إذا ملك الإنسان الفرح بكى، وإذا هزه الحزن بكى، حتى إذا تملكه الشجن دمعت عيناه، فالدموع لا نلحظها إلا حينما تفيض فى عيوننا أو نلمحها فى عيون الآخرين. فى الدموع راحة نفسية وخلاص من ضغوط نفسية كثيفة، الأمر الذى قد يدفع الأطباء لحث المرضى عند الصدمات على البكاء. تظل الدموع فى ذاكرتنا تعبيرا عن الانفعال ورغبة فى إبداء المشاعر وننسى دائما أن العين تدمع دائما وبلا انقطاع لأن وظيفتها الأساسية هى حماية العين حتى لو كانت دموع التماسيح.. الدموع إحدى الوسائل الطبيعية التى تحمى العين فى غلالة رقيقة شفافة قد يتصور البعض أنها مجرد قطرات من الماء المالح لكنها فى الواقع خليط من المركبات المهمة التى يفرزها على الدوام عدد من الغدد والأنسجة داخل العين وفيما حولها. أصل الدموع ووظيفتها الدموع علميا سائل على بساطة مظهره إلا أنه معقد التركيب ذو قيمة غذائية عالية للعين وتركيباتها المختلفة إذ يضم إلى جانب الماء والأملاح الدهون ومركبات بروتينية ومركبات مضادة للفيروسات والميكروبات المختلفة أيضا مواد محفزة لعمل خلايا القرنية. مع كل حركة لجفن العين يتم فرش الدموع على كل سطح العين فى حركة قد تشبه استخدام المساحات المطاطية على زجاج السيارة الأمامى الأمر الذى يحافظ على نظافته وصفائه مما يتيح الرؤية بوضوح كامل. الدموع يشارك فى صنعها الملتحمة «غشاء شفاف يغطى بياض العين والجفن من الداخل» والغدد الدمعية المتراصة على حافة الجفن. الدموع بتركيبتها تقاوم غزو الميكروبات والفيروسات، الأمر الذى يقلل من خطر العدوى ويعمل على غسل الشوائب ودفعها نحو زاوية العين للتخلص منها كالأجسام الغريبة وذرات التراب. الدموع أيضا تقوم بترطيب العين وتغذيتها بما تحمله من مواد غذائية لازمة تتجدد باستمرار مع إنتاجها الدائم. الضوء يمر من خلال تلك الطبقة الرقيقة التى يجب أن تظل على نقائها وليونتها لتتيح صورة منتظمة فلا تتشوه الرؤية. تتكون الدموع من طبقات ثلاث تشبه فى تركيبها شكل الغلالة الشفافة أو الغشاء، الطبقة الخارجية زيتية فى طبيعتها لتمنع تبخر ماء الدموع وتبقى على سطح العين أملس ناعما نديا. الطبقة المتوسطة وهى الطبقة المائية التى تفرزها الغدد الدمعية وتعمل على غسل العين باستمرار وتخليصها من أى ذرات غريبة أما الطبقة الداخلية فهى طبقة مخاطية تفرزها الملتحمة تدعم انتشار الطبقة المائية بالتساوى على سطح العين وتساهم فى ترطيب العين والحفاظ على محتواها المائى. جفاف العيون جفاف العين قد يحدث إما لعدم كفاية إنتاج الدموع أو زيادة معدل تبخرها نتيجة غياب تلك الطبقة الزيتية التى تحمى الماء من التبخر نتيجة التعرض الدائم للجو. قد يبدو الأمر بسيطا لكن الواقع أن استمرار جفاف العين قد يؤدى لمضاعفات خطيرة تنعكس على القدرة على الإبصار والرؤية نتيجة تغيرات فى أنسجة القرنية وصلبة العين. جفاف العين وانحسار الدموع يسبب بلا شك إحساسا بالانزعاج الشديد ورغبة دائمة فى حك العين التى تبدأ بالاحمرار وقد تتعقد الأمور بمشكلات فى الرؤية التى تصبح مشوشة وضبابية. أسباب جفاف العين أحد أهم أسباب جفاف العين يرجع إلى تقنيات المدنية الحديثة ومنها التحديق المستمر فى شاشة الكمبيوتر لساعات طويلة دون التوقف لأخذ قسط من الراحة يضمن ترطيب العين. أيضا تكييفات الهواء التى تستخدم لتبريد الهواء فى الصيف والأخطر منها ما يستخدم للتدفئة فى أيام الشتاء الذى يسفر عن جفاف الهواء الأمر الذى يسهل تبخر الطبقة الزيتية التى تحمى ماء الدموع من التبخر وبالتالى يسبب الجفاف للعين. التقدم فى العمر يحمل خطر جفاف العين خصوصا للسيدات فى زمن الخريف نتيجة انحسار الهرمونات خاصة الأندروجين الذى يحفز إفراز الدموع مقارنة بالرجال الذين يملكون قدرا أكبر منه. كذلك انحسار هورمون الأستروجين الأنثوى الذى يشارك أيضا فى صناعة الدموع. المداومة على استعمال العدسات اللاصقة إذ إنها تمتص الدموع. الإصابة بأحد أمراض المناعة الذاتية عندما يهاجم الجسم ذاته بدلا من مقاومة الميكروبات التى تغزوه. من الأمثلة المعروفة مرض الذئبة الحمراء والتهاب المفاصل الروماتويدى أيضا متلازمة شوجرين Sjogreen.s Syndrom التى تعد من أمراض المناعة الذاتية وتطول الغدد الدمعية والغدد اللعابية. قد يتسبب التهاب الجفون لأى سبب عام كالإصابة بمرض الصدفية أو التهاب الجلد الدهنى أو الالتهاب الموضعى للجفون بأى ميكروب فى الإصابة بجفاف العين الأمر الذى يحدث أيضا فى حالات التهاب الملتحمة نتيجة مرض فيروسى أو عدوى بكتيرية ولا ينحسر الجفاف بعد انحسار العدوى بل يمتد لفترة ما. جفاف العين يحدث أيضا كأحد الآثار الجانبية التى قد يحدثها استعمال بعض الأدوية المضادة للهستامين المستعملة فى أنواع الحساسية أيضا حاصرات البيت وبعض أدوية مضادات الاكتئاب الحديثة مثل السيلكا والبروزاك وأنواع مختلفة من قطرات العين خصوصا المستخدمة لعلاج الجلوكوما «المياه الزرقاء». عمليات العيون الحديثة «الليزك» المستخدمة لعلاج قصر النظر وبعده قد يصاحبها بعض من جفاف العين الذى قد يستلزم علاجا أو يزول وحده بعد فترة من الوقت. نقص فيتامين أ قد يتسبب أيضا فى جفاف العين. جفاف العين والدموع الصناعية تطلق تسمية الدموع الصناعية على أنواع القطرات التى يمكنها ترطيب العين وإن كانت فى الواقع لا تحمل للعين كل تلك الفائدة التى تمثلها الدموع الحقيقية ويفضل استخدام الأنواع التى لا تحتوى على مواد حافظة، إذ إنها تسبب إزعاجا وتهيجا دائما لأنسجة العين إذ إنها بالطبع تستخدم لأكثر من أربع مرات فى اليوم. هناك أيضا الأنواع التى يمكن استخدامها فى صورة سوائل سميكة لذا يفضل استعمالها قبل النوم مباشرة. يجب الانتباه إلى أن هناك بعض الملاحظات البسيطة التى يمكن معها تفادى جفاف العين ما لم يكن نتيجة مباشرة لمرض أو إصابة ما. شرب قدر كاف من الماء يوميا واتقاء شر أشعة الشمس المباشرة أو تلوث الجو أو تقلباته بنظارة شمسية تتوافر فيها شروط صحية ملائمة وتفادى التعرض لدخان السجائر سواء بالتوقف عن التدخين أوعدم التعرض لأخطار التدخين السلبى. راحة العين لا تمنع ساعات القراءة الطويلة أو العمل على الكمبيوتر إذا ما تنبهنا إلى ضرورتها. احرص دائما على تروية العين بدموعها الطبيعية إذ لا مفر من دموع التماسيح إذا جفت العين وانحسرت دموعها.