«الحل الأساسى لمواجهة نزيف الاحتياطى الأجنبى فى مصر أمنى وسياسى، وليس اقتصاديا، فالاقتصاد لن ينتعش إلا بعودة الأمن إلى الشارع وتحديد رؤية سياسية واضحة تطمئن المستثمرين»، هكذا يرى مصدر مسئول فى البنك المركزى، طلب عدم نشر اسمه، فى تصريحات خاصة ل«الشروق». واعتبر مسئول المركزى أن تراجع الاحتياطى، وإن كان كبيرا، إلا أنه يبدو طبيعيا فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد، «كثير من دول العالم النامى التى مرت بظروف مشابهة استخدمت الاحتياطى الخاص بها لمواجهة الأزمات، وسرعان ما استعادت عافيتها وهذا أيضا ما حدث فى مصر فى عام 1990».
كان الاحتياطى من النقد الأجنبى قد فقد فى شهر نوفمبر مليارى دولار إضافية ليصل إلى 20.150 مليار دولار، بعد أن كان 36 مليار دولار فى ديسمبر الماضى حسبما أعلن البنك المركزى على موقعه الالكترونى أمس الأول.
ويؤكد صندوق النقد الدولى، فى دراسة له تحت عنوان «تحديد ملاءة الاحتياطات النقدية»، الصادرة فى فبراير 2011، أن دول العالم، النامية منها والمتقدمة، تسعى لزيادة حصيلة النقد الأجنبى فى سنوات الرخاء الاقتصادى، ليكون سلاحا لها وقت الأزمات الطارئة التى تتعرض لها. وهذا ما يعنى، وفقا لمعدى الدراسة، أن تراجعه فى وقت الأزمة لا يعتبر خطرا كبيرا ولا يعبر عن سياسة خاطئة.
كان الجنيه، عقب أحداث التحرير الأخيرة فى 19 نوفمبر، قد وصل إلى أدنى مستوى له منذ 2005، عندما بلغ سعر الدولار 6.03 الجنيه، وكان معدل التضخم السنوى الإجمالى قد انخفض إلى 7.5% فى أكتوبر 2011 مقارنة ب 8.8% فى أكتوبر 2010.
واعتبر مصدر المركزى أن «البنك قام بدوره على أتم وجه حتى الآن، ولكن مع هذا التراجع الكبير لحجم الاحتياطى، قد نضطر إلى التفكير فى العدول خلال الأشهر القليلة المقبلة عن مساندة سعر الصرف، وهذا سيكون له أضرار أكبر يجب تداركها على مستوى الحكومة بأكملها، فيجب صياغة رؤية اقتصادية تنجح فى التسريع بإعادة ضخ العملة الأجنبية من خلال الاستثمارات وعودة السياحة».
كانت الهيئة العامة لقناة السويس قد قررت الأسبوع الماضى زيادة رسوم السفن المارة بالقناة 3%، على أن تطبق من أول مارس المقبل، وهو ما قد يوفر 250 مليون دولار إضافية لخزانة الدولة.
ومن جانب آخر، يوضح عبدالرحمن فوزى، مستشار وزير الصناعة والتجارة الخارجية، ل«الشروق»، أن الوزارة كانت تدرس اتخاذ بعض الإجراءات من أجل حماية الصناعة المحلية، والتى ستوفر فى النهاية موارد من العملة الأجنبية. ومن ضمن هذه الإجراءات، التى لم تفعّل بعد، فرض رسوم على الواردات الأجنبية، بالإضافة إلى إجراء بعض التعديلات الخاصة باتفاقيات مصر التجارية من خلال منظمة التجارة العالمية. «ولكن نحن فى انتظار حلف اليمين للوزارة الجديدة، لتفعيل استراتيجيه الوزارة».
وتتفق فائقة الرفاعى، وكيل محافظ البنك المركزى الأسبق، مع أهمية عودة الأمن والأمان بسرعة إلى السوق المصرية لتعويض هذه الخسائر، مؤكدة ضرورة إعادة فتح جميع المصانع المغلقة واستعادة جميع الوحدات الإنتاجية القائمة العمل بكامل طاقاتها الإنتاجية، بالتوازى مع تطبيق بعض السياسات التى توفر موارد للدولة مثل تطبيق الضرائب التصاعدية، وسرعة إلغاء الدعم الموجه للمصانع وهيكلة الدعم.