عين شمس والمنصورة تتصدران.. تفاصيل إدراج 46 جامعة مصرية في تصنيف التايمز    تلبيةً لرغبات العديد من الدول.. الأزهر يطلق برنامجًا لنشر اللغة العربيَّة حول العالم    محافظة شمال سيناء: استمرار عمل أجهزة المرافق والخدمات خلال عيد الأضحى المبارك    «الصحة»: التغلب على التحدي المرتبط ب«صحة المرأة» يتم من خلال تنفيذ المبادرات الرئاسية    سفينة تطلق استغاثة بإصابتها بصاروخ على بعد 129 ميلا بحريا شرقى عدن    "والله ظلم".. تعليق قوي من رضا عبدالعال على ما يحدث مع شوبير في الأهلي    القبض على عنصر إجرامي بحوزته 19 قطعة سلاح ببولاق    ضبط لصوص السيارات والدراجات النارية بالقاهرة    تموين المنيا يضبط 171 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق    لعدم تركيب الملصق.. سحب 1348 رخصة قيادة في 24 ساعة    خناقة بسبب مصروف العيد.. نجار يطلق النار على رأس زوجته في الدقهلية    نجوم الفن يحتفلون مع سلمى أبو ضيف بعقد قرانها.. صور    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لإحياء قيم التسامح والأخوة    وزير الصحة يستقبل سفير السودان بالقاهرة    رسميًا.. إعلان موعد إجراء قرعة تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025    شباب ورياضة بني سويف تطلق ماراثون الدراجات الهوائية    قرار جمهوري بتعيين الدكتورة حنان الجويلي عميدًا ل«صيدلة الإسكندرية»    مفتي الجمهورية يُهنئ الرئيس والشعب المصري بمناسبة عيد الأضحى    ميناء دمياط يعلن تداول 63 طن بضائع متنوعة    محافظ دمياط تعتمد خرائط الأحوزة العمرانية للانتهاء من إجراءات التصالح    مدير تعليم دمياط يستعرض رؤية المديرية خلال الفترة المقبلة    ضبط (354) قضية مخدرات ,(134) قطعة سلاح وتنفيذ (84355) حكم قضائى متنوع    ضبط القائمين على تسريب امتحانات الثانوية العامة بجهينة سوهاج    وزير خارجية العراق: موقفنا ثابت تجاه وقف إطلاق نار دائم فى غزة    في أول ليالي عرضه.. «ولاد رزق 3» يزيح «السرب» من صدارة الإيرادات    خريطة من كتاب وصف مصر.. توثيق معالم القاهرة وتحديد موقع المتحف القومي للحضارة    الكويت: نقل ضحايا حريق المنقف بطائرات عسكرية إلى بلدهم الهند وصرف تعويضات    أمل سلامة: تنسيقية شباب الأحزاب نموذج للعمل الجماعي    تزيد من اتساخه.. 3 أخطاء احذريها عند تنظيف المطبخ    وصفات دجاج بديلة للحوم في عيد الأضحى    محافظ بني سويف يتلقى التهاني بعيد الأضحى من قيادات وممثلي الطوائف والمذاهب الكنسية    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    الشرقية تتزين لاستقبال عيد الأضحي المبارك    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    عاجل| رخص أسعار أسهم الشركات المصرية يفتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليها    الصحة: تقديم خدمات الكشف والعلاج ل15 ألفا و361 حاجا مصريا في مكة والمدينة    تسيير 3 خطوط طيران مباشرة إلى دول إفريقية.. "الهجرة" تكشف التفاصيل    توقيع الكشف الطبي على 142 مريضا من الأسر الأولى بالرعاية في المنيا    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    اليوم.. موعد عرض فيلم "الصف الأخير" ل شريف محسن على نتفليكس    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر بشأن التمويل الإنساني للمدنيين في أوكرانيا    يديعوت أحرونوت: اختراق قاعدة استخباراتية إسرائيلية وسرقة وثائق سرية    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    "الله أكبر كبيرا.. صدق وعده ونصر عبده".. أشهر صيغ تكبيرات عيد الأضحى    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    الخارجية الروسية: كل ما يفعله الناتو اليوم هو تحضير لصدام مع روسيا    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»:«هنجيبه في دقيقتين».. «التعليم» تحذر من هذا الفعل أثناء امتحانات الثانوية العامة.. ماذا أقول ليلة يوم عرفة؟.. أفضل الدعاء    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    «هيئة القناة» تبحث التعاون مع أستراليا فى «سياحة اليخوت»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دليل المواطن الصبور للرد على خصوم رفع الأجور
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 09 - 2011

