من الممكن ألا تتجاوب أغلبية الجمهور مع مناورات الجبهة الداخلية عندما ستنطلق صفارات الإنذار فى الساعة الحادية عشرة صباحا والسابعة ليلا، فالجزء الأكبر من الجمهور قد ينسى المناورة، ومن سيتذكر منه فإنه لن يتوجه إلى الملاجئ أو إلى الأماكن الآمنة، وإنما سينتظر توقف الصفارات. ويمكننا أن نفسر هذه اللامبالاة لدى الجمهور الإسرائيلى بأنها دليل على تمسكه بالحياة، أو بأنه يعيش ضمن فقاعة منقطعا عما يحدث حوله، فلا يشعر بالتهديدات التى تحيط به ولا يرى آلاف الصواريخ المصوبة نحو كل نقطة فى إسرائيل. وعندما تحين ساعة الحقيقة لن يجد هذا الجمهور وقتا لطرح الأسئلة، لذلك فإن التدرب على كيفية التصرف فى أوقات الطوارئ سينقذ الأرواح عندما ستتساقط الصواريخ من حولنا. وفى كل الأحوال، يجب ألا يتكرر ما حدث للجبهة الداخلية أيام حرب لبنان الثانية، إذ إن دروسا كثيرة تم استخلاصها من حرب يوليو 2006، وجرى استيعابها بصورة خاصة على الصعيد العسكرى، كذلك طورت قيادة الجبهة الداخلية قدراتها بصورة كبيرة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. لكن المشكلة مازالت مطروحة على الصعيد المدنى، وعلى صعيد الأداء المثير للجدل لعدد من وزارات الدولة، بالإضافة إلى عدم منح الوزارة الجديدة، أى وزارة الدفاع المدنى والجبهة الداخلية، صلاحيات توجيه عمل سائر الوزارات الأخرى فى أوقات الطوارئ. من هناك ليس واضحا إلى متى ستصمد الوزارة الجديدة المطروحة على طاولة وزارة الدفاع حيث يحاول كبار المسئولين هناك عرقلة ولادة هذه الهيئة التى من شأنها إنقاذ الأرواح. إن نتائج الحرب المقبلة مرهونة بقدرة صمود الجمهور على الجبهة الخلفية. لذا،فإن لامبالاة الناس إزاء المناورات أمر مقلق، لكن الأكثر إثارة للقلق هى الثغرات فى استعدادات السلطات المحلية، وفى خططها وصلاحياتها، وميزانياتها، إذ ينبغى لنا إصلاح هذا كله قبل أن تنطلق صفارات الحرب الحقيقية.