فى مثل هذا الوقت من العام الماضى، جرت أكبر عملية تزوير للإرادة الشعبية فى مصر بإشراف الحزب الوطنى المنحل ورموزه وقياداته فى الانتخابات البرلمانية 2010، والتى تعد بحسب الكثير من الخبراء والمحللين السياسيين أحد أهم الأسباب التى أدت إلى ثورة 25 يناير، كما جرت أكبر عملية تزوير ضد الإخوان، انتهت بفشل أى من مرشحيهم فى النجاح، عدا مرشح واحد أنجحته أجهزة الأمن «لإكمال الديكور البرلمانى». وبعد أشهر قليلة من البرلمان المزيف.. أتت الثورة لتبدل المشهد، فحزب الحرية والعدالة الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين فى طريقه إلى حصد أغلبية داخل مجلس الشعب القادم، بعد أن أعلنت نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات بفوز الحزب بنسبة تخطت ال 40 % من مقاعد البرلمان القادم.
«الشروق» رصدت العديد من المفارقات بين برلمان 2010 وبرلمان 2011، فبعد أن كان الإخوان يجلسون ومعهم المستقلون ونواب المعارضة على يسار فتحى سرور، الذى كان يترأس المجلس وقتها، قبل أن يترأس برلمان طرة فى مرحلة ما بعد الثورة، حيث يقضى فترات الحبس الاحتياطى على ذمة القضية المعروفة إعلاميا باسم «موقعة الجمل»، ويجلس نواب الحزب الوطنى المنحل على يساره. ينتقل اليوم نواب الإخوان من اليسار المعارض إلى مقاعد اليمين صاحب الأغلبية، كى يجلسوا على يمين المستشار محمود الخضيرى، الذى ترجح تسريبات إخوانية أنه مرشح حزب الحرية والعدالة لرئاسة مجلس الشعب القادم (فى حالة نجاحه فى جولة الإعادة التى يخوضها ضد طارق طلعت مصطفى، القيادى بالحزب الوطنى المنحل)، بينما تشكك مصادر أخرى فى اختيار الخضيرى لرئاسة المجلس، تخوفا من عدم قدرته بشخصيته الهادئة على ضبط الأمور، وحفظ مسار النقاشات داخل المجلس، وتخوفا من صراعات بين ممثلى التيار الإسلامى ووحوش الليبرالية، كما سموهم.
فيما ينتقل (فلول) الحزب الوطنى، من مقاعد الأغلبية إلى الجلوس على يسار من يختاره الإخوان رئيسا لمجلس الشعب.
المصادر التى طلبت عدم الكشف عن هويتها قالت: «سيتم تصدير عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، زعيما للأغلبية فى مجلس الشعب المقبل، ليحل محل عبدالأحد جمال الدين، مايسترو كورال أغلبية الوطنى فى مجلس الشعب المنحل»، ويحظى العريان بالثقة الإخوانية لسابق خوضه التجربة البرلمانية منذ عام 1984، ولعدم تكرار نفس صورة الحزب الوطنى المنحل، من أن أمين الحزب، هو زعيم الأغلبية داخل المجلس، وإعطاء صورة مغايرة، وينازع العريان فى زعامة الأغلبية القيادى الإخوانى المهندس محمود عامر، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان فى مجلس 2005.
«الإخوان لن يسعوا للسيطرة على المناصب الرئيسية فى المرحلة المقبلة، وسنتركها لشخصيات تتوافق عليها كل الأطياف» بحسب تعبير مصدر إخوانى مقرب من دوائر صنع القرار، والذى يخالفه فى الرأى الدكتور محمد حبيب، النائب السابق لمرشد الإخوان المسلمين: «من حق التيار الإسلامى رئاسة المجلس، واختيار وكيلى المجلس ورؤساء اللجان النوعية استنادا للأغلبية، حيث تعتبر اللجان النوعية هى المطابخ الفعلية للبرلمان».
ومن المتوقع أن تذهب وكالة المجلس إلى المحامى الإخوانى صبحى صالح، عضو لجنة التعديلات الدستورية عقب الثورة أو سعد عبود عن مقعد الفئات، فيما لم تحسم الجماعة مرشحها أو من ستدعمه وكيلا للعمال، كى يحلا بديلين، لزينب رضوان، وعبدالعزيز مصطفى، وكيلى مجلس الشعب عن الفئات والعمال على التوالى.
وبحسب المصادر «يتصدر الدكتور أكرم الشاعر، وكيل لجنة الصحة فى مجلس الشعب 2005، قوائم الترشيحات لرئاسة لجنة الصحة، تنازعه فى حظوظه على رئاسة اللجنة، الدكتورة أميمة كمال، المرشحة على قوائم حزب الحرية والعدالة، فى الدائرة الرابعة بالقاهرة، كى يحلا بديلين للدكتورة مديحة خطاب، رئيس لجنة الصحة فى المجلس المنحل».
«رئاسة لجنة العلاقات الخارجية قد تذهب إلى الدكتور وحيد عبدالمجيد، هروبا من مآزق دولية قد تواجه الجماعة مستقبلا، بسبب عدم اعترافها حتى الآن بإسرائيل، فيما لم تحسم الجماعة حتى الآن، موقفها بالنسبة للجنة الأمن القومى، إلا أنها تبدى حرصا شديدا على اللجنة».
أما رئاسة لجنة الثقافة بمجلس الشعب، فرجحت المصادر أن توكل إلى محسن راضى، المشرف على الفيلم الذى تعتزم الجماعة إنتاجه عن حياة مؤسسها الإمام حسن البنا»، فيما ترجح آراء إخوانية أخرى ذهاب رئاسة اللجنة إلى «محمد عبدالمنعم الصاوى، تعويضا له على خروجه من الوزارة بسبب ميوله الإسلامية، وتقديرا لدوره فى صنع ثقافة حقيقية عبر ساقية الصاوى، كى يحلا محل الدكتور أمين مبارك، ابن عم الرئيس المخلوع حسنى مبارك».
يمثل حازم فاروق، الحصان الرابح للجنة الشئون العربية، نظرا لعلاقاته الدولية والعربية المتميزة وما اكتسبه من تواصل إعلامى وسياسى بعد مشاركته فى قوافل كسر الحصار على غزة، عبر قافلة أسطول الحرية التركية التى تعرضت لاعتداءات إسرائيلية فى عرض البحر، كى يحل بديلا لسعد الجمال.
فيما كشفت إخوانية أن محمد البلتاجى، العضو البرلمانى السابق تلقى «كتفا قانونيا» من قيادات الجماعة، نظرا لموقفه المخالف من قرار الجماعة ونزوله ميدان التحرير رغم رفض الجماعة للنزول، ولسابق خلافاته مع قيادات مكتب الإرشاد المحسوبين على تيار الصقور، وتلويحه المستمر بالاستقالة، التى سبق وقدمها قبل أن ترفضها الجماعة.