كعادة المسئولين فى مصر لا يستمعون إلا لأنفسهم ولا يستجيبون إلا لمصالحهم، هذا ما تؤكده قرى «التصدير» الصغيرة حجما، الضخمة والعظيمة إنتاجا بمحافظة المنيا التى تشتهر بأراضيها الخصبة، وجودة محاصيلها التى تصدر لعدد من دول العالم، تلك المنتجات التى تعانى رحلة شاقة للخروج من القرى، عبر طرق متعرجة لطالما عانت من الإهمال. ففى قرى «البرجاية وصفط اللبن»، يتم زراعة ما يقرب من 3 آلاف فدان بمحصول البطاطس، والتى تعطى إنتاجا يصل إلى 3 ملايين طن فى العام الواحد، يصدر معظمها إلى «هولندا وفرنسا وألمانيا»، فى حين يتم تسويق فائض الإنتاج محليا لعدد من المصانع. البطاطس ليست هى المنتج الأفضل والأوحد داخل قرى التصدير، فهناك نوع آخر من النباتات العطرية والعشبية تشتهر بها قرى «صفط الغربية وقرى 7 و8»، والمعروفة بقرى الجبل، وتنتج أراضيها البالغة مساحتها خمسة آلاف فدان، أجود أنواع النباتات العطرية والطبية، ويتوافد إليها كبار مصدرى المحاصيل، كما تتهافت على إنتاجها كبرى الشركات الطبية. يقول المهندس محمود مروان أحد مسئولى جمعية منتجى البطاطس، إن محافظة المنيا تحتل الصدارة فى قائمة المحافظات المنتجة للبطاطس، حيث تحتل قريتا البرجاية وصفط اللبن المركز الأول فى إنتاجها، وتشتهر بزراعة أجود الأنواع مثل كارا، وتتميز ببياض لونها وأنواع «دايمون وبيرنا وليدى روزيتا والتيربو»، والتى يفضلها سكان ألمانيا واسكتلندا وهولندا، وعلى مستوى التسويق المحلى، يفضل أهالى الوجه البحرى وخصوصا الإسكندرية بطاطس كارا، حيث تمتاز بارتفاع نسبة السكريات بها. وأضاف مروان أنه كان سيتم إنشاء جمعية تعبئة لتصدير البطاطس، ولكن الصعيد دائما فى طى النسيان بالنسبة للمسئولين، فهذه القرى تعانى سوء الطرق وتجاهل المسئولين، ويتعرض 50 % من مزارعيها للحبس بسبب قروض وفوائد بنك التنمية والائتمان الزراعى. ويضيف شمس الدين نور الدين: قرى التصدير تتميز بزراعة الأعشاب الطبيعية والنباتات العطرية والطبية «كاليانسون والكمون والحبة السوداء وزهرة البابونج»، وتصل المساحات المزروعة من تلك النباتات إلى خمسة آلاف فدان. يقول كمال الروبى أحد مزارعى النباتات الطبية، إن الفلاحين تقتصر مهمتهم على إنتاج المحصول فقط، ويأتى إليهم كبار المصدرين من مختلف محافظات مصر خصوصا الفيوم وبنى سويف، لشراء المحصول وتصديره للدول الأجنبية، وهناك العديد من شركات الأدوية ترغب فى التعاقد مع المزارعين. وعن إنتاجية الفدان يقول أسامة الدمشاوى، إنها تختلف من موسم لآخر حسب الظروف الجوية، فالفدان الواحد قد يعطى مثلا بالنسبة لليانسون 500 كيلو فى المتوسط، ويرتفع إلى 700، وقد يقل عن ذلك بكثير، مثلما حدث فى موسم هذا العام نظرا للظروف الجوية السيئة التى أثرت على جميع المحاصيل. ويكشف المهندس ظريف حبشى رئيس قسم الإرشاد الزراعى بالمحافظة، عن أن المزارعين لا يجدون تشجيعا من الوزارة ليكون هناك نوع من التصدير المباشر، ويخشى مزارعو المنيا من المخاطرة والخوض فى تجارب التصدير، خصوصا أنه لا توجد ضوابط تحكمه ولا يلقى اهتماما من المسئولين، ولا يوجد قانون يحمى المصدرين، ومن الممكن أن يقعوا تحت سيطرة الشركة الأجنبية. وطالب رئيس قسم الإرشاد المسئولين بضرورة الالتفات إلى المزارعين بقرى الصعيد، وتقديم الدعم الكامل لهم لتشجيعهم على تنمية الزراعات والتصدير لدول الخارج، وعمل رابطة لمزارعى المحاصيل المختلفة.