61% من قوة العمل فى بلادنا يعملون مقابل أجر. 72% من دخل الأسر المصرية يأتى من الأجور. 44% من دخل الفقراء يموله العمل المأجور. لهذا فإن الأجور أمر يمس حياة الأغلبية الكاسحة منَّا، مما يجعل منها عن حق المقياس الذى يعتمده المصريون للحكم على أحوالهم بعد الثورة. لكن هذا الطموح المشروح فى حياة أفضل يصطدم بحجج يقدمها متخصصون وسياسيون ومسئولون حكوميون.


1 الإنتاجية ضعيفة والمصريون كسالى

يكرر المعارضون لرفع الأجور فى مصر هذه الحجة المرة تلو المرة. عندما ينتج الموظف أو العامل المصرى الكسول أولا يصبح من حقه ثانيا أن يطالب برفع أجره. ويقارن المتخصصون بين معدلات إنتاجية المصريين وبين إنتاجية العاملين من شعوب أخرى فى قطاعات مختلفة للتدليل على هذه الفكرة. لكنها فى الحقيقة فكرة معيوبة. فمن الصحيح أن إنتاجية عموم الناس فى بلادنا هى الوسيلة لزيادة الثروة وللنهضة والرخاء، إلا أن هذا يصبح صحيحا لو كان توزيع الناتج عادلا أو قريبا من العدالة.

تقول الأرقام إن نصيب الأجور من الناتج المحلى الإجمالى تراجع من 36% عام 1980 إلى 25% فقط عام 2007، فى وقت تراجعت فيه نسبة المشتغلين لحسابهم أو أصحاب المنشآت الاقتصادية الصغيرة بسبب جبروت الشركات الكبرى وقسوة احتكارات الكبار. يعنى هذا أن عدد العاملين بأجر زاد مقابل تراجع نصيبهم من الثروة التى ينتجونها بالفعل. هناك إذن أزمة عدالة وليس الأمر أساسا أنهم ينتجون ما هو قليل. ويؤكد هذا الوضع الفجوة ما بين الزيادة المعتبرة فى النمو الاقتصادى الحقيقى فى السنوات الماضية (وصلت به إلى 7%) وما بين التراجع فى الأجور الحقيقية (هناك دراسات عديدة فى هذا الشأن من أهمها دراسة للدكتور سمير رضوان تستطيع مطالعتها على موقع مركز معلومات مجلس الوزراء). المجتمع إذا كان يعطى حصاد إنتاجيته بشكل منحاز ضد العاملين بأجر.

أما ضعف الإنتاجية نفسه فالمسئول عنه عوامل عديدة ليس من بينها عزيمة المصريين، الذين يعمل ملايين منهم أكثر من عمل لتوفير الكفاف لأسرهم. إذ إن إنتاجية العمال فى الرأسمالية المعاصرة تعتمد على عناصر أخرى غير أداء العامل. فلننظر معا لحالة مصنع غزل المحلة وقطاع النسيج. فقد توقف صاحب المصنع (وهو الدولة فى هذه الحالة) منذ سنوات عن الاستثمار فى الآلات وفى تطوير التسويق، فى قطاع قفزت وتقفز فيه التقنيات كل يوم قفزات هائلة مؤثرة وانظر إلى التجربة الصينية مثلا. بل وطالب العمال المضربون والواعون بهذه الحقيقة دولة مبارك فى 2007 و2008 بالاستثمار فى المصنع، مما نتج عنه وقتها تحت ضغطهم خطة لضخ 400 مليون جنيه فى الآلات. المؤكد أن المصنع بحالة ماكيناته القديمة المزرية، وبأجور عماله غير الإنسانية، يحقق أرباحا هى نتاج صلابة العمال للدفاع عن لقمة عيشهم.

