السيطرة على عطل مفاجئ بخط الصرف الصحي في دقادوس بميت غمر وتوفير حلول بديلة    «المالية» تعلن تبكير صرف مرتبات يوليو وأغسطس وسبتمبر    إسرائيل فى خطر وجودى !    غيابات جديدة فى مران منتخب فرنسا قبل قمة هولندا وظهور مبابى بدون قناع    فيوتشر يتقدم على سيراميكا بهدف في الشوط الأول    عرض حياة المواطنين للخطر.. ضبط قائد سيارة ملاكي يقود برعونة في شوارع القاهرة    كبسولة مسائل وقوانين الفيزياء.. خلاصة المادة لطلاب الثانوية العامة    نهال عنبر تعتذر للفنان محيي إسماعيل بعد نشر خبر وفاته    حماس: جيش الاحتلال يحاول عزل قطاع غزة عن العالم ويواصل تنفيذ جرائم الإبادة    طريقة عمل الريش المشوية، أكلة العيد المميزة    حماس: 40 طفلًا قتلهم الجوع بغزة والمجاعة تتفاقم نتيجة حرب الإبادة الجماعية    رؤساء لجان فى مجلس النواب ل«الشروق»: الحكومة الجديدة تواجه تحديات «جسامًا» تتطلب تغييرات جوهرية بأدائها    لا تفوت فرصة التقاط صورة مع كريستيانو رونالدو!    ميلان يرفض عرض الهلال السعودي لضم لياو    غيابات الأهلي صداع في رأس كولر أمام الزمالك    تفاصيل استراتيجية جديدة لقطاع الصناعية المصرية حتى عام 2027    تداول 74 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحرالأحمر    اللحمة ب 250 جنيهًا عند الجزارة «أم سعيد»    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج حاسبات وعلوم البيانات جامعة الإسكندرية    الملحن محمد يحيى يشارك لأول مرة كموزع في أغنية تتحبي لعمرو دياب    فعاليات وزارة الثقافة كاملة العدد خلال عيد الأضحى المبارك    النائب العام يلتقي نظيره الصيني على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    اليوم العالمي ل الأنيميا المنجلية.. 4 أعراض تكشف الإصابة بالمرض    خسائر ب 660 مليون يوان جراء الفيضانات في مقاطعة جيانجشي الصينية    أكلته الكلاب.. تفاصيل العثور على بقايا جثة عامل داخل بركة مياه بمدينة بدر    طريقة عمل كفتة الحاتي، مناسبة للأصدقاء في زيارات العيد    حسن الخاتمة.. وفاة صيدلي من الشرقية أثناء أداء مناسك الحج    الحوثيون: 3 غارات أمريكية بريطانية على الحديدة غرب اليمن    وزيرة الهجرة: نتابع موقف الحجاج المصريين والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن المفقودين وعودة الجثامين    النيابة تندب لجنة من حى بولاق أبو العلا لمعاينة العقار المنهار    عيد الأضحى 2024.. "اليخت والبانانا والبارشوت" أبرز الألعاب المائية بشواطئ مطروح    مراكز شباب الغربية تستقبل المواطنين في مبادرة العيد أحلى    بعد إصابة زملائهم .. 3 لاعبين استغلوا الفرصة وتألقوا في الدوري وخطفوا الأضواء    سرقة درع الدوري الإنجليزي.. تعرف على التفاصيل    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    ما حكم ترك طواف الوداع لمن فاجأها الحيض؟.. الإفتاء توضح    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    منسق قوات الطوارئ الدولية اللبناني: أمريكا زودت إسرائيل ب«إف-15»    الرئيس الإيطالي: على الاتحاد الأوروبي أن يزود نفسه بدفاع مشترك لمواجهة روسيا    "الصحة": تنفيذ 129 برنامجا تدريبيا ل10 آلاف من العاملين بالوزارة والهيئات التابعة    3 أبراج فلكية تكره النوم وتفضل استغلال الوقت في أشياء أخرى.. هل أنت منهم؟    