ترجع غالبية القطع الأثرية المستعادة التي تعرضها هيئة السياحة السعودية في الرياض حاليا إلى عصور ما قبل الإسلام وتؤكد تفاعل الحضارات التي ازدهرت في مختلف مناطق الجزيرة العربية. وقد تمكنت المملكة من استعادة آلاف القطع الأثرية من الحضارات المتعاقبة على أراضيها بعد أن تم إخراجها من البلاد خلال مرحلة الاستكشافات، أو عثر عليها مواطنون واحتفظوا بها قبل إعادتها لاحقا.
وتتوزع القطع المستعادة على قاعتين في دارة الملك عبد العزيز، إحداهما للآثار المستعادة من الداخل والأخرى لتلك المستعادة من الخارج. وقد أعاد بعض الأمريكيين الذين عملوا في السعودية قبل عقود قطعا أثرية كانوا عثروا عليها أثناء تجوالهم في الصحراء أو المناطق النائية.
وقالت الينر نيكول "كنت غالبا ما أتجول برفقة زوجي الذي عمل لدى آرامكو بين العامين 1956 و1970 في الصحراء وخصوصا في المنطقة الشرقية حيث عثرنا على قطع أثرية غير كاملة مثل رؤوس سهام، وأوان فخارية".
وأضافت "عثرنا على أحجار لطحن الحبوب في مدائن صالح تعود إلى الحقبة النبطية كما عثرنا على نقشين في تيماء، قرب تبوك، بطول قدمين من القرن الثامن قبل الميلاد". وتابعت "وضعنا القطع في عدة صناديق عندما رحلنا لكننا قمنا بإعادتها الآن". وختمت نيكولز ضاحكة "أخذنا القطع بالإعارة ولم نسرقها".
وفي قاعة الآثار المستعادة من الخارج بعض النماذج مثل "مسلة تيماء" المحفوظة في متحف اللوفر الفرنسي وهي عبارة عن نقش باللغة الآرامية يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد، إضافة إلى أحجار عليها آيات قرآنية كتب بعضها بالخط الكوفي.
وفي المعرض أحجار من المرمر عليها أشكال بشرية تعود إلى عصور ما قبل الإسلام، تتراوح أحجامها بين 30 و15 سنتم، إضافة إلى تماثيل رؤوس بشرية من الحجر الرملي تعود إلى القرن السادس قبل الميلاد عثر عليها في منطقة العلا (شمال غرب المملكة)، وهناك شواهد حجرية عليها كتابات بالخط اللحياني عثر عليها في المنطقة ذاتها.
وفي المعرض أيضا "كنز الشعيبة" وهو عملات فضية إسلامية تعود لما بين العامين 1235 و1350 من العصرين الأيوبي والمملوكي عثر عليها أمريكي في سفينة غارقة في ميناء الشعيبة بمنطقة مكة العام 1994.
وترجع غالبية القطع المعروضة في هذه القاعة إلى عصور ما قبل الإسلام وبينها العديد من الأواني الفخارية والنقوش التي عثر عليها في المنطقة الشرقية فضلا عن رؤوس فؤوس حجرية تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد عثر عليها في ينبع، غرب المملكة.
وعرض القائمون كذلك 16 صورة كبيرة ملونة لمواقع أثرية مشوهة بكتابات أو طالتها أعمال التخريب إضافة إلى لوحات تعريف بالآثار المستعادة في متاحف قصر المصمك بالرياضومكة والطائف والعلا والإحساء وتيماء ونجران والجوف وجازان.
أما قاعة القطع المستعادة من الداخل، فهناك مجموعة تماثيل بشرية صغيرة الحجم وأخرى لرؤوس حيوانات قدمها رئيس الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز، ومجموعة عملات ذهبية ولوحة من البرونز مكتوبة بإحدى اللغات القديمة قدمها ولي العهد الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز.
ويوجد في القاعة العديد من النقوش الثمودية التي تعود إلى القرنين الأول والثالث قبل الميلاد، بالإضافة إلى تماثيل رؤوس بشرية عديدة من المرمر تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد عثر عليها في منطقة نجران، جنوب المملكة.
وهناك أيضا نقوش وفخاريات وأحجار للطحن من بدايات العصور الإسلامية بالإضافة إلى مجموعة عملات ذهبية وفضية من مختلف العصور الإسلامية.
ويضم المعرض نقوشا تعود للقرن الأول قبل الميلاد من الحقبة النبطية عثر عليها في تبوك وتيماء، ومجسمات لرؤوس بشر وحيوانات من القرن الثاني قبل الميلاد، ومن أبرز المعروضات تمثال لرأس بشري من البرونز يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
وأعلن رئيس هيئة السياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز استعادة أكثر من 14 ألف قطعة أثرية من الخارج والداخل "تمثل التعاقب التاريخي في أرض المملكة على مدى العصور وما قبل التاريخ".
وقال، على هامش المعرض مساء السبت، إن "القطع المعروضة الآن لا تمثل شيئا مقارنة مع الأخرى" موضحا أن "القطع المستعادة من الخارج لم تكن كلها ناجمة عن عمل طوعي".
وتابع أن "تراثنا جزء من هويتنا الوطنية، وفقدان أي عنصر منه يعد فقدانا لجزء من ثقافة البلاد، وخسارة لا يمكن تعويضها"، موضحا أن "هناك 11 متحفا وطنيا قيد الإنشاء في المملكة"، مشيرا إلى "وجود 24 فرقة للتنقيب تعمل في المواقع الأثرية حاليا بموجب اتفاقات". كما أشار إلى "العمل على تحويل أربعين قصرا للدولة إلى متاحف". ويستمر المعرض الذي بدا مساء السبت لمدة شهر.