طريق زيادة الإنتاجية على مستوى المجتمع هو معكوس المنطق الاقتصادى الذى طبقته حكومة نظيف ومازال أنصاره يسعون بيننا: زيادة الإنتاجية هى بالإنفاق على التعليم والصحة وليس بتقليصه، زيادة الإنتاجية تأتى بتقليل البطالة وليس باستخدامها للضغط على «المحظوظين» ممن يعملون للعمل أكثر مقابل أجور أقل، زيادة الإنتاجية تجيء عندما يعدل المجتمع فى توزيع الأعباء والناتج، وفى هذا فإن نظاما عادلا للأجور للمدرسين أو الأطباء أو عمال النظافة أو غيرهم لن يعنى إلا دعم الإنتاج لأنه ينعكس مباشرة على حياة المنتجين.


2 يضعف التنافسية ويؤذى الاقتصاد

قام المشروع الاقتصادى المعادى لأغلبية المصريين، الذى سيطر على مصر فى العقد الأخير، على أسطورة القدرة على تكرار نموذج كوريا الجنوبية والنمور الآسيوية فى الإنتاج للتصدير. من هنا صدرت لنا آلة النظام الجهنمية تلك الفكرة مرة تلو الأخرى: لا أمل للاقتصاد والنمو والتنمية سوى باقتحام الأسواق العالمية.

ويبدو هذا التصور متوافقا فى الوقت ذاته مع إثارة الحمية الوطنية فى إعادة قيمة المنتج المصرى والعملة المحلية التى سيصبح لها قيمتها عندما يصبح ما نصدره للعالم أكبر مما نستورده ..إلخ. وتقوم هذه الإستراتيجية على عدة أعمدة لكن أهمها هو أن تراهن على ميزة انخفاض تكلفة العمل لكى تستطيع البيع بأسعار تنافسية فى السوق العالمية.

لكن هذه الفكرة نفسها سقطت بحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، الذى أعلن وفاة هذا النموذج العام الماضى. فمع تراجع الطلب العالمى بسبب الأزمة الأمريكية ووجود العرض الصينى الهائل منخفض الأسعار أصبح هناك استحالة فى اقتحام أسواق جديدة وصارت ميزة انخفاض الأجور لا قيمة لها تقريبا كمحرك لنهضة اقتصادية تقوم على التصدير. وتذهب الاونكتاد إلى صعوبة إيجاد معادل موضوعى لصناعة السفن فى حالة كوريا أو المحتوى الإلكترونى والتعهيد فى حالة الهند أو غيرها من المنتجات أو القطاعات التى لعبت دورا أساسيا كقاطرة فى مسيرة الناجحين بالتصدير. بل إن هؤلاء، فى نظر المنظمة الدولية، هم أكثر من يعانى الآن بسبب اعتمادهم على السوق العالمى المتذبذب.

وينصح الأونكتاد لإنقاذ الاقتصاد ودفع نموه وقدرته بالاعتماد على سياسة لتنشيط الطلب المحلى وتوسيع السوق الداخلية. كيف؟ برفع الأجور.


3 لا يوجد تمويل

ينطلق أصحاب هذه الحجة فيما يتعلق بموظفى الحكومة من وجود عجز كبير فى الموازنة العامة وتضخم مستطير فى الدين العام. وزاد من هذا أن الدولة بعد الثورة صارت تعانى لتمويل أنشطتها. لكن الحقيقة أن كل هذا يستند على موازنة تقوم على توازن مصالح مختل سياسيا واجتماعيا لصالح الأغنياء. تمول الموازنة نفسها من نظام ضريبى يحابى أصحاب الشركات وكبار الممولين ويفرض عليهم نفس معدل الضريبة الذى يفرضه على موظف السجل المدنى فى بسيون، أو عامل النظافة فى أبوكساه..الخ. تتبنى مصر نظاما ضريبيا يدفع فيه العاملون بأجر أكثر مما تدفع شركات الأعمال. الأكثر من ذلك أن أنشطة المضاربة فى العقارات وفى الأسهم، وهى أنشطة بان أثرها المدمر على الأسواق والاقتصادات، تمضى بلا ضريبة ولا قيود. بل تدعم الدولة من أموال العاملين بأجر أصحاب مصانع الأسمنت والسيراميك ومصدرى الكويز.