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    يسرا تعود للمسرح بعد غياب 22 سنة    في رابع أيام عيد الأضحى.. جهود مكثفة لرفع مستوى النظافة بشوارع وميادين الشرقية    ذكرى ميلاد الفنان حسن حسني.. 500 عمل فني رصيد «الجوكر»    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    صحة الشرقية تعلن تنظيم قافلة طبية بالفرايحة غدا    مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين ملاكي في أسيوط    "رياضة الشرقية": مليون مواطن احتفلوا بالعيد في مراكز الشباب    أجر عمرة.. مسجد قباء مقصد ضيوف الرحمن بعد المسجد النبوي    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القارئ مصطفى أبوسليم يكتب: لم ينتحر ولكننا قتلناه
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 06 - 2011

يبدأ المشهد بورقة وينتهي بورقة ولكن شتان بين الورقتين فالأولي ورقة امتحان والثانية ورقة وفاة أصبح من غير المحتمل أن نستيقظ كل يوم على انتحار أحد الطلاب بسبب امتحانات الثانوية العامة أصبح من غير المحتمل أن تستمر هذه المسرحية الهزلية دون غضاضة من أحد أصبح من غير المحتمل أن نقتل أبنائنا دون أن نشعر بتأنيب الضمير أصبح من غير المحتمل أن تجد أناس يغتالون هؤلاء الطلاب بعد موتهم بتوجيه التهمم والسباب أصبح من غير المحتمل أن يتعامل المجتمع مع هذه الظاهرة ببلادة وبلاهة وكأن شئ طبيعي يحدث.
وإلي متى سيظل هذا السيل من حالات الانتحار في الإستمرار؟ وإلي متي سنظل نتعامل ببلاهة وبلادة مع هذا الموقف البالغ الخطورة؟ فلنفكر لبرهة من الوقت في هذه الظاهرة ولنتأملها وندرسها لنعرف أسبابها.
فهل فكرنا ولو لمرة قبل أن نلقي التهم والسباب علي هؤلاء الطلاب لماذا فعلوا هذه الجريمة تجاه أنفسهم؟ هل فكرنا لماذا قاموا بهذا الفعل؟ هل فكرنا من أجل من يفكر طفل لم يتعدي الثامنة عشرة من عمره في إنهاء حياته؟ إننا نحن ياسادة من قتل هؤلاء الطلاب إننا متهمون جميعاً بالتحريض والإشتراك في عملية القتل نعم كلنا متهمون الأسرة والمجتمع ووزارة التربية والتعليم فالمسئولية تضامنية بيننا فنحن من خلق فزاعة الثانوية العامة ونحن من يضخم فيها كل يوم ونحن الذين ارهبنا وفزعنا وقمعنا أبنائنا أننا قتلنا أبنائنا عندما ربيناهم علي التيبس الفكري وهدم المرونة في التفكير عندما أوهمنا أنفسنا و أبنائنا أن للنجاح طريق واحد ليس له ثاني عندما ربيناهم على عدم المحاولة عندما عظمنا كلمة الفشل في أزهانهم عندما جعلناهم لا يفكرون بإبداع عندما جعلناهم يفزعون من الفشل أو أننا برمجنا عقولهم علي أن المحاولة تكون مرة واحدة وفقط أما أن تنجح وإما تنهي حياتك أن الحياة ليست بهذه القسوة وليست بهذه الصعوبة فلو كان لكل تجربة محاولة واحدة فقط ما أستطاع العلماء الوصول لأى إختراع نستخدمة الأن في حياتنا.
"وترك خطابًا موجهًا لوالديه طالبهما فيه بأنه انتحر خوفًا من عجزه على تحقيق حلمهما بالحصول على مجموع كبير يؤهله للالتحاق بكلية الهندسة التى يرغبان بها".
هذه الفقرة جزء من أحد الفقرات التى وردت في الخبر الذى نشر عن انتحار أحد الطلاب خوفاً من امتحان مادة الكيمياء علي موقع اليوم السابع بتاريخ 22/6/2011.
