خبراء: «البيان» خطوة إيجابية بعد خطابات شرف اعتبر خبراء سياسيون البيان الذى ألقاه عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، اللواء محسن الفنجرى، «خطوة إيجابية، ومحاولة لتصحيح الصورة السلبية التى انطبعت خلال الأسابيع الماضية». وقال نبيل عبدالفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن بيان الفنجرى محاولة لتصحيح الصورة السلبية التى انطبعت فى وجدان وعقول الثوار فى الميادين المختلفة فى السويسوالقاهرة والإسكندرية، لاسيما بعد شعور الثوار بفشل السلطات الحاكمة فى إدارة شئون البلاد، وعدم تحقيق أى انجازات على أرض الواقع والتسويف فى محاكمة مبارك. وأوضح عبدالفتاح أن اللجوء للفنجرى فى إعلان البيان له دلالات سياسية، مشيرا إلى انه الذى حصل على تأييد شعبى بعد أدائه التحية العسكرية للشهداء، وقال «هذه محاولة لاستخدام الصورة الإيجابية التى انطبعت فى وعى المصريين عن الفنجرى»، كما انها تهدف إلى احتواء الغضب الذى تمدد بعد خطاب شرف. وكان شباب الثورة قد طرحوا اسم الفنجرى فى استبيان لتشكيل مجلس رئاسى تم توزيعه على المعتصمين فى ميادين التحرير، ويتضمن الاستبيان أسماء لسياسيين على أن يختار المعتصمون 4 منهم إضافة إلى الفنجرى ليتشكل منهم المجلس الرئاسى، واللافت أن الاستبيان لم يطرح أى أسماء عسكرية سوى الفنجرى. ويرى عبدالفتاح أن إعلان المجلس العسكرى نيته فى وضع المبادئ الحاكمة للدستور وضوابط اختيار الجمعية التأسيسية، هى محاولة لتصحيح الأخطاء الفادحة التى ارتكبت أثناء وضع خارطة الطريق، ومن تلك الأخطاء إجراء تعديلات على دستور ساقط، ثم إصدار إعلان دستورى، وإجراء الانتخابات ثم وضع الدستور، و«هى الخريطة التى أثارت النخبة المثقفة». وعن الرسالة التى وجهها الفنجرى للذين يريدون القفز على السلطة، قال عبدالفتاح ان المقصود بهذه الفئة هم الإخوان المسلمون وأطراف إسلامية أخرى منها السلفيون، مضيفا «جماعة الإخوان كانت ترى أن قصر المرحلة الانتقالية تعتبر اللحظة التاريخية المناسبة لفرض شروطها على بناء النظام الجديد وهو الخطأ الأكبر الذى وقعت فيه الجماعة». ويرى عبدالفتاح أن السقطة الوحيدة فى البيان، هى دعوة الفنجرى للمواطنين الشرفاء للتصدى لمن يحاولون تعطيل العمل، وقال «هذا الجزء به عدم توفيق لحد ما ويخلق فجوة بين الجماهير الثائرة وأطراف أخرى فى البلاد وغالبية أبناء المجتمع المفترض الهدف اقناع القوى الثائرة». من جانبه قال عمرو الشوبكى، رئيس منتدى البدائل، إن البيان إيجابى وأكثر وضوحا من بيانات رئيس الحكومة وخارج من السلطة الحقيقة الموجودة فى مصر وهى سلطة المجلس، وليس رئيس الحكومة رغم أنه حاول الحديث عن صلاحيات لرئيس الوزراء. واعتبر الشوبكى ان وضع المعايير الحاكمة للدستور من أهم النقاط الايجابية التى وردت فى البيان، اما عن حديث الفنجرى عن رفض المظاهر غير السلمية وغلق المصالح الحكومية فقال الشوبكى «هذا كلام رددته قوى سياسية أخرى، ولا يمكن اعتباره بالضرورة تحريضا»، وأضاف: «الثورة قوتها فى تعاطف الناس وليس العكس». واستبعد الشوبكى فى تحليله استهداف الإخوان عند الحديث عن محاولات البعض القفز على السلطة وقال «المقصود بها التيارات التى تعطل المسار وليس موجها للإخوان، الحديث غير موجه لتيار سياسى بعينه ولكن كل من يحاول فرض آليات خارج اطار القانون». من جانبه قال الدكتور وحيد عبدالمجيد، المحلل السياسى، ان البيان فى مجمله جيد، مشيرا إلى التأكيد على التزام المجلس العسكرى بالمسار الديمقراطى ويؤكد إجراء الانتخابات فى الموعد المحدد لها كما جاء فى الإعلان الدستورى، موضحا ان فتح باب الترشيح للانتخابات سيكون فى أول أكتوبر المقبل. وفسر عبدالمجيد «محاولات البعض بالقفز على السلطة» بأنها «القوى التى تحاول الانحراف بمسار الثورة لممارسات عنيفة وقطع