«القوى الإنتاجية محدودة النمو» و ان تركت على حالها تصبح فى بدء مراحل الركود ، هكذا وصف، كمال الجنزورى، رئيس الوزراء، فى بيانه أمام البرلمان أمس الأول الوضع الاقتصادى الحرج الذى تشهده مصر. ووفقا لرؤية الحكومة يستطيع الاقتصاد النمو بنحو 7% فى العام المالى المقبل، الا أن تفاصيل خطة تحفيز هذا النمو، وكيفية تدبير تمويل لها، لم تتضح فى البيان المطول، الذى اكتفى فى الكثير من الأحيان بتعبيرات عاطفية كالحديث عن «شحذ الهمم»، ودعوة الشباب للعمل وتصويرهم بأنهم لايزالون عازفين عن «العمل فى القطاع الخاص»، هذا بخلاف التناقضات والبيانات الخاطئة، والحديث عن خطط وأهداف قديمة باعتبارها إضافة جديدة تطرحها الحكومة فى البيان الذى ألقاه رئيس الوزراء أمس الأول، على نواب برلمان ما بعد الثورة. ما بين تحفيز النمو وتحقيق أهداف الثورة فى العدالة الاجتماعية، تدور الرؤية الاقتصادية للحكومة كما عرضها رئيس مجلس الوزراء كمال الجنزورى أمام البرلمان أمس الأول، وهى الأهداف التى يسعى الجنزورى لتحقيقها معتمدا على توسع الدولة فى عدد من المشروعات القومية، فى الوقت الذى تستهدف فيه الحكومة تطبيق سياسة انكماشية تنخفض بعجز الموازنة إلى 7.7% فى العام المالى 2013 2014، ولم توضح الحكومة فى بيانها بشكل كاف كيف ستحقق تلك المعادلة الصعبة.
«عملت الحكومة منذ الوهلة الأولى على أن تعبر بالوطن إلى بر الأمان.. داعمة لكل ما من شأنه أن يسهم خلال مدتها المحددة والمحدودة فى تحقيق الرفاهية والحرية والعدالة الاجتماعية للمواطن» هكذا كان تقييم رئيس الوزراء كمال الجنزورى للأشهر السابقة لحكومته التى أتت على خلفية تغييرات متتالية للحكومات الانتقالية بعد الثورة بسبب عدم الرضا الشعبى.
إلا أن تفاصيل السياسات الاجتماعية كما عرضتها الحكومة قد تكون بعيدة عن شكل العدالة التى ينشدها العديد من المواطنين، فعلى سبيل المثال أشار الجنزورى إلى رفع الحكومة لمعاش الضمان الاجتماعى من 150 إلى 200 جنيه، بتكلفة 800 مليون جنيه، إلا أنه بالنظر لمتوسط نصيب المواطن فى هذا المعاش، البالغ 27 جنيها، وفقا لتقديرات مركز الأهرام للدراسات السياسية، تتضح الحاجة الماسة لزيادته بقيم أكبر.
ويراهن الجنزورى على انطلاق النمو الاقتصادى خلال الفترة المقبلة لتحسين حالة المواطن وتخفيض البطالة، حيث يتوقع أن يتراوح نمو الناتج المحلى فى العام المالى 2012 2013 ما بين 3% إلى 4%، وألا يقل فى السنة التالية عن 6 أو 7% و«يتزايد باستمرار».
«هذه رؤية غير واقعية فما تبقى من العام المالى الحالى ليس كبيرا ولا يزال الاقتصاد متباطئا وعناصر القلق فى البيئة الاستثمارية مستمرة، ولو استمررنا فى نفس أجواء التوتر السياسى الحالية وغياب الرؤية الاقتصادية لن يزداد النمو فى العام التالى» كما ترى ماجدة قنديل، رئيسة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية.
ويقول الجنزورى إن «الرؤية المتفائلة للحكومة تم بناؤها على أساس ثقتها فى إمكانيات الاقتصاد المصرى، وكانت المشروعات القومية هى أبرز تلك الإمكانيات الكامنة التى ركز عليها الجنزورى فى بيانه أمام البرلمان ك«ترعة الحمام فى غرب الدلتا التى لم تطلق فيها المياه وتركت لتردم أجزاء منها رغم أن استغلالها يزيد المساحة الزراعية بنحو 148 ألف فدان فى الساحل الشمالى»، مؤكدا أنه من الممكن جنى الثمار بعد هذه المشروعات على الأجل القصير لأنها توقفت وهى فى طور التنفيذ. وتتساءل قنديل كيف نوفر تمويلا للمشروعات القومية ونحن نرشد العجز فى الوقت الحالى حتى نستطيع الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى لتغطية فجوة التمويل الخاصة بالالتزامات الحالية للدولة؟.
ولم يشر رئيس الوزراء إلى كيفية تدبير الموارد لاستكمال هذه المشروعات باستثناء إشارته إلى إمكانية استغلال آلية المشاركة بين القطاعين العام والخاص، كآلية لتمويل البنية الأساسية، وإشارته أيضا إلى بعض آليات التمويل المستحدثة بعد الثورة لتغطية عجز الموازنة مثل طرح صكوك مالية على المصريين فى الخارج.
وتراهن الحكومة أيضا على تنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر لتخفيض معدلات البطالة، واعتبرت الحكومة فى تقييمها لأدائها فى هذا المجال أنه «تم الاهتمام بالصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتوفير التمويل اللازم» ومن مظاهر هذا الاهتمام كما يتضح فى البيان توفير تمويل لتلك المشروعات بقيمة 200 مليون جنيه.
«المشروعات الصغيرة من أنسب الأنشطة التى تستطيع حكومة انتقالية تحفيزها لمساندة الاقتصاد على الأجل القصير، ولكن ليس معقولا أن تساند الحكومة هذا القطاع ب 200 مليون جنيه، فهذه قطرة فى بحر ما تحتاجه تلك المشروعات» تقول قنديل.