لحظات ويبدأ الفنان كرم مراد، وفرقته فى العزف والغناء.الحضور معجب بزى الفرقة النوبية، منتشٍ بالاستماع إلى الأغانى والموسيقى الآتية من الجنوب. لكن هناك شيئا ما وعنصرا مفقودا فى هذه الليلة الرائقة، العنصر يعرفه الذين حضروا هذا الحفل من قبل، حفل ختام سميبوزيوم أسوان الدولى للنحت.
الموسيقى والغناء، كان ينقصهما عاشق الحياة والفن، صلاح مرعى، أو «محب السيمبوزيوم» كما أسموه هناك، لم يكن يحتمل هذه الحالة جالسا، فتجده يخطف أقرب عصا ويذهب فى وصلة رقص طويلة.
غاب عبقرى الديكور والإضاءة فى ختام الدورة السابعة عشر للسيمبوزيوم أمس الأول، لأنه رحل عنا منذ شهور، فراح القائمون عليها يهدونها إلى «روحه الغالية»، بتعبير الفنان الكبير آدم حنين.
«منذ البداية كان دوره أساسيا فى مسار هذا السيمبوزيوم، وفى نجاح دوراته عاما بعد عام، مازلنا نشعر بوجوده وبروحه الطيبة التى انطبعت فى نفوس الجميع». يقولها آدم قبل أن يشكر د.رحمة منتصر زوجة صلاح مرعى لحضورها حفل الختام، الذى جاءه مصطفى السيد محافظ أسوان والمهندس محمد أبوسعدة مدير صندوق التنمية الثقافية، الجهة المنظمة للسيمبوزيوم، وحسن خلاف مدير مكتب وزير الثقافة والفنان أحمد نوار عضو اللجنة العليا للنشاط والكاتب صبحى الشارونى.
وفى مكان بالقرب من الأعمال التى لم تنقل بعد إلى المتحف، كانت صورة عملاقة لصلاح مرعى، فى زى فارس عربى وسيم، فبدا كأنه «ساحر الصحراء» بطل رواية باولو كويلهو الأشهر، وراح الحضور فى أخذ صور تذكارية بجانب صورته المهيبة.
سيمبوزيوم هذا العام شارك فيه 8 من فنانى النحت: أكرم المجدوب وحورية السيد ومحمد زيادة ومحمد عبدالله من مصر، أوسكار كومندادو من كوبا، كامين تانيف من بلغاريا، ميجيل إيسلا وناندو ألفاريز من إسبانيا.
أيضا هناك شباب الفنانين، علاء عبدالحميد وكمال الفقى ومريم فرهام، الذين شاركوا فى ورشة العمل على هامش السيمبوزيوم، وهى شكل من التدريب للنحاتين الشباب، الذين سوف يلتحقون بالسيمبوزيوم فى الدورات المقبلة، كما حدث مع فنانين سابقين.
ولأن تصنيف هذا السيمبوزيوم هو الثانى من نوعه على مستوى العالم بعد نظيره الكورى، كان مهما أن يتم إقامته فى موعده رغم تخوف إدارته والفنانين المشرفين عليه من الاضطرابات الحاصلة، يقول آدم حنين فى كلمته بحفل الختام: «كان هذا تحديا أمام المعوقات التى تمر بها البلاد، وتحديا أمام رعب الانفلات الأمنى الذى تصدره لنا الآلة الإعلامية بشكل مبالغ فيه».
وآدم يتمنى تحول السيمبوزيوم من نشاط يقيمه صندوق التنمية الثقافية، إلى هيئة مستقلة: «لكن ده عايز حرب، وانا راجل ضعيف»، يقولها ضاحكا، «أنا مليش فى الطلبات الرسمية والحاجات دى، أنا بعمل شغلى وبس».
«لا يفوتك زيارة المتحف المفتوح»، النصيحة من الجميع.
جبل، أعلاه مسطح شاسع، تنقل إليه أعمال الفنانين سنة بعد أخرى، نسقها صلاح مرعى، دون تشذيب هذا المسطح.
الجبل يتطور عاما بعد آخر، ويزيد «دملكة»، مع كل عمل يضاف إليه، وكانت فكرة المعمارى والنحات أكرم المجدوب، ملائمة، وساهمت فى هذا التطور، فهو منذ عامين تقريبا يعكف على عمل «جاليرى» مفتوح فى مكان ما بالجبل، لتوضع به المنحوتات الصغيرة، ويبقى هذا الجاليرى عملا فنيا مستقلا، فى مكان أشبه بمحمية طبيعية فنية.
وتأبى الطبيعة ألا تكون جزءا من المشهد، فتتآمر الشمس والصحراء، مع النيل ومسطح أخضر، لتصير خلفيات رائعة، للوحات ممتدة حتى الأفق.