اعتبر المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة: "أن تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع أول دستور دائم لمصر بعد الثورة، والتي تتكون من مائة شخص، 50% منهم من أعضاء البرلمان بغرفتيه الشعب والشورى، و50% من النقابات والهيئات والاتحادات والشخصيات العامة، بمثابة عمل برلماني لا يرتقى إلى مرتبة التشريع". وأضاف المركز العربي، في بيان أصدره اليوم الأحد، تحت عنوان انقلاب برلماني: "أن هذا يعد انحرافا بالتشريع عن مساره الحقيقي ويعكس سيطرة الأكثرية البرلمانية على أمور ما كان يجب أن تحكمها المغالبة، وأن هذا القرار يمثل خطورة شديدة على مستقبل المؤسسات الدستورية".
وأشار البيان إلى: "أن ما حدث يعد مخالفة لنص المادة 60 من الإعلان الدستوري التي تنص على أن يقوم البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى بانتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، حيث أن المشرع الدستوري أناط بالبرلمان عملية انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية فقط، بحيث يقوم البرلمان بوضع قواعد ومعايير اختيار أعضاء اللجنة بحيث يكون البرلمان جمعية ناخبين للجنة التأسيسية وليس منتخبين في اللجنة".
ويرى المركز في بيانه: "أن استحواذ الأكثرية البرلمانية ذات الطابع السياسي على تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور وفقا لأيدلوجياتها وتوجهاتها السياسية، هو أمر يتعارض مع كون الدستور وثيقة يجب أن تصدر بالتوافق المجتمعي، بحيث تجمع اللجنة التأسيسية المعنية بوضع هذا الدستور في تكوينها كافة الأطياف الفكرية والسياسية وتعبر تعبيرا دقيقا عن كافة أطياف المجتمع المصري بمراعاة التوزيع الجغرافي والمساواة، لا أن تصدر بالمغالبة السياسية لتيار ما في مجلس الشعب، قد يمثل الأكثرية الآن وقد لا يمثلها في الانتخابات البرلمانية القادمة.
وأضاف البيان: "من الناحية الدستورية فبحسب ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية العليا بأنه من غير المقبول سياسيا أو دستوريا أن تستأثر بتشكيل لجنة وضع الدستور القوى السياسة التي ستمتلك مواقع التأثير في البرلمان المقبل، لأن الدستور وثيقة توافق وطني لا يجب أن تنفرد بها أغلبية حزبية، ولأن الأغلبية الحزبية اليوم قد تكون أقلية غدا أما الدستور فوثيقة دائمة، ولأن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور هي أعلى في المرتبة من السلطات التي ينظمها الدستور ومنها البرلمان فكيف يكون تشكيل الهيئة الأعلى بواسطة هيئة أدنى؟".
وعبر المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، عن دهشته حيث ممن يقوم بانتخاب اللجنة التأسيسية يصبح هو المرشح والناخب في ذات الوقت، وينتخب نفسه، بالمخالفة للأعراف الدستورية المعمول بها في اختيار اللجنة التأسيسية"، مشيرا إلى: "أن هذا القرار يثير العديد من الإشكاليات القانونية التي قد تؤدى إلى سقوط الدستور بعد إصداره، وتهديد مؤسسات الدولة الدستورية خاصة أن هناك العديد من الطعون القضائية بشأن صحة عضوية العديد من أعضاء البرلمان الحالي".
وتابع المركز: "في حالة الحكم بعدم صحة عضوية أحد الأعضاء يصبح الدستور مهدداً، كما أن المحكمة الدستورية العليا تنظر طعناً محالاً لها من المحكمة الإدارية العليا بشأن عدم دستورية بعض مواد قانون مجلس الشعب وهو أيضا يهدد الدستور الجديد في حال حكم المحكمة بتأييد عدم دستورية بعض المواد في قانون المجلس، بالإضافة إلى تهديد البرلمان المصري نفسه، بحكم قد يصدر بحله، لاسيما وأن هناك سابقتين للمحكمة الدستورية العليا في مصر في إصدار إحكام نتج عنها عها حل مجلس الشعب".
وطلب المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، في ختام بيانه، من البرلمان المصري بالتراجع الفوري عن قراره، الذي يمثل بحسب رؤيته انحرافا بالتشريع، مع انتخاب اللجنة التأسيسية من خارج مجلسي الشعب والشورى، لضمان وجود جمعية تأسيسية تجمع كافة أطياف المجتمع ولوضع دستور لا يراعى المصالح السياسية والحزبية على مصالح الدولة.