنية، ومنطقة واحدة بمدينة البصيلية البحرية وهى نجع السايح بإجمالى 61 وحدة سكنية.
بينما ستقوم محافظة جنوبسيناء بالتمويل الذاتى لمشروعات إزالة 5 مناطق عشوائية مهددة للحياة بها من الصندوق الاجتماعى حيث إنها لديها فائض مالى يسمح بالتخلص من عشوائياتها، حيث تجرى أعمال الحصر والدراسات التفصيلية حاليا للبت فى إمكانية تعويض السكان ماليا أم توفير مساكن بديلة.
ويوجد بجنوبسيناء 4 مناطق عشوائية من خطورة الدرجة الأولى على أملاك الدولة وهى منطقة الوادى بمدينة الطور وبها 310 وحدات سكنية، ومنطقة الرويسات بطن الجبل بمدينة شرم الشيخ وبها 21 وحدة سكنية، ومنطقة مجرى السيل بمدينة دهب بإجمال 450 وحدة سكنية، والطرابين بمدينة نوبيع بها 350 وحدة سكنية، بينما توجد منطقة واحدة أملاك خاصة وهى منطقة الحى الأول بمدينة أبو زنيمة وبها 750 وحدة سكنية.
كما يتم عمل دراسات تفصيلية لتطوير 4 مناطق مهددة للحياة من املاك الدولة بالبحر الأحمر من خلال هيئة الثروة المعدنية، وهى منطقة جبل العفش بمدينة الغردقة وبها 140 وحدة سكنية، ومنطقة العشش بالجبل بمدينة رأس غارب وبها 664 وحدة سكنية، ومنطقتا زرزارة وسفاجا البلد بمدينة سفاجا 525 وحدة سكنية.
وجاءت محافظة كفر الشيخ بمنطقة واحدة ذات خطورة من الدرجة الأولى تابعة لهيئة السكة الحديد وهى منطقة دريسة السواقين بمدينة قلين 46 وحدة سكنية، وتم تخصيص 5 ملايين جنيه لعمليات الإزالة الفورية على أن يعوض الأهالى بتعويضات مادية أو مساكن بديلة. وفى سياق متصل خاطب الصندوق رئاسة الوزراء لتكليف الجهات المعنية بخطة فورية وعاجلة للانتهاء من توفير الخدمات الخاصة التى لا تتوافر فى اماكن السكن البديلة التى وفرتها الحكومة لأهالى العشوائيات كمنطقة 6 اكتوبر، التى تواردت منها بعض الشكاوى لتناقص الخدمات بها كالخدمات الصحية وأنظمة جمع القمامة.
6 أشهر رقم «عشوائى»
من جانبه وصف مدير مركز الدراسات الاقتصادية د. صلاح جودة المدة الزمنية التى أقرتها الحكومة لتطوير العشوائيات بال«عشوائية»، حيث إنها رقم لا يوجد به أى نوع من الدراسة السليمة ويضع الحكومة أمام تحديات شديدة «غير قادرة عليها حاليا» على حد تعبيره، موضحا أن إزالة تلك المناطق تتطلب دراسات دقيقة من عدة نواحٍ منها الناحية الأمنية «هذه المناطق من أهم البؤر الرئيسية لإفراز العناصر الخارجة على القانون والبلطجية، مما يتطلب عمل دراسات أمنية دقيقة قبل إزالتها».
وأضاف الخبير الاقتصادى قوله «التطوير يحتاج خطة اقتصادية متكاملة تشمل إيجاد حلول وفرص عمل للعمالة المعطلة بتلك المناطق، ففى حالة عدم حدوث ذلك فنحن نضع أنفسنا أمام مشروع عشوائى جديد». واستبعد جودة أن تطبق تلك الخطة بأكملها فى 6 أشهر، مرجعا السبب فى ذلك إلى المشكلات والعراقيل التى تواجهها حكومة د.كمال الجنزورى حاليا، مما جعلها تتخبط فى صدور قراراتها.
واتفق مع جودة، د.جوزيف شكلا، منسق شبكة حقوق الأرض والسكن بالاتحاد الدولى للموئل، واصفا المدة الزمنية التى أقرتها الحكومة لتطوير العشوائيات الخطرة ب«المبالغ فيها»، حيث إنه «لا توجد أى دلائل على القدوم فيها حتى الآن، والحكومة الحالية تضع نفسها فى مأزق»، على حد قوله.
وأرجع جوزيف رأيه إلى أن «الحكومة حتى الآن لم تتخذ الخطوات الفعالة للتعامل مع ظاهرة العشوائيات والتى ترتكز على مبدأين حسب رأيه الأول يتمثل فى مشاركة أهالى تلك المناطق والتشاور معهم ودراسة متطلباتهم واحتياجاتهم والعمل على تنفيذها من خلال تقوية البنية الأساسية، والثانى يتمثل فى الخطو نحو الحكم المحلى الديمقراطى بعيدا عن الحكم «السلطوى»، مشيرا إلى أن «جميع الجهود التى تبذلها الحكومة قد لا يوجد طائل منها بسبب عدم الأخذ بهذه المبادئ».
