يعرض الآن فى دور السينما حول العالم فيلم «ملائكة وشياطين» للمخرج رون هاوارد المأخوذ عن رواية الكاتب المثير للجدل «دان براون» بعد العمل الأول «شفرة دافنشى». وعلى الرغم من اقتراب موضوع الفيلم من الفاتيكان مرة أخرى فإن الكنيسة الكاثوليكية لم تثر كما فعلت من قبل وتعلمت الدرس جيدا، حيث وجهت نقدها للفيلم بشكل موضوعى بعيدا عن استخدام سلاح التكفير، ولكنها أيضا لم تستطع أن تخفى استياءها خلال الانتقادات التى وجهتها للفيلم. وربما أرجع البعض هذا الهدوء النسبى من جانب الفاتيكان إلى أن القصة تشهد بعض الاختلاف عن شفرة دافنشى الذى اتهم الكنيسة بإخفاء معلومات جوهرية فى صلب العقيدة المسيحية، وقال إن المسيح تزوج من مريم المجدلية وله منها نسل أخفته الكنيسة كى تحتفظ بسيادتها، ولكن المؤكد أن الكنيسة كتمت غضبها من الكاتب وصناع الفيلم هذه المرة حتى لا تروج له كما فعلت من قبل وهو ما أكدته بعض التقارير والفاتيكان نفسه