داخل مكتبة البلسم بالدقى مجموعة من الأطفال، ينظرون فى سعادة لأراجوز يظهر من وراء ساتر «بارافان» مكتوب عليه جملة «أراجوز الثورة». وراء الساتر، تجلس أمينة زكى التى تتقمص الصوت المميز للأراجوز وتستعد لسرد حكاية اليوم. «كان فيه شباب اسمه الألتراس. مالهمش كبير غير من جواهم، وزيتهم فى دقيقهم وما حدش يعرف عنهم حاجة»، وهذه هى الأسباب التى تجعل الحكومة تكرههم، لخوفها الغريزى من أى مجموعة غير مخترقة أمنيا، كما يقول الأراجوز بألفاظ مبسطة وبصوت مضحك.
تعمل أمينة فى الأساس كمصممة «جرافيك» حرة تعمل بالتعاقد المؤقت، ولأن فرص العمل ليست متاحة بكثرة، فهى تعمل فى مركز اتصالات وخدمة عملاء. «طول عمرى بحب الأراجوز، ومش عارفة ليه الإنسان ميقدرش يشتغل أراجوز»، تروى أمينة أن أثناء دراستها الابتدائية كان الترفيه فى المدرسة هو فقرة الساحر والأراجوز. لكن منذ أن وصلت للصف الخامس الابتدائى، تغيرت الفقرة لتصبح عرضا كاملا للساحر، دون الأراجوز الذى توارى واختفى حتى قارب على الانقراض.
منذ 3 أشهر، كتبت أمينة بحسابها على موقع «تويتر» أنها تتمنى أن تبدأ فى تقديم عرض أراجوز بأى مكان يرغب باستضافتها، وجاءها الرد بالموافقة من مكتبة البلسم. قدمت أمينة منذ ذلك الحين 4 عروض فى القاهرة والإسكندرية.
«المهم يا سيدى، حصلت الثورة. ويوم 25 يناير الساعة 12 بالليل الداخلية نزلت عشان تضرب اللى فى الميدان. يقوم مين اللى يقفلهم؟ الألتراس. عشان همه شباب جدعان ما بيخافوش من حد وما بيهمهمش الضرب»، يكمل الأراجوز حكاية الألتراس والداخلية.
تقول أمينة إن الأطفال من سن العاشرة يفهمون الحكايات جيدا ويستوعبون مضمونها. الأطفال الأصغر سنا يستمتعون فقط بجو الجلسة المسلى وصوت ومنظر الأراجوز. مواضيع حكايات الأراجوز فى العروض السابقة كانت المحاكمات العسكرية وقصة الناشط علاء عبدالفتاح، والتعذيب فى السجون وقصة عصام عطا، ثم قصة مذبحة ماسبيرو والشهيد مينا دانيال.
أما هذه المرة، فالحديث عن الألتراس والخرطوش والناشطة سلمى سعيد، التى تعرضت للضرب بالخرطوش 3 مرات، واخترقت عشرات الكرات المعدنية البطن والمثانة والأقدام والوجه.
«محيط وزارة الداخلية ده بقى كبير وبيتمدد ويتمدد لحد ماوصل باب اللوق، ويارب يلحقوه قبل مايوصل السودان وأثيوبيا»، يروى الأراجوز حكايات أمينة حين شاركت فى المظاهرات الأخيرة فى وسط البلد، والتى فرقتها الشرطة بالمصفحات والخرطوش والغاز وطاردت المتظاهرين على مسافة كيلومتر كامل بعيدا عن الوزارة، رغم الادعاء بأن الهدف من التفريق هو حماية الوزارة من محاولات اقتحام.
تقول أمينة إن الأراجوز هو وسيلة اعتراض شعبية ضد السلطة وسبق اختراع الصحافة، وأن العهد الحالى يشهد الكثير من التضليل الإعلامى وقمع السلطة للرأى الحر، مما يجعله عهدا مثاليا لعودة الأراجوز.
يبدأ الأراجوز فى سرد حكاية اعتصام أعضاء مجلس الشعب، «ويقوم الكتاتنى يقطع عنهم الأكل والشرب، ويقول لك اللى يخرج ما يدخلش تانى، رغم إن الراجل ده كان متصور بالتريننج وهو معتصم فى المجلس زيهم سنة 2009».
ينتقل الأراجوز بسلاسة من الحديث عن الداخلية والألتراس إلى استخدام الخرطوش والغاز، إلى نقد الإخوان المسلمين والسخرية من مرشح الرئاسة المحتمل أحمد شفيق. تقول أمينة إنها فقط تضع فكرة عامة وتبدأ فى السرد والارتجال دون سيناريو محدد. تنتهى فقرة الأراجوز بعد ساعة كاملة، والبسمة مرسومة على وجوه الكبار قبل الصغار. تمسك أمينة بدلو صغير وتدور على الجمهور وهى تقول، «شخشخ جيبك عشان الأراجوز».