طرق وإغلاق مرافق والتهديد بإغلاق قناة السويس والمرافق الحيوية هذه هى القوى المقصودة»، وفى الوقت نفسه استبعد عبدالمجيد استخدام العنف ضد المعتصمين. حقوقيون: بيان غامض فى التزاماته واضح جدًا فى تهديداته وصف مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهى الدين حسن، بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى جاء على لسان اللواء محسن الفنجرى، بأنه «عبارة عن مجموعة التزامات محاطة بالغموض ، بينما مجموعة التهديدات التى ظهرت فى النهاية هى نحو 5 تهديدات واضحة وصريحة جدا»، على حد قوله. وأوضح حسن ل«الشروق» أن التزام المجلس بانتخابات برلمانية ثم دستور ثم انتخابات رئاسة الجمهورية، لم يحدد المدى الزمنى الذى سيتم فيه، فلم يوضح متى ستجرى الانتخابات البرلمانية، فى حين أنه وفقا لالتزام سابق من المجلس فقد قال إنه سيسلم السلطة خلال ستة أشهر، وهى الفترة التى من المقرر أن تنتهى بعد شهر من الآن، يوم 12 أغسطس تحديداً. كما أشار إلى التزام البيان «بإعمال أحكام القانون»، متسائلا «كيف يُفهم فى علاقته بالمطالبة بإلغاء المحاكم العسكرية للمدنيين؟»، مشيرا إلى أن العبارة غامضة، قد تعنى تراجعا عن المحاكم العسكرية أو استمراراً فى نفس السياسة فى ظل الوضع الاستثنائى الراهن. وفيما يختص بالتزام البيان بإعداد وثيقة مبادئ حاكمة لاختيار الجمعية التأسيسية، تساءل حسن «هل ستكون وثيقة لمبادئ فوق دستورية أو تحكم عملية وضع الدستور مثل التى وضعها البرادعى، أم وثيقة مبادئ أم قواعد اختيار الهيئة التأسيسية». وأضاف «فى النهاية، سواء دى أو دى كيف سيتم التوافق عليها، هل سيشكل لجنة مثل التعديلات الدستورية التى كانت غير مهنية وأدخلت البلد فى أزمة واضطر بعدها لعمل إعلان دستورى»، على حد قوله. أما على مستوى التهديدات التى يراها مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان «واضحة جدا»، فقد اعتبر أنها تأتى ردا على ما سماه «بعض التصريحات والتهديدات والممارسات فى الأيام الأخيرة التى لم تكن فى صالح الثورة وليست مقبولة لا من منظور قيم ثورة 25 يناير التى كانت أهم سماتها السلمية، أو المنظور الحقوقى»، مشيرا فى هذا الصدد إلى التهديد بإغلاق المجرى الملاحى لقناة السويس، وإغلاق مجمع التحرير والتى يعتبرها «تصرفات أول من سيضار منها هى قوى الثورة نفسها والتى ستؤدى اللى عزلها عن الجمهور العام الذى يجد نفسه يتعرض للضرر وقد تستخدم كأساس لاتخاذ اجراءات أكثر قمعية فى الفترة القادمة تجد تعاطفا من قطاعات من المصريين». ويرى حسن أن البيان «متأخر، وكان مطلوب تقديم وعود وسياسات وخطوات عملية أكثر وضوحا فيما يتعلق بالالتزامات التى قدمها الإعلان، حيث تجاهل أحد أهم المطالب بالنسبة للمصريين المتعلقة بإنصاف الشهداء»، على حد قوله. ومن جانبه رحب، الناشط الحقوقى ومدير المجموعة المتحدة للمحاماة، نجاد البرعى، بما جاء فى البيان قائلا «أنا لو مكان اللواء الفنجرى لازم أهدد فما يحدث فى البلد شىء لا يمكن لأحد أن يقبله فى ظل استمرار «قطع البلد والمترو والتحرير». وقال البرعى «هناك حالة من السيولة السياسية فى البلاد وهذا سيشجع أكثر لتشديد قبضة الجيش على الحكم والحل الوحيد الذهاب إلى الانتخابات فورا». وأكد أنه لا يهتم بأى شىء آخر سوى الذهاب إلى صندوق الانتخابات لاختيار حكومة مدنية «حتى لو جاء المجلس كله من الإخوان المسلمين»، على حد قوله، مضيفا أن «ما يحدث الآن سيقود البلاد إلى فوضى تؤدى إلى حكم عسكرى كامل والحل الوحيد إنهاء هذا الجدل والعمل على الإسراع بالانتخابات التشريعية». «الإخوان»:الحزم مطلوب.. و«شباب الثورة»: سنواصل الضغوط «البيان يكشف عن عدم خبرة المجلس فى التعاطى مع مطالب المعتصمين»، «الحزم مطلوب لمواجهة الاعتصامات الفوضوية الممولة من أمريكا ورجال الأعمال»، هكذا