نعى أدباء ومثقفون الكاتب الراحل خيري شلبي في احتفال لتأبينه، عقدته الهيئة العامة لقصور الثقافة، والهيئة المصرية العامة للكتاب، مساء أمس الأحد، في بيت السحيمي. وقال الكاتب زين خيري شلبي، في بداية الاحتفال، إن الكاتب الراحل كان مثقفا موسوعيا، وتساءل: كيف أنعي والدي وهو الذي عود الجميع أن يذكر مآثر الآخرين، ليس لأنهم ملائكة لكنه كان يدرك أنه لا وجود للملائكة على الأرض .
وأضاف أن شلبي كان يحلم بألا يحكم مستبد أي بقعة على الأرض، وكان للمهمشين إماما، مؤكدا أن التكريم فرض على كل مسئول في هذا البلد، وأن خيري شلبي كان يؤمن أنه لن يتم تقديره إلا بعد رحيله، وأنه لن يجني شيئا إلا هذا الحب الموفور من الجميع.
وقال الشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، إن خيري شلبي سيظل يعيش بيننا بإبداعه وأعماله الأدبية العظيمة، حيث كرس معظم هذا الإبداع ليتحدث عن شرائح اجتماعية سقطت من ذاكرة حكومات كثيرة مستبدة.
وأضاف أن شلبي قدم قيمة عظيمة في استثمار الوقت وإذا احتسبنا سنوات طفولته سنجد أن كل سنة من عمره كانت تحمل عملا أدبيا أو اكتشافا تراثيا عظيما، وأعلن عن أن الدورة الجديدة من المسابقة الأدبية للهيئة ستسمى باسم الراحل، كما سيطلق اسمه على مكتبة تلين التابعة للهيئة. وفي ندوة بحثية حول أعمال الراحل خيري شلبي، اختلف النقاد ما بين كون خيري شلبي حكاء للمهمشين بالفعل أم هو راسم لبورتريه الشخصية المصرية بعفويتها .
وقال الدكتور سيد العشماوي أستاذ التاريخ، إن هناك علاقة توليفية بين التاريخ في أعمال خيري شلبي وبين إبداعه ، مشيرا إلى أنه درس حالة المهمشين في الريف والمدينة انطلاقا من قراءة أعمال الكاتب الراحل، لافتا إلى أن ما يقدمه العمل الفني في الدراسة التاريخية لهو أقوى بكثير مما يقدمه العلم. وأضاف أن خيري شلبي عمق الإحساس بالدور الوظيفي للفن والإبداع، وأعطى فهما جديدا لقراءة التاريخ باعتبارها انحياز لقيم العدل والحرية والتنوير والتحديث .
لكن الدكتور رمضان بسطاويسي أستاذ علم الجمال، رأى أن الكاتب الراحل لم يقدم المهمشين فقط، وإنما قدم المصريين دون أن يقيمهم على المستوى الأخلاقي، معتبرا أن شلبي كان يقدم الثقافة في الإبداع فهو ليس لديه بطل في كتاباته بالمعنى التقليدي، وإنما لديه عوالم من الصعب على الإبداع أن يطالها.
وأضاف أن هذا النوع من الكتابة والذي لديه الجسارة على خلط العامية بالفصحى انصرف عنه الأكاديميون لأن لديهم قوالب نقدية جاهزة، وتابع أن الكاتب الراحل لا يقدم واقعا إلا عبر الأسطورة الشعبية التي يختلقها .
ورأى الدكتور محمد حافظ دياب أستاذ علم الاجتماع، أن الكتابة التي أبدعها الراحل خيري شلبي هي أقرب لكتابة الأنثروبولوجيا الجديدة فهي تجمع بين مهارة المؤرخ ورؤية المبدع، واتفق مع الدكتور رمضان بسطاويسي في أن هذه الكتابة لم تتقصد المهمشين، وإنما تتقصد النسيج القاعدي للشخصية المصرية أو إنجاز بورتريهات لها .
وقال حسين حمودة الناقد الأدبي، إن عالم خيري شلبي مفتوح دائما كبيت صاحبه مضياف، وأشار إلى أن مجموعته القصصية الأخيرة "ما ليس يضمنه أحد" تنتمي إلى كتابة العارف والحكيم والمتأمل وفيها خلاصة لرحلة ممتدة للكاتب في مناطق مأهولة وغير مأهولة .