ماذا يأكل أهلنا فى سوهاج؟ سؤال يحتاج إلى وقفة وإجابة، فبعد أن أصبحت اللحمة ضيفا عزيزا على مائدتهم لارتفاع أسعارها، أصبحوا يأكلون أى شىء دون التحرى عن مدى سلامته، المهم أنها «لحمة والسلام». ففى الآونة الأخيرة بدأ المواطنون يبحثون عن عظام المواشى والأحشاء الداخلية لها التى يتم عرضها بعيدا عن محال الجزارة المعروفة، حيث تكون هناك أعلى سعرا! المنطقة المحيطة بسلخانة سوهاج الرئيسية بطريق أسوانالقاهرة الزراعى أصبحت مسرحا لتجمع بائعى عظم الماشية وأحشائها. هناك يفترش الباعة الأرض ويضعون ما يرغبون فى بيعه من بقايا اللحوم والعظام، وأصبح هذا المشهد عرضا مستمرا دون أى رقابة من الوحدة المحلية أو مديرية الطب البيطرى. تقول ربة منزل تدعى سامية، 39 سنة، «أعول أسرة مكونة من 5 أفراد وأعمل فى البيوت أمسح سلالم وأغسل أى شىء المهم أجيب فلوس بالحلال والمحصلة فى النهاية آخر كل شهر نحو 350 جنيها لا تكفى نشترى بها العيش الحاف». وتضيف سامية: «يوم السعد والعيد فى البيت لما ربنا يكرمنى وأقدر أجيب حتتين عظم أحجزهم لما أعرف إن فيه قرشين حلوين جايين، ساعتها السعادة تملى البيت كله وخاصة عندما يتكرم علينا الجزار ويترك لنا فيها بقايا لحمة على العظم؟ وأهو كله فى الآخر طبيخ ولحم». أما رئيسة عبدالنبى، ربة منزل، فتقول: «هذه اللحوم تملأ الأسواق بسوهاج ويقوم أطفال صغار ببيعها، والكل يشترى منهم نظرا لرخص ثمنها، فالعظم وأحشاء البهائم يتم بيعها جملة بدون وزن والسعر منخفض جدا. وعلى جانب آخر يشير العنتبلى زايد، وهو تاجر مواشى من مركز طهطا، إلى أن أكثر الجزارين يقومون بذبح مواشيهم خارج السلخانة لأنها عادة ما تكون مريضة وهذه الحالات كثيرة، والغش من التجار أكثر وأكثر. العنتبلى يرى أن وجود تلك اللحوم بالأسواق طبيعى جدا لأن «الناس الغلابة كل همها السعر الرخيص، والمثل بيقول إذا جاعت البطون تاهت العقول». ويقول أحد أصحاب محال الجزارة، رفض ذكر اسمه: «فى الماضى كان الشخص يأتى إلى المحل ويحصل على كيلو ونصف أو 2 كيلو كحد أدنى، لكنه الآن يفكر ألف مرة وفى الآخر يقرر بعد أن يضرب أخماسا فى أسداس شراء نصف كيلو فقط. وهناك من الموظفين من يحصل على اللحوم «على النوتة» ويدفع عند «القبض». «المواطن فى سوهاج دلوقتى أصبح يشترى العظام ولحمة الرأس والكرشة والفشة لأن سعرها أرخص، وأقسم أن بعض الموظفين يقوم بحجز تلك الأشياء من عظم وخلافه قبل حصوله على الراتب بأسبوعين ويقول لى أنا جاييلك بعد أسبوعين ياريت متنساش». ويقول مدير مديرية الطب البيطرى بالمحافظة الدكتور أحمد البدرى: إن المديرية تقوم بحملات مستمرة على الأسواق لمراقبة السلع المجهولة المصدر وقد تمكنت الرقابة البيطرية من ضبط نصف طن لحوما غير صالحة للاستهلاك الآدمى بمركز أخميم قبل بيعها للمواطنين ونصف طن لحما جمليا مصابا بالتسمم البولى بطهطا كان جزار يقوم ببيعه بأحد شوارع المدينة». ويضيف البدرى: «أتمنى من المواطنين شراء اللحوم من الجزارين المعروفة لديهم وعدم الالتفات لجزارى الفترة المسائية الذين يفترشون الشوارع فى غير أوقات عمل مفتشى المديرية والتموين». «على المواطنين إبلاغ المديرية فورا إذا ما شاهد جزارا يقوم ببيع لحوم غير مختومة حفاظا على صحة المواطنين وعدم التكاسل من أجل الحفاظ على أنفسنا وعلى صحة الآخرين».