سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في سياق تقرير لها اليوم الأحد الضوء على تدهور العلاقات بين إسرائيل وتركيا الحليفتين الرئيسيتين للولايات المتحدة في المنطقة وأرجعت سبب تبدل الأحوال بين الصديقين القديمين إلى تحول المجتمعين التركي والإسرائيلي إلى مجتمعين دينيين متشددين وتراجع دور الصفوة العلمانية المثقفة التي ظلت تشكل وجدان هذين المجتمعين في الماضى.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي بثته على موقعها الالكتروني، إن إسرائيل وتركيا تتصارعان إلا أنهما يختلفان حول مصدر الخلاف بينهما حيث تعلن تركيا إنها طردت السفير الإسرائيلي وقطعت العلاقات العسكرية مع إسرائيل بسبب القمع الإسرائيلي للفلسطينيين ورفض الاعتذار عن قتل نشطاء أتراك على متن سفينة مافى مرمرة العام الماضي في حين قالت إسرائيل إن تركيا تسعى إلى الزعامة في المنطقة ولهذا السبب ضحت بإسرائيل.
ورأت أن هناك تفسيرا ثالثا وهو أن الدولتين مرتا بتغييرات سياسية مشابهة على مدار العقود الأخيرة من مجتمعات علمانية بحتة يديرها صفوة يميلون إلى الغرب إلى دولتين دينيتين الوقوف فيهما ضد الأجانب يجلب مكافآت سياسية غنية. ومضت الصحيفة تقول إن رئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوغان وجه انتقادا شديد اللهجة إلى الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بعد الحرب الإسرائيلية على غزة مباشرة وقال له "عندما يتعلق الأمر بالقتل.. أنتم تعلمون جيدا كيف تقتلون" وغادر المنتدى واستقبل استقبال الأبطال في وطنه.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد عام دعا نائب وزير الخارجية الإسرائيلية دانيل ايعالون السفير التركي إلى مكتبه وأعد له مقعدا منخفضا حول طاولة دون وضع العلم التركي وحتى وجود مرطبات، وقالت إنه وقبل دخول الضيف أبلغ ايعالون مشغلي كاميرات التلفزيون الإسرائيلي "الشىء الأهم هو أن يرى الناس إنه منخفض وإننا الأعلون وإن لا علم لتركيا هنا".
واستطردت الصحيفة تقول: إن الأمر لم يكن دائما كذلك وأن المجتمعين الإسرائيلي والتركي اعتادا على أن يكونا في موضعين مختلفين وأنه مع مرور الوقت استطاعا بناء علاقات عسكرية واقتصادية وسياحية دافئة وأن الشىء المدهش هنا هو الطرق المتشابهة التي مضى فيها الاثنان وهى تحظى منهما بالازدراء المتبادل.
وقالت الصحيفة إن مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك ومؤسس إسرائيل ديفيد بن جوريون يتشابهان في أشياء عديدة، وإن هذا الأمر لا يبعث على الاستغراب فبن جوريون درس القانون في اسطنبول، صور نفسه كأتاتورك، وسعى لبناء مجتمع حديث مكون من مواطنين مثاليين ذوى أفكار واحدة مع اختلافات بسيطة في اللغة والثقافة وإن كل منهما رأى الدين انقساما والاختلاف العرقى مشكلة مسلطة الضوء على المشاكل التي يواجهها الأكراد في شرق تركيا واليهود اليمنيين والمغاربة في إسرائيل.