الحل بسيط، ولا يتطلب حتى إجراءات ثورية فكلها قواعد معمول بها فى دول الرأسمالية فى العالم: ضرائب تصاعدية، إلغاء دعم الأغنياء خاصة أباطرة المحتكرين من أعمدة عصر مبارك وابنه، ضريبة على المضاربة. سيوفر هذا المليارات لإعادة بعض الحق لمن يستحق فى صورة أجور إنسانية دون زيادة العجز.

أما فى القطاع الخاص، وهو ما يسرى على ما سبق أيضا، فيحتاج الأمر إرادة سياسية من الدولة لفرض حد أدنى للأجور يتناسب مع هوامش الأرباح ومع ضرورات العيش الكريم. وهنا فإن النقابات وإضرابات العمال ونضالهم المشروع بالتظاهر والاعتصام هو الضمان ضد إغلاق المصانع غير المشروع وتصفية العمال دون وجه حق.


4 رفع الأجور يرفع الأسعار

إذا رفعنا الأجور سترتفع الأسعار فى السوق ربما أكثر من ارتفاع الأجور فلا يستفيد المواطن بشيء رغم كل تبعات هذه الزيادات. هذه الفكرة سليمة تماما لو كان التمويل بالعجز أو بطباعة النقود. لكن إذا رفعت الأجور بتحويل بنود انفاق من أوجه صرف لأخرى فإن الآثار التضخمية تكون محدودة، إذ أن ذلك لا يرفع عرض النقود. لكن الأكيد أنه فى ظل وجود الاحتكارات الكبرى فى أسواق السلع الاستهلاكية فإن رفع الأجور يجب أن يتوازى مع سياسات مواجهة للمحتكرين فى الأسواق ليس فقط لمصلحة أصحاب الأجور لكن أيضا لحماية الاقتصاد وكفاءة الأسواق.


5 التوقيت غير ملائم

يقول أنصار هذه الفكرة إن الاقتصاد العالمى يمر بأزمة وإن الاقتصاد المصرى يواجه كسادا واحجاما من المستثمرين بسبب الأوضاع الاقتصادية، وبالتالى فإن رفع الأجور (وإن كان عادلا بحسب البعض)، يحتاج وقتا حتى تستقر الأمور ولكى لا تزداد سوءا.

الرد على هذه الفكرة هو ما يحاول أن يفعله الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى الولايات المتحدة، على خطى ما أنقذ الاقتصاد العالمى كله من كارثة الكساد العالمى فى الثلاثينيات. توجه أوباما فى خطته الاقتصادية التى طرحها مؤخرا على الكونجرس هو رفع الضرائب التى يدفعها الأغنياء لتمويل الموازنة لتنشيط السوق برفع الأجور وخلق وظائف جديدة بقيمة تزيد عن 400 مليار دولار. وبغض النظر عن بعض الاقتصاديين (كالحائز على نوبل بول كروجمان) يقولون إن هذا لا يكفى وإنه مطلوب ضخ أموال أكثر فى نفس الاتجاه، فإن هذا المنطق هو الأصلح لمواجهة تذبذب السوق: يوسع السوق المحلية بطلب مستقر لا يخضع لتذبذات السوق العالمى المدمرة، يحسن من كفاءة السوق برفع تشوهات دعم الدولة لمنتجين يحققون هوامش أرباح أسطورية، وبمحاصرة مضاربى الأسواق والمحتكرين الذين يخلقون الفقاعات المدمرة وموجات الصعود السعرى الهائلة.

هذا وقت إعادة التوازن لصالح المنتجين، ولصالح الاقتصاد الذى هو ليس إلا مصالح أغلبية الناس فى هذا البلد. هذا وقت رفع الأجور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.