لحن فى الحب الإلهى لا يخطئه عاشق، هو العارف القدير وشاعر الصوفية بتفرد، عجز مريدوه عن بلوغ مكامن إلهامه الشعرى الفريد فى لغة عربية متنمقة، إنه أبوحفص عمر بن على الملقب بابن الفارض، سورى الأصل عاش ومات ودفن فى المقطم بالقاهرة، واختبر الإلهام الصوفى خلال سنوات إقامته الخمس عشرة بالحجاز. توجته قصائده سلطانا وإماما للباحثين.. فى الحب الإلهى، يقول: قلْبى يُحدّثُنى بأنّكَ مُتلِفى روحى فداكَ عرفتَ أمْ لمْ تعرفِ لم أقضِ حقَّ هَوَاكَ إن كُنتُ الذى لم أقضِ فيهِ أسى، ومِثلى مَن يَفى ما لى سِوى روحى، وباذِلُ نفسِهِ فى حبِّ منْ يهواهُ ليسَ بمسرفِ فَلَئنْ رَضيتَ بها، فقد أسْعَفْتَنى يا خيبة َ المسعى إذا لمْ تسعفِ ويعرف إبن الفارض إنه لم يكن يوما الساعى الوحيد فى الحب الإلهى، وإنه لن يسلم حسد الحاسدين والطاعنين فيه فيقول: لم أخلُ من حَسدٍ عليكَ، فلا تُضعْ سَهَرى بتَشنيعِ الخَيالِ المُرْجِفِ واسألْ نُجومَ اللّيلِ: هل زارَ الكَرَى جَفنى، وكيفَ يزورُ مَن لم يَعرِفِ؟ (النوم) وككل العاشقين يتوه ابن الفارض فى لحظات احتجاب المحبوب فى انتظار كشف ينفيه ويوحده يقول: عَطفاً على رمَقى، وما أبْقَيْتَ لى منْ جِسمى المُضْنى، وقلبى المُدنَفِ فالوَجْدُ باقٍ، والوِصالُ مُماطِلى، والصّبرُ فانٍ، واللّقاءُ مُسَوّفى. لقب ابن الفارض بهذا الاسم لأنه والده السورى المولد كان يثبت الفروض للنساء على الرجال بين يدى الحكام، أما سلطان العاشقين وإمامهم فلقب بشرف الدين، وصاحب كسوة الحج الروحى والمقصود بهذا اللقب قصيدته الأشهر التائية الكبرى وفيها دون الإمام رحلة الصوفى المتدرجة من التيه إلى الكشف إلى الوجد، وقيل إن إلهاما ورؤية للنبى صلى الله وعليه وسلم كانت وراء تسميتها ب«نظم السلوك»، ومن غير المستبعد أن تكون رواية الرؤية هذه منقولة بالفعل عن ابن الفارض، وليست منسوبة خطأ إليه، فهو ممن اعتبروا النبى جوهر «الإنسان الكامل» ويقول عنه: وروحى للأرواح روح وكل ما ترى حَسَنا فى الكونِ من فيضِ طينتى