أكد الدكتور مصطفى الصيرفي، أستاذ علاج الأورام بالمعهد القومي للأورام ورئيس المؤتمر الدولي للجمعية المصرية للسرطان، أن "مصر ليست من أكثر دول العالم في معدلات الإصابة بالسرطان كما يردد الكثيرون"، مشيرا إلى أن "هناك دولا كثيرة تسبقها؛ حيث تبلغ نسبة الإصابة بالسرطان في مصر طبقا لإحصائيات المشروع القومي لتسجيل الأورام 120 حالة لكل 100 ألف من السكان، في حين أن هذه النسبة قد تبلغ 200 أو 300 حالة لكل 100 ألف نسمة". جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد، اليوم الجمعة، على هامش المؤتمر العلمي السنوي الثاني الذي تقيمه الجمعية المصرية للسرطان بالتعاون مع الجمعية الأمريكية للسرطان (أسكو)، وشارك فيه أكثر من 400 طبيب من مصر والدول العربية فى مختلف التخصصات المتصلة بعلاج وجراحة الأورام، وقد اختيرت مصر هذا العام ضمن 12 دولة على مستوى العالم ليتم فيها عرض أهم 70 بحثا عالميا تم مناقشتها في مؤتمر الجمعية الأمريكية، والذي عقد مؤخرا بشيكاغو في أمريكا.
وقال الصيرفي "لقد حدث تطور كبير في العلاجات الموجهة التي تستخدم في علاج الأورام، وهي جيل حديث من العلاج الذي يهاجم خلايا السرطان فقط، ولا يهاجم خلايا الجسم، مما يوقف استمرارية نشاط الورم، وهو يضاف إلى العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي حسب نوع الورم ومكان وجوده"، مؤكدا أن "هناك جلسة هامة في المؤتمر ناقشت الجديد في علاج أورام القولون الشرجي، والذي يعد ثالث أنواع السرطانات انتشارا".
وأضاف أن "الدراسات العلمية الحديثة أثبتت أن إضافة العلاج الموجه مثل (سيتوكسيماب) إلى العلاج الكيميائي في علاج سرطان القولون المنتشر يحسن من النتائج المتوقعة من استخدام العلاج الكيميائي بمفرده مثل (معدلات الاستجابة، تقليل مخاطر تطور المرض، معدلات الحياة)؛ حيث يتم لتحديد العلاج الموجه المناسب لسرطان القولون الشرجي المنتشر، عمل تحليل يسمى "كيراس"، وهو أول دليل حيوي تم تحديده في سرطان القولون الشرجي.
وتابع: "لقد وجد أن مرضى القولون الشرجي المنتشر يحصلون على معدلات استجابة حتى 80% مع تقليل مخاطر تطور المرض لأكثر من 40% من المرضى عند معالجتهم بالعلاج الموجه وهذا التحليل متوفر في مصر، ولا تزيد تكلفته عن 1000 جنيه ويتم عمله بصوره روتينيه قبل بداية العلاج بالعلاج الموجه".
وقال الدكتور ياسر عبد القادر، أستاذ علاج الأورام ورئيس مركز علاج الأورام بالقصر العينى "يتميز سرطان القولون عن بقية أنواع الأورام بأنه يستجيب في مراحله المتقدمة للعلاج الكيميائي والموجه، مما يضاعف من آمال الشفاء وليس التخفيف واستحداث العلاج الموجه يعد إنجازا علميا حقيقيا، وبعد أن كانت نسبة الشفاء لا تتعدى 5% أصبحت تقترب الآن من 50%".
وأوضح أن "نسبة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم تمثل حوالي 10 إلى 12% من إجمالي حالات السرطان في مصر؛ حيث ينتشر المرض بنسبة أعلى لدى الذكور تبلغ 3:1، كما يصيب 30% من المرضى في سن مبكرة (أقل من 45 سنة) ومن هنا تأتي أهميته كمشكلة قومية صحية في مصر لأنه يصيب حقبة عمرية منتجة وبالتالي له تداعياته الاقتصادية".
وقالت الدكتورة ابتسام سعد، أستاذ علاج الأورام بجامعة القاهرة، إن "سرطان القولون يحدث إما في جدار أمعاء سليمة أو نتيجة تحورات في زوائد قولونية تأتي من استعداد جيني للاستجابة للمواد المسرطنة"، مشيرة إلى أن "نمو الورم في القولون تليه مرحلة الانتشار الذي يحدث عندما تتسرب خلايا سرطانية من جدار القولون إلى الغدد اللمفاوية القريبة منه، لتنتقل بعدها إلى الدم ليصل الى الكبد والرئة".
وأوضحت أن "أعراض سرطان القولون تتشابه في المراحل المبكرة مع أعراض كثير من أمراض الجهاز الهضمي واضطراباته"، مؤكدة "حدوث طفرة في علاج سرطان القولون عن طريق العلاج الموجه، باستخدام التكنولوجيا الحيوية لاستهداف الخلايا السرطانية".
وأشارت الدكتورة ابتسام إلى أن "هذه الطريقة أكثر فاعلية من سواها وتقلل من مضاعفات الدواء الكيماوي على الخلايا السليمة، وتزيد من نسب استجابة المريض للعلاج، سواء باستخدام دواء مفرد أو العلاجات الكيمياوية التقليدية".
وعن أورام الرأس والرقبة، والتى غالبا ما يتم اكتشافها فى وقت متأخر، قال الدكتور طارق شومان، أستاذ علاج الأورام ورئيس وحدة أورام الرأس والرقبة بالمعهد القومى للأورام "يرتبط سرطان الرأس والرقبة بشكل كبير بعوامل خطيرة بيئية وحياتية، منها تدخين التبغ وتناول الكحوليات والتعرض لبعض المواد الضارة أثناء العمل والأشعة فوق البنفسجية، بالإضافة إلى الإصابة بسلالات معينة من الفيروسات، مثل فيروس بابيلوما البشري الذي ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي" .
وأضاف :"كثيرا ما تسمى تلك الأورام السرطانية بالعدوانية في مراحل تطورها البيولوجي؛ حيث أن المرضى الذين يعانون من هذا النوع من السرطان غالبا ما يصابون بورم أولي آخر"، موضحا أنه "يمكن الشفاء من سرطان الرأس والرقبة بدرجة كبيرة إذا تم اكتشاف الإصابة به مبكرا، وذلك عن طريق الجراحة، على الرغم من أن العلاج الكيماوي والإشعاعي و العلاج الموجه لهم أيضا دور مهم في الشفاء منه".
وأكدت الدكتورة إحسان الغنيمى، أستاذ علاج الأورام بجامعة القاهرة، أنه "بمقارنة استخدام العلاج الإشعاعي بمفرده فى علاج سرطان الرأس والرقبة مع إضافة العلاج الموجه إليه وجد تحسن ملحوظ فى النتائج العلاجية مثل أن يظل المريض فترة أطول على قيد الحياة ويحدث تحسن فى الانتشار الموضعي للورم موضحة أهمية الاكتشاف المبكر للسرطان بشكل عام لأنه هو السبيل الوحيد لشفاء المريض بنسب كبيرة تصل إلى 95%".