يتوجه رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع إلى الصين في زيارة تهدف إلى تدعيم العلاقات مع هذه الدولة التي تعد أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وستكون الأولى له إلى الخارج منذ الإعلان عن عودته إلى الكرملين العام 2012. وخلال هذه الزيارة سيجري بوتين مع رئيس الوزراء الصيني وين جياوباو والرئيس هو جينتاو مباحثات تتناول العديد من القضايا من الطاقة إلى التعاون الصيني الروسي على الساحة الدولية.
وقد سبق أن زار بوتين الصين اكثر من مرة. وزيارته هذه كانت مقررة منذ وقت طويل لكن المحللين يرون انها تتسم بقيمة رمزية في مسار السياسة المستقبلية لرئيس الوزراء الذي تولى رئاسة روسيا من 2000 إلى 2008 قبل أن يتنازل عنها لديمتري مدفيدف بسبب حظر الدستور ترشحه لولاية ثالثة على التوالي. ويقول سيرغي ساناكييف رئيس المركز الصيني الروسي للتجارة والتعاون الاقتصادي، وهي مجموعة ضغط مقرها موسكو "هناك دلالة رمزية قوية في توجه بوتين، المعروف جيدا في الصين، إلى هذا البلد في هذا الوقت تحديدا".
وكان مدفيديف اعلن في 24 سبتمبر الماضي ترشيحه ضابط الكي.جي.بي السابق للرئاسة في انتخابات مارس 2012 بمقتضى اتفاق عقده الاثنان منذ البداية. ولا تثير نتيجة الاقتراع اي شكوك في روسيا حيث يحظى بوتين بشعبية جارفة.
وتولي روسيا، احد اكبر منتجي النفط والغاز في العالم، اهمية كبيرة للسوق التي يمثلها جارها الصيني وخاصة في سياق المخاوف على حالة زبونها الكبير الاخر الا وهو الاتحاد الاوروبي. وقد اصبحت الصين الشريك التجاري الاول لروسيا العام الماضي، ويطمح البلدان إلى مضاعفة حجم مبادلاتهما ليصل إلى مائة مليار دولار قبل العام 2015 والى 200 مليار العام 2020.
وعلى الصعيد السياسي اتخذت موسكووبكين، العضوتان الدائمتان في مجلس الامن الدولي، مواقف مشتركة حيال الازمات الدولية الكبرى مع الاحتجاج على تدخل حلف شمال الاطلسي في ليبيا واستخدام حق الفيتو او النقض الاسبوع الماضي ضد قرار غربي يستهدف نظام الرئيس السوري بشار الاسد.
ولن يكون من شان عودة بوتين إلى الكرملين سوى تعزيز العلاقات بين موسكووبكين. وقال ساناكييف "ليس سرا أن الصينيين يراهنون على عودة بوتين إلى الكرملين". والخميس شدد رئيس الوزراء الروسي على اهمية العلاقات مع الصين خلال منتدى مع مستثمرين اجانب.
وقال "لدينا حدود مشتركة شاسعة مع الصين. ونحن نعيش جنبا إلى جنب منذ الاف السنين وربما تكون العلاقات بيننا اليوم في ادنى مستوى تاريخي لها باستثناء فترة ما بعد الحرب القصيرة". ومن المفترض أن يبحث بوتين والمسؤولون الصينيون خلال هذه الزيارة خصوصا مشاريع تسليم الغاز الروسي إلى الصين.
وكانت شركة غازبروم الروسية العملاقة والشركة الوطنية الصينية للمحروقات قد وقعتا اتفاق اطار العام 2009 يقضي بتسليم موسكو 70 مليار متر مكعب من الغاز سنويا خلال الثلاثين عاما المقبلة. الا أن الطرفين فشلا منذ ذلك الحين في التوصل إلى اتفاق نهائي حتى بعد زيارة هو جينتاو إلى موسكو في يونيو الماضي وذلك لاصطدام المفاوضات بمسالة الاسعار.
وشهدت العلاقات بين البلدين وعكة الاسبوع الماضي بعد اعلان الاف.اس.بي (جهاز الامن الفدرالي، الكي.جي.بي سابقا) القبض قبل عام على جاسوس صيني عمل مترجما لوفود رسمية وذلك لمحاولته الحصول على معلومات عن الصواريخ الروسية اس-300. ولم يصدر اي تعليق على هذا النبأ لا من الكرملين ولا من بكين، المستورد المهم للاسلحة الروسية.