ظلت الأنظمة المصرية المتواترة علينا تُصدر لنا طوال السنين الفائتة شعار "الوحدة الوطنية" بإدعاء التكاتف والتلاحم بين المسلمين والمسيحين من أبناء هذا الوطن لكنهم كانوا يجهلون أو كانوا يتعمدون بهذا الشعار أن يدعوننا إلى الإنفصال ولم يكتفوا بالشعار لكى ننفصل بل زادونا تنافر وتناحر بغياب العدل ونشرالفقر وتنمية التخلف وتصفية الشخصية المصرية المتسامحة والمتعايشة مع الجميع على إختلاف ألوانهم ومللهم. ومع قيام ثورة جيل متحرر من قيود التبعية والتجزئة كان علينا أن نتحرر من هذا الشعار "الوحدة الوطنية" أى وحدة ونحن جسد واحد لأمة واحدة، ألم نعلم أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما دخل نجران وأقام دولة مدنية مسلمة بوضعه دستوراً يعمل على إنصهار المسلمين والمسيحين فى جسد واحد فى أمة واحدة قال عليه صلى الله عليه وسلم "أعطيتهم عهد الله أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين, وعلى المسلمين ما عليهم حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم". وهنا لم يكن محمد نبياً فحسب بل كان زعيماً سياسياً وعالماً اجتماعياً له رؤية عميقة وصاحب فكر ورأى فدمج أبناء الوطن فى جسد واحد لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات الفرق بينهم لمن يعمل ويجتهد ويعلو بالوطن فالنجاح للوطن والانكسار للوطن. فهل تألم المسلمين بهزيمة 67 دون المسيحين؟ وهل سعدَ المسيحين بنصر 73 دون المسلمين؟ هل نجحت الثورة دون بعضنا البعض؟ بل تألمنا وسعدنا وثورنا ونجحنا بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل أبناء هذه الأمة من مسلمين ومسيحين. لكن علينا هنا أن نقف حتى لا تختلط المفاهيم فمسلمى مصر جزء لا يتجزء من مسلمى العالم قال الرسول الكريم مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. لكننا هنا بصدد الأمة المصرية نحن هنا أمام وطن نحيا فيه يهمنا فيه أمننا وكرامتنا يهمنا تقدمنا ونهضتنا لا تعارض أبداً بأن يكون مسلمى مصر جزء من أمة محمد وبأن يكون مسلمى ومسيحى مصر جسداً واحداً لأمة مصرية واحدة, هل تعارضت وطنية محمد صلى الله عليه وسلم مع نبؤته بالإسلام عندما خرج من مكة قائلاً لولا أن أهلك اخرجونى منك ما خرجت وعندما عاد فاتحاً لمكة وطنه هل قام بإضطهاد أهلها من غير المسلمين وله مبرره بل أمنهم على حياتهم و أموالهم ووحد الصفوف لكى يتعايش الجميع فى وطن واحد بجسد واحد وأن يعملوا جميعاً لأمة واحدة. يا أبناء الأمة عودوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فوالله لو عُدنا لمحمد لعادوا إلينا.