السباق بين دخل المواطن المصرى والغلاء لا ينقطع وغالبا ما تحسم النتيجة لصالح الغلاء هذا الغول الذى تصوره ريشة فنانى الكاريكاتير بكائن قبيح المنظر يبتلع أى تحسن فى الدخل لتصبح الزيادة كأنها لم تكن. هذه الصورة تشكل هاجسا لدى كثير من المستهلكين وهم يترقبون راتب شهر يوليو المقبل المقرر صرفه بحد أدنى يبلغ 700 جنيه بعد الزيادة التى قررتها حكومة شرف. هذه المرة تتفق رؤية المستهلك مع التاجر فى أن الزيادة سوف تتبخر بفعل الغلاء والأسعار المتوقع ارتفاعها، خاصة بالنسبة للسلع الغذائية، وإن اختلفت الأسباب، فبينما يرى مستهلكون وممثلون عن جمعيات حماية المستهلك أن المشكلة فى غياب الرقابة عن الأسواق وعدم تدخل الحكومة بالشكل المطلوب يرى التجار أن رفع أسعار السلع مسألة خارجة عن إرادتهم نتيجة نقص المعروض بسبب قلة الإنتاج والحد من الاستيراد. خفض المعروض من السلع تقرير اتحاد الغرف التجارية عن شهر مايو الماضى كشف عن انخفاض مبيعات المواد الغذائية بنسبة 17% بحسب أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، موضحا أنه لو استمر الوضع كما هو عليه فإن ذلك يعنى كثرة المعروض وعدم التخوف من زيادات جديدة فى الأسعار إلا أن الوكيل استدرج قائلا إن الأسابيع الماضية شهدت انخفاضا فى إنتاج السلع الغذائية مع تعسف الأجهزة الرقابية فيما يخص الاستيراد وهو ما قد يؤدى إلى خفض المتاح من السلع متوقعا أن تحدث زيادات فى أسعار هذه السلع خاصة مع قدوم شهر رمضان مثل اللحوم، والألبان ومنتجاتها والزيوت نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية كما أشار الوكيل إلى أن غياب الأمن وارتفاع أسعار المواد الخام ومواد التغليف وعرقلة الإفراج عن شحنات الغذاء الواردة إلى مصر سيساهم فى موجة غلاء جديدة. وحول توافر كميات كافية من الأرز خلال الفترة المقبلة أشار الوكيل إلى أن الاتحاد طالب الحكومة فى شهر ابريل الماضى باستيراد 150 ألف طن من الأرز لإحداث توازن فى السوق خاصة أن موسم حصاد الأرز فى شهر أغسطس لن يلحق شهر رمضان. يختلف مع تلك الرؤية خالد أبواسماعيل مستورد دواجن والرئيس السابق لاتحاد الغرف التجارية مؤكدا أن السوق لن تشهد ارتفاعات ملحوظة فى الأسعار نظرا لحالة الركود السائدة متوقعا عدم ارتفاع أسعار الدواجن على سبيل المثال خاصة المجمدة خلال الفترة المقبلة، ومشيرا إلى أن سعر الكيلو للمستهلك لن يزيد على 20 جنيها وفى الجملة 18جنيها بانخفاض جنيهين عن العام الماضى رغم زيادة أسعار الدواجن عالميا التى ارتفعت من 1700 دولار للطن العام الماضى إلى 2200 بزيادة 500 دولار فى الطن، مؤكدا أن المستورد الملتزم بعقود وبحصة شهرية يخسر 4 جنيهات فى الكيلو، لافتا إلى أن بعض التجار غير الملتزمين بعقود لم يقوموا بالاستيراد منذ ثلاثة شهور. الترشيد بدأ بالياميش بعض أسعار السلع الغذائية ارتفعت بنسبة تتراوح ما بين 10 15% ويتوقع التجار زيادة مماثلة مع صرف راتب شهر يوليو تبعا لجمال زقزوق رئيس جمعية حماية المستهلك بالاسكندرية، مؤكدا ثبات أسعار السلع بالمجمعات، ونافيا ما نشر عن إصدار توجيهات من رئيس شركة مجمعات الاسكندرية إلى الفروع التابعة لها بتحريك الأسعار بنسبة 10% وقال زقزوق لقد قمت بجولة فى تلك المجمعات وتأكدت من وجود مخزون من الأرز والسكر والزيت وكثير من السلع الأساسية تكفى حاجة المواطنين حتى شهر رمضان، وأكد أن سلاح الجمعيات الوحيد فى قضية رفع الأسعار هو حث المستهلكين على الترشيد مشيرا إلى إعداد الجمعية لحملة لمقاطعة شراء الياميش تحمس للمشاركة فيها حتى الآن 6 جمعيات على مستوى الجمهورية فى نفس الوقت وبحسب زقزوق طالبنا التجار والغرف التجارية بتقليل أرصدتهم من استيراد الياميش، لافتا إلى ترحيب البعض ورفض البعض الآخر، نظرا لأن الدعوة جاءت متأخرة والبضاعة موجودة حاليا على أرصفة الموانئ منوها إلى أن الاستجابة كانت أكبر لترشيد استهلاكه. وأشار إلى اتفاق تم مع شركة مجمعات الاسكندرية لإقامة شوادر ومنافذ لبيع السلع بأقل من السوق ب15% تبيع اللحوم والدواجن والألبان والأرز والمكرونة والزيت والصلصة والسكر والدقيق، لافتا إلى أن النقاش يدور حاليا بين فتح هذه المنافذ أمام أفرع المجمعات أم فى المناطق الشعبية كما كان يحدث من قبل بهدف تأمينها؟ الأسعار تحركت بالفعل دون انتظار لعلاوة أو لحد أدنى للأجور، وبدأت فى الارتفاع دون مبرر ويجب أن تتوافر إجراءات حازمة من قبل الدولة لضبط حالة الانفلات المتوقعة ونفعّل الرقابة ونبطل نغمة السوق الحرة، ورهان عصام شرف على أن التجار سوف يلتزمون بعدم رفع الأسعار وفقا لكلام فوزى المصرى رئيس جمعية الشرقية لحماية المستهلك مقللا من أهمية دور اللجان الشعبية فى الرقابة على الأسواق كما سبق وذكر وزير التضامن، مدللا على ذلك بأن واحدة من هذه اللجان طلبت من صاحب مستودع بوتاجاز 200 جنيه لحماية العربة التى تحمل أنابيب البوتاجاز، وقال المصرى نحن كجمعيات لنا شرعية وسند قانونى لكن ليس لنا حق الضبطية القضائية ضد المخالفين فكيف يكون وضع اللجان الشعبية فى الرقابة، وأشار إلى أن شعبة البتروكيماويات بالغرفة التجارية اجتمعت وقررت أن جمعية حماية المستهلك سوف تراقب توزيع اسطوانات الغاز لكننا اشترطنا توفير الحماية الأمنية. السحب من المخزون من جانبه يؤكد سامح زكى، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة القاهرة، أن مشكلة الأسعار ليست فى رفع الحد الأدنى للأجر ولكن فى تحديد الأجر وربطه بالانتاج وبحزمة إجراءات متكاملة تجنبا لحدوث تضخم نتيجة زيادة السيولة فى السوق مع نقص المعروض من السلع وهو ما سوف يحدث، وأشار إلى تقدم الغرفة بمذكرة إلى وزارة المالية تطالب بربط الحد الدنى بالإنتاج، ويرى زكى أن السوق سوف تنضبط ذاتيا خلال الفترة المقبلة كما حدث فى الياميش الذى انخفضت فاتورة وارداته من 100 مليون جنيه العام الماضى إلى 20 مليون جنيه هذا العام وهو ما يدل على أن التاجر يشعر بالسوق وحريص على عدم استيراد بضاعة سيكون مصيرها إما البيع بأقل من أسعارها أو الاحتفاظ بها فى المخازن وهو ما قد يعرضها للتلف ويرى أن على الدولة أن توفر السلع الأساسية مثل الأرز والمكرونة والزيت والسكر للمستهلكين بالتدخل باستيراد كميات كافية منها ويؤكد زكى على حالة الركود التى تسود الأسواق نتيجة ضعف القوى الشرائية حتى إن السلاسل التجارية الكبرى تعانى من تلك الظاهرة وهو ما يفسر انتشار العروض المستمرة الخاصة بتخفيض الأسعار ويطالب بتحديد أسعار استرشادية، ورغم ذلك تبعا لزكى فإن الدلائل تشير إلى قلة المعروض من السلع مع قدوم شهر رمضان مشيرا إلى تقرير غرفة تجارة الاسكندرية الذى يؤكد سحب كميات كبيرة من السلع الغذائية الموجودة بمخازن التجار من قبل الأخوة الليبيين بسبب ظروف الحرب وهو ما سوف يؤثر بالسلب على الاحتياطى المخزن من السلع، ويساعد فى ذلك مشاكل الاستيراد الحالية وتخوف الموردين من عدم إمكانية سداد المستوردين المصريين نتيجة تذبذب الوضع الاقتصادى، فضلا عن وقف التسهيلات التى كانت تمنح من جانب المورد الأجنبى مثل إعطاء مهلة 120 يوما لسداد قيمة البضاعة وهى فترة زمنية كافية لتصريف السلع والسماح بالسداد. المستهلك غير متفائل بقرار ال700 جنيه كحد أدنى للأجر، فكما توضح فتحية محمود ربة بيت أن المهم هو ضبط الأسعار وليس رفع المرتبات، مشيرة إلى ان الشعب المصرى «مش كله موظفين» وليس مضمونا أن القطاع الخاص سيطبق هذا القرار ولا الحكومة تضمن ذلك، فيما يقول محمد الشرقاوى، موظف، بمجرد السماع عن أى زيادة أو تحسن فى الأجور يسارع التجار برفع الأسعار وتلك قاعدة معروفة، ويرى أن الحل فى قيام الدولة وحدها بالاستيراد لتوفير احتياجات المستهلكين من السلع وعرضها بسعر عادل.