اختلفت القوى السياسية فى تقييمها للبيان «شديد اللهجة» الذى ألقاه عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، اللواء محسن الفنجرى أمس. الوصف الأول جاء على لسان عضو المكتب التنفيذى لائتلاف شباب الثورة، خالد السيد، أما الثانى فعلى لسان القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، حمدى حسن. وقال خالد السيد: «المجلس العسكرى مثل أى سلطة عندما يحدث أى حراك جماهيرى يضطر لتقديم أقل قدر من التنازلات، وهو ما لا يرقى للحد الأدنى من مطالب المعتصمين». ودلل السيد على ذلك قائلا: «أعلن الفنجرى فى خطابه عن وثيقة مبادئ دستورية وضوابط أخرى لتشكيل اللجنة المعنية بصياغة الدستور وهو ما نعتبره استجابة محدودة لمطالبنا، وسنواصل ضغوطنا بمسيرات سلمية فى اتجاه ميدان التحرير الجمعة القادمة لحصد مزيد من المكاسب». ويرى السيد أن «المجلس سيظل متمسكا بسلطاته بغض النظر عن مصلحة مصر»، واصفا خطابه ب«المخيب للآمال، ويذكرنا بالخطاب الأول لمبارك». واتفق معه عضو مؤسسى حزب التيار المصرى، تحت التأسيس، محمد القصاص، الذى أكد أن البيان لم يرد على مطالب الثوار فى التحرير وميادين الجمهورية، سواء ما يتعلق بتطهير الداخلية، وعدم ممارسة أعضاء النظام السابق للسياسة، والمحاكمات العلنية. وانتقد عضو مجلس أمناء الثورة، أحمد نجيب، خطاب الفنجرى، وذهب إلى أنه بادرة للانقضاض على الثورة، وقال: «لا يزال المجلس يعمل بأسلوب حوار النظام السابق»، مشددا على أن مصر لن تسمح لأحد أن يستولى على الشرعية الثورية والدستورية لأن الشرعية للشعب أولا وليس للمجلس. وأضاف نجيب: «القوى الثورية تدرك الدور التاريخى للمجلس لكنها تحمله المسئولية عن تبعات سوء إدارته للموقف»، مشددا على ضرورة ألا يتعامل بالقوة إزاء المتظاهرين». من جهته، قال عضو الهيئة العليا فى الحزب الديمقراطى، باسم كامل، إن البيان «لم يدرك أهمية الاعتصام ومطالب الثوار، ولا يخلو من تهديد للثوار بشكل غير مباشر، ونحن نرفضه جملة وتفصيلا». وتابع: «الايجابية الوحيدة أنه وافق على المبادئ فوق الدستورية». على النقيض، جاء موقف جماعة الإخوان المسلمين، التى اكتفت بالتظاهر فى مليونية 8 يوليو وقاطعت الاعتصام، فقد أكد القيادى بالجماعة حمدى حسن أن «الحزم والشدة مطلوبين وبقوة للتصدى لموجة الاعتصامات الفوضوية التى قادتها قوى غير معروفة ورجال أعمال يحاولون القفز على السلطة وتحدى إرادة الجماهير المشاركين فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذى جرى فى 19 مارس الماضى، كان لزاما على المجلس العسكرى أن يصدر بيانا شديد اللهجة». حسن قال ل«الشروق» «حق التعبير عن الرأى مكفول لكن إغلاق مجمع التحرير ومحاولات تعطيل الحركة الملاحية بقناة السويس وتعطيل حركة السير بطريق العين السخنة يحول الثورة لفوضى غير مقبولة على الإطلاق». «قد يكون المجلس العسكرى قد لجأ لآلية غير مناسبة عندما دعا المواطنين للتصدى لكافة أشكال الاحتجاج التى تعطل سير الحياة، مما ينذر باندلاع حرب أهلية»، يوضح حسن، إلا أنه استدرك قائلا: «لكنه اضطر لذلك بعد اعتصام مجموعة من الخارجين على الثورة، الممولين من أمريكا ورجال الأعمال، بميدان التحرير، كان من الممكن الاكتفاء بمليونية 8 يوليو فقط لأنها بالطبع بعثت برسالة واضحة لصناع القرار للاستجابة لمطالب الثورة». وأكد حسن أن المجلس العسكرى أعلن عن خطة زمنية لإجراء الانتخابات وتشكيل اللجنة المعنية بصياغة الدستور ثم اختيار رئيس الجمهورية وهو ما أقره الشعب فى الاستفتاء وعلى الجميع أن يرضخ لإرادة الجماهير. ويرى حسن أن رفع مطالب الحد الأدنى للأجور ومحاكمة قتلة الثوار مع بعضها «خلط للأوراق وجريمة بحق الثورة وتهدد بضياع مكتسباتها»، على حد تعبيره. شارك في الإعداد: صفاء عصام الدين وعلياء حامد وأحمد فتحى وريهام سعود.