وهنا أود أن اتحدث عن ثلاث أمور في غاية الخطورة أولهما أن هذا الطالب مثله مثل الكثير فقد قرر أن ينهي حياته خشيه الفشل وهنا يظهر الخلل في طريقة التربية لاننا لم نعلمه أن الفشل الحقيقي هو الخوف من المحاولة لم نعلمه أن الفشل هو ببساطة فرصة جديدة لكي تبدأ من جديد، فقط هذه المرة بذكاء أكبر (هنري فورد) علموا أبنائكم المرونة فى التفكير علموهم أن حتي إذا فشلت فأنت تتقدم علموهم أن الإنسان عندما لا يستطيع أن يحقق النتيجة الذي كان يطمحها من اول مرة يستطيع أن يحققها فى مرة ثانية يستطيع أن يحققها بطريقة أخري علموهم أن الفشل هو من يجعلك تتذوق حلاوة النجاح علموهم عدم الخوف من خوض أي تجربة مهما كانت صعوبتها علموهم أن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة ولن تعطيك كل ما تريد من أول محاولة قد تقع وأنت تسير في طريقك قد تتعثر ولكن دائما هناك أمل طلما تعمل بجد واجتهاد.
لقد قرر الابن أن ينهي حياتة لأنه لم يستطع أن يحقق حلم والدية قرر أن ينتحر ظناً منه أن الألم الذي سيسببه خبر انتحاره أقل فداحة من الألم الذي سيسببه عدم توفيقة في الامتحان كم هو نبيل هذا الطالب ولكن نبلة لا ينم إلا علي شعور دفين بالقهر والقمع.
القمع الذي جعل هذا الطالب يحارب ويموت ليس من أجل حلمة بل من أجل حلم أناس أخرون فلماذا جعلنا أبنائنا لا يحلمون؟ لماذا جعلناهم لا يرسموا مستقبلهم بأنفسهم ونصبنا نحن أنفسنا لكى نخطط ونرسم لهم مستقبل ليس له أى ملامح متفردة فلماذا نربي أبنائنا دائما على الانصياع لرغباتنا بدلا من أن ننصاع نحن لرغباتهم؟ لماذا لم ننصح الأبناء بدلا من أن نفرض عليهم أحلامنا أن أسرة هذا الطالب هي من قتلته وأننا كمجتمع شريك في هذا الجريمة أما وزارة التربية والتعليم فهي من وضعت سيناريو الجريمة ووضعت خطواتها فهي من أعطت الفرصة للاسرة والمجتمع لكي يفكر بهذه الطريقة المريض.
وأخر ما جاء فى الرسالة هو الانتحار بسبب حلم دخول كلية الهندسة فدائما ما نهم أنفسنا بأن هناك كليات قمة وكليات قاع دائما ما نهم أنفسنا أن دخول كلية الطب أو الصيدلة أو الهندسة هى قمة النجاح وأن دخول كلية التجارة أو التربية أو الحقوق هي قمة الفشل أننا جميعاً نعيش في مجتمع واحد فالكل يكمل الكل فلا نستطيع أن نستيقذ يوم لنجد أن كل المواطنين أصبحوا أطباء ولا تستقيم الحياة دون أن عامل النظافة علموا أبنائكم أن النجاح الحقيقي ليس في دخول كلية الطب والهندسة بل أن ذروة النجاح في الابتكار والتفرد والتميز في أي تخصص يحبه الانسان ويحارب من أجل أن يتميز ويبكتر فيه فكم من طبيب ومهندس عاشوا وماتوا دون أن يذكرهم أحد وكم من أناس لم يحصلوا على شهادات دراسية أصبحوا مصابيح تنير لنا طريق الجهل أن الهدف من الحياة ليس الحصول على شهادات تعلق علي الحوائط ولكن الهدف هو كم يستطيع الانسان أن يؤثر ويفيد المجتمع الذى ينتمي له كم يستطيع أن يترك من علم تسفيد منه البشرية بعد مماته.
أيها الاباء أبنائنا ثروة إذا بددنها بددنا مستقبل أمه بأثرها علموا أبنائكم المرونة قبل أن لا نستطيع أن نعلمهم شئ لاننا ببساطة نجبرهم على إنهاء حياتهم فعلينا أن نتكاتف سويا مجتمع وأسرة ووزارة للتربية والتعليم من أجل القضاء علي هذه الظاهرة الخطيرة نتكاتف من أجل أن نبني مستقبل مشرق لأبنائنا بدلا من أن نتكاتف من أجل إنهاء حياتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.