يظل الاكتئاب أحد أمراض العصر الذى يعكس ظلال المدنية التى نباهى بها وإن كنا نعانى منها أيضا. تظل أيضا مضادات الاكتئاب أكثر أنواع الأدوية انتشارا فى العالم بعد المضادات الحيوية رغم ما لها من أعراض جانبية وآثار قد لا يأبه لها من يطمح فى شفاء سهل قريب ولا يملك قدرة على استنهاض النفس للمقاومة. مع تعدد أجيال الأدوية المضادة للاكتئاب تتعدد أيضا الدراسات التى تؤكد أن هناك من الوسائل التى تعتمد على قدرة العقل وقدرات الإنسان الذهنية ما يمكن الإنسان من الخروج من ذلك النفق المظلم دون الاعتماد على الأدوية أو العقاقير. نشرت مجلة أرشيف الطب النفسى هذا الشهر دراسة كندية مهمة تؤكد أن مرضى الاكتئاب الذين خضعوا لبرامج علاج نفسى تضمن إبقاء الذهن منشغلا قد تحسنوا تماما مثل أولئك الذين يخضعون لتناول أدوية مضادة للاكتئاب وأفضل من أولئك الذين تناولوا علاجا طبيا وهميا «بلا سيبو». الدراسة جاءت من مركز الإدمان والصحة العقلية بتورنتو كندا والمقصود بانشغال الذهن هو رياضة التأمل Meditation أو الانشغال الكامل عن كل ما يدور حول الإنسان والولوج إلى عالم ذاتى ينشغل فيه الإنسان بمراقبة مشاعره وأفكاره بطريقة تتيح له التفاعل معها بطريقة مختلفة غير تلك التى تعودها. إذا كنت تذهب للنادى الرياضى لتدريب عضلاتك فإنك قد تلجأ للطريقة ذاتها لتدريب أفكارك على الطريقة التى تساعدك على الفهم والتحكم فى مشاعرك بالصورة التى تجعلك تشعر بالراحة تلك هى البداية التى ينتهجها الطبيب النفسى سيجال حينما يقترب من مريضه محاولا شرح ما يعنيه بالرياضة الذهنية التى قد تحل محل الأدوية لعلاج الاكتئاب. من المعروف أن العلاج بمضادات الاكتئاب يتطلب الالتزام بتناولها لفترات طويلة للغاية حتى لا يتعرض المريض لانتكاسة حادة إذا ما توقف عن تناولها الأمر الذى يحبذ بالطبع محاولة الاعتماد على بدائل آمنة للعلاج منها تلك الوسيلة التى تؤيدها الدراسة وتطلب من الذين يعانون الاكتئاب ضرورة توفير نحو ثلاثين إلى أربعين دقيقة خالصة يوميا للتأمل بعد تلقى مبادئ تلك الرياضة الذهنية التى تعود أصولها للبوذية.