«تواجه دراما رمضان هذا العام تحديا كبيرا خاصة بعدما تغير المزاج العام لدى المشاهد المصرى عقب ثورة يناير وهو التغيير الذى ربما يقلب الطاولة على المسلسلات التى تعتمد على الصيغة القديمة والمزاج القديم وهى الأعمال التى سوف تجد نفسها فى مأزق حقيقى بسبب تغيير مزاج المشاهد المصرى الذى يرى الخبراء أنه لن يقبل على الأعمال التى اعتاد صناع الدراما أن يقدموها له فى السنوات الماضية وهو الموضوع الذى تحدث عنه عدد منهم ل«الشروق» فى هذا التحقيق. الكاتبة فتحية العسال تؤكد انه حدث تحول كبير فى المجتمع المصرى بعد الثورة وهو ما يجعل المسئول عن شاشة التليفزيون فى مهمة خطيرة قائلة: حينما تعرضت مصر لنكسة 1967 حاول الجميع الهروب من هذه النكسة بمتابعة أعمال خفيفة تجعله يهرب من الحقيقة المؤلمة لذا حقق فيلم «خلى بالك من زوزو» نجاحا كبيرا لكن الوضع الآن مختلفة حيث إن مصر تمر بمرحلة بناء وهو ما يتطلب أعمالا درامية تساعد على هذا البناء لما للدراما من دور قوى وفعال فى التأثير على الرأى العام وتشكيل الوجدان وعليه فنحن بحاجة إلى أعمال تعبر عن الواقع المصرى. وقالت: لسنا بحاجة إلى أعمال من نوعية سمارة وكيد النسا، فأين هذه المسلسلات مما يحدث فى مصر حاليا إضافة إلى أننا «استوينا» من مسلسلات التسلية، مع وضع فى الاعتبار أنه ليس من المطلوب أبدا أن ننتج أعمالا خصيصا للثورة ولكن لابد أن ننتقى الأعمال الجيدة الصنع التى تحترم عقل الجمهور حتى لو كانت كوميدية لذا فنحن بحاجة إلى لجان متخصصة تضم نخبة من الفنانين والنقاد لفرز الصالح من هذه الأعمال وعرضها على الجمهور خاصة أن الكم أصبح أقل كثيرا هذا العام وأصبح للمشاهد فرصة كبيرة لمتابعة الأعمال إلى جانب أن هناك أعمالا مبشرة مثل الشوارع الخلفية ورجل لهذا الزمن. ومن ناحيته قال الناقد طارق الشناوى: لا أحد يستطيع أن يغفل حقيقة أن المزاج المصرى تغير وعليه فالوجوه التى اعتدنا عليها قبل الثورة لن تستمر أبدا بعد الثورة ومتوقع أن نشهد نجوما جديدة فى الأفق كما حدث فى ثورة 23 يوليو التى أفرزت نجوما عديدة فى مقدمتهم عبدالحليم حافظ الذى ظهر قبل بداية الثورة إلا أن نجمه بزغ باندلاع ثورة يوليو لذلك فليس مستغربا أن تخلو الخريطة الدرامية من الأسماء الكبيرة رغم أن لديهم القدرة الكبيرة فى التسويق لكن فى رأى صناع الدراما يخشون المغامرة وهم لا يعلمون إلى أى مدى تغير مزاج المصريين والأعمال التى سنشاهدها معظمها بدأت تصويرها قبل اندلاع ثورة يناير. وأضاف: لدينا دليل قوى تحت أيدينا يؤكد أن الدراما المصرية فى خطر ما لم تتعظ لما حدث بالموسم الصيفى للسينما فالأفلام التى سعت للمتاجرة بأحداث الثورة لم تحقق إيرادات والأفلام الكوميدية التى أهمل صناعها فى اتقان صنعتها واحترام عقلية المشاهد فشلت هى الأخرى وهذا يعنى أن الجمهور المصرى لن يقبل سوى الجيد فقط ولا مكان للمتوسط والضعيف وربما يبحث عن الممتاز. ويرى المخرج مجدى أبوعميرة أن رمضان هذا العام ليس موسما للمسلسلات بل هو أقرب إلى موسم للوعى السياسى والتبادل الثقافى ووجهات النظر المختلفة وقال: من لديه أصلا مزاج لمتابعة عمل درامى حاليا وسط كم الأحداث الرهيبة التى نعيشها فنحن نعيش أقوى دراما إنسانية لم تحدث من قبل ولو طرحها عمل درامى لم يكن لأحد ليستوعب أحداثه، فالناس جميعها انصرفت للبرامج الحوارية والسياسية الجادة وكثيرون يسعون بكل طاقتهم لطرح وجهة نظرهم والإدلاء بآرائهم خاصة أن رمضان يأتى مباشرة قبل شهر سبتمبر المفترض إجراء الانتخابات البرلمانية فيه وهو حدث ليس هينا بكل تأكيد وعليه فموسم الدراما حاليا يمر بمرحلة حرجة. وتؤكد الناقدة خيرية البشلاوى أن حالة الزخم الذى تشهده مصر لها تأثير كبير فى الحالة النفسية للشعب المصرى والمزاجية وتقول: حالة الإحباط والسلبية انتهت مقابل ارتفاع حالة التفاعل والاندماج وعليه فلن يقبل هذا الشعب تلك الاعمال التى تزيف الحياة وتزور الحقيقة بعد أن انكشف كل شىء وشاهد الجميع انه مهما توقعوا من فساد كان يحدث فالواقع كان أشد ايلاما. وأضافت: مخطئ من يظن أن الثورة وحدها هى التى أسهمت فى تغيير الذوق العام والمزاج المصرى فلقد كانت هناك بوادر من قبل فالجمهور ملوا من الأعمال التى لم تكن تهدف سوى للترفيه وانجذبوا لمسلسلات من نوعية أهل كايرو التى تتحدث بلغة الواقع وعليه ما لم تتلامس هذه المسلسلات وجدان المشاهد وأن تتوافق مع ما كانوا يتوقعونه من صدق وحقيقة فسوف يعزفوا بلا شك عن متابعة هذه الأعمال والانصراف عنها وهنا تقع المسئولية على القنوات الخاصة والرسمية فى اختيار مسلسلات تغذى روح الثورة ولا يهم كونها سياسية أو اجتماعية أو كوميدية المهم إلى أين ستنتهى هذه الأعمال وما هو جوهر الرسالة التى تحملها ومصداقيتها وتماشيها مع المزاج المصرى. من جانبه كان اللواء طارق مهدى عضو مجلس امناء اتحاد الاذاعة والتليفزيون قد أعلن عن نيته ان يجعل المشاهد المصرى شريكا فى اختيار مسلسلاته هذا العام وحينما سألته الشروق عن الالية قال: نبحث حاليا عن كل السبل فى التواصل بها مع الجمهور المصرى ليكون شريكا فى اختيار مسلسلاته بعد عرض البروموهات الخاصة لتلك المسلسلات عبر شاشة التليفزيون أو عبر وسائل الإنترنت حتى لا يشعر أننا نفرض عليه عملا بعينه إيمانا من جانبنا أنه بالفعل تغير المزاج المصرى الذى لن يقبل أن يفرض عليه أحد أى شىء حتى لو عملا دراميا إضافة لوجود لجنة تضم اسماء كبيرة ومحترمة من الفنانين والمخرجين والنقاد سيقومون بتقييم المسلسلات ال24 التى حصلنا عليها إهداء لاختيار المناسب منها للعرض فى شهر رمضان.