أطلق مجموعة من الشباب الجزائرى حملة إلكترونية واسعة بهدف الضغط على السلطات لإلغاء مهرجانى «جميلة» و«تيمقاد» المقرر إقامتهما فى شهر يوليو الحالى وذلك لتوفير الميزانية المخصصة لهما وإنفاقها على فقراء البلاد. وتمثل تلك الحملة الاحتجاج الأكبر ضد إقامة المهرجانات الفنية التى تتميز بها الجزائر وتسعى من خلالها إلى الترويج السياحى والثقافى للبلاد. وتشبه الحملة تلك التى أطلقها شباب مغاربة ضد مهرجان «موازين» للموسيقى قبل أسابيع، حيث هددوا وقتها بضرب المطربين بالأحذية والبيض الفاسد، مطالبين كذلك بتخصيص الأموال التى تنفق فى المهرجان على الشعب المغربى قبل أن يقام المهرجان فى موعده متجاهلا الأصوات المطالبة بالغائه. غير أن حملة الاعتراض الجزائرية أخذت طابعا أكثر حدة، حيث هدد المشاركون فيها برشق ضيوف المهرجانين من المطربات والمطربين بالأحذية والحجارة وبتصعيد الاحتجاج لأنهم أحق بالنقود من أولئك المطربين. واتهم الشباب الجزائرى وزارة الثقافة بإهدار المال العام المملوك للشعب، وتبذيره فى مهرجانات تفسد الهوية والممتلكات على الفنانات فى وقت يرزح فيه الشعب تحت أبشع أنواع الفقر. واستقطبت الحملة أعدادا كبيرة من المؤيّدين والمتعاطفين، فتجاوز عدد المشتركين فيها الآلاف السبعة، وهو ما أجّج الرغبة فى تحويل الدعوة الافتراضية إلى احتجاج ميدانى من خلال دعوة سكان ولايتى «سطيف وباتنة» إلى الاحتجاج. وكان لافتا وضع شعارات إسلامية على الصفحة مثل «يا نشء أنت رجاؤنا وبك الصباح قد اقترب»، كذلك طغى التوجه الدينى على آراء معظم المعلّقين الذين استعان بعضهم بآيات قرآنية. وأصدر الشباب الجزائرى المشارك فى الحملة بيانا أكدوا فيه رفضهم التام والقاطع لكل ممارسات وزارة الثقافة المتعلقة بإقامة المهرجانات الغنائية التى تستدعى فيها مجموعة من الفنانين بأموال ومبالغ خيالية تستنزف فيها الخزينة العمومية، وهى فى الأصل أموال ملك للشعب الجزائرى. وأضاف البيان أنه كان الأولى أن توجه هذه المبالغ لتشغيل الشباب وإقامة مشاريع تنموية وإصلاحية، ولعله لا يختلف اثنان على أن هذه المهرجانات التى دأبت على إقامتها وزارة الثقافة سنويا، لا تعود بالنفع أو بجدوى اقتصادية ملموسة على الدولة الجزائرية بل على العكس. واعتبر الشباب فى بيانهم أن هذه المهرجانات «الهابطة» تتنافى مع خصوصية وعادات الأسرة والمجتمع الجزائرى الأبى عامة، إذ إن الأسرة الجزائرية والمجتمع المحافظ يرفضان أن تعلو أصوات الأغانى الهابطة فى سماء الجزائر. وحذر القائمون على الحملة من أن إقامة المهرجانات فى وقت تعيش فيه المنطقة العربية على وقع تغييرات جذرية أدت إلى سقوط الآلاف من ضحايا الحرية يدل على تنصل كبير ولا مبالاة تجاه قضايا الوطن العربى الكبير وتجاهل لمبادئ الثورة التحريرية التى تنص على أنّ الجزائر جزء لا يتجزأ من البلاد العربية تشاركها آلامها وآمالها. بل ووجه الشاب دعوة صريحة وقوية للمواطنين الجزائريين بمقاطعة هذه المهرجانات بشكل نهائى حتى تجبر الحكومة على التراجع عن إقامتها خلال السنوات التالية فى حال تمسكت بإقامتها العام الحالى. بل وذهب منظمو الحملة إلى أبعد من ذلك بقيام عدد منهم بشن حرب إلكترونية على المطربين المشاركين فى المهرجانين وأبرزهم اللبنانية إليسا، حيث نجح «هاكرز» جزائريون فى اختراق موقعها على شبكة الإنترنت. وكتب المخترقون على صفحتها أن هذا يعد تهديدا أوليا طفيفا، سيليه تحركات أخرى فى حال لم تتراجع إليسا عن زيارتها للجزائر. وبرر أصحاب الحملة تركيزهم على إليسا بالقول إن «الزخم الذى أعطته وزارة الثقافة لحضورها كان كبيرا، وبالتالى نخاف تكرار سيناريو تامر حسنى فى الجزائر وإذلال الشباب الجزائرى»، فى إشارة إلى تدافع مئات الفتيات الجزائريات نحو تامر خلال حفله هناك قبل عامين.