خبراء إعلام يؤكدون أن برامج رمضان فى العشرة الأوائل لم ينجح أحد، وأن المناخ الذى يعيشه الناس حاليا يحتاج إلى ثورة على شاشة. فيقول الإعلامى وجدى الحكيم: «بعد ثورة 25 يناير كنا ننتظر تغييرا شاملا، وأن البرامج التليفزيونية ستبدأ مرحلة جديدة تتفق مع تطلعات الثورة، ولكننا وجدنا الشاشة تتجه لقمة الهبوط، وكست الشاشة مجموعة من البرامج ذات الأفكار المكررة، والتى تعتمد على فكرة النبش فى أسرار الناس، وكشف فضائحهم، وأخرى تتبارى فى الابتذال واستجداء الضحك على حساب ضيوفها»، مشيرا إلى برامج المقالب التى خرجت عن كل الحدود، وأصبحت تفاجئ ضيفها بأسد أمام المصعد كما هو الحال فى برنامج «قلب الأسد»، أو توهمه بأنه دخل حمام على شخص يقضى حاجته كما هو الحال فى برنامج «ما تيجى أقولك» الذى يقدمه حسين الإمام، وكذلك برنامج «الأسانسير»، وكلها مبالغات ليوهموا أنفسهم بأنهم يقدمون شيئا جديدا، ولكنها فى النهاية أفكار لبرامج قديمة، وما يحدث هو خروج على المألوف والمستساغ فى الشهر الكريم، الذى كان يحتاج إلى جرعة من الروحانيات التى تناسب شهر الصيام من خلال المواد التى تقدمها الشاشة الصغيرة. وأضاف الحكيم أن المناخ العام للشاشة أفقد المشاهد حاسة الانتظار، وجعله يتابع بشكل عشوائى، وأصبح من الصعب أن تحدد برنامجا ينتظره المشاهدون كما كان فى السابق. وعلق على برامج التوك شو والتى لم يستثن منها أحدا، بأنها نقلت حالة التوتر الموجود فى الشارع إلى الشاشة، وبدت البرامج كما لو كانت أعمال بلطجة إعلامية حيث يحاول كل مقدم برنامج إكراه ضيفه على الاعتراف بجرائم سواء كان قد فعلها أم لم يفعلها، فقط ليحقق نجاحا كاذبا لبرنامجه، مشيرا إلى برنامج طونى خليفة «الشعب يريد» والذى لا يختلف فى ضيوفه أو فكرته عن برامج أخرى مثل «نصف الحقيقة» للميس الحديدى أو «من أنتم» الذى تقدمه الفنانة بسمة وكذلك برنامج «أنت وضميرك» لمجدى الجلاد. فيما انتقد وجدى الحكيم إفراط القنوات فى الاعتماد على مقدمى برامج ليسوا مذيعين، ولم يمروا بالاختبارات أو التدريبات التى يمر بها أبناء المهنة، وقال إن هذا يعد بمثابة الاستعانة بمهندس لعلاج مريض فى مستشفى. وقال إن عدم دراية مقدمى البرامج بمتطلبات العمل الإعلامى وآدابه، وسعيهم للنجومية على حساب القيم الإعلامية، هو الذى يوقع بنا فى هذه النوعية من البرامج التى أصبحت لا تناسب طبيعة المرحلة. من جانبها ترى سلمى الشماع الإعلامية أن النميمة هى المادة الأكثر استهلاكا فى برامج التوك شو على شاشة رمضان، مؤكدة أن الجمهور قد فقد حماسة لمتابعة هذه النوعية من البرامج، والتى أصبحت تبحث عن أشياء فى الماضى فى وقت يجب على الجميع التحرك للأمام، والنظر إلى مستقبل مصر ما بعد الثورة. وأضافت أنها كانت تتوقع أن تسأل برامج التوك وضيوفها عن حلول للمشاكل الكثيرة التى تعانى منها البلد، وأن تناقشهم فى رؤاهم لبناء مصر الجديدة بدلا من إثارة وتأليب بعضهم على البعض الآخر. فيما أشارت إلى أن الكاميرا الخفية تيمة موجودة فى كل قنوات الغرب، ولكن هذه البرامج لها قيم يجب الالتزام بها، وفى مقدمتها احترام الناس الذين سيظهرون على الشاشة، وان تكون أفكارها مبتكرة، ومتقنة، وخفيفة الظل إلى أقصى درجة، مؤكدة أن معظم البرامج الترفيهية فى رمضان تقوم على فكرة الكاميرا الخفية، ولكنها لا تحترم أيًا من قيمها المهنية. وقالت سلمى الشماع: «ما يحدث على الشاشة حاليا ليس له أى علاقة بالعمل الإعلامى، وإنما هو منافسة على ملء الشاشات وسباق لحصد الإعلانات». الدكتورة ماجدة بجنيد أستاذ الإعلام فى الجامعة الكندية ترى أن المناخ السياسى ألقى بظلاله على المشاهد وجعله لا يقبل على المشاهدة بنفس الطريقة التى كان يتابع بها البرامج فى السنوات الماضية، وقالت إن الناس كانت تنتظر فترة راحة بعد التوتر الذى عاشوه مع أحداث الثورة والتى استمرت منذ يوم 25 يناير وحتى محاكمة الرئيس السابق، ولكن يبدو أن صناع البرامج لم يكن لديهم الفرصة لكى يعيدوا الحسابات، وأن يجروا دراسات على احتياجات المتلقى، أو أنهم استسهلوا واعتمدوا على التصورات القديمة لخرائط برامج رمضان فى الأعوام السابقة، فجاءت أفكار البرامج مكررة، وغير مناسبة للحالة التى يعيشها الناس، ومن هنا انصرفت نسبة كبيرة من الجمهور عن المشاهدة. وأشارت إلى الاستسهال فى التعامل مع تلك القضية، والاعتماد على المبالغات فى أفكار، خاصة فى البرامج التى تستضيف نجوم الفن، والتى تخلو فى معظمها من عنصر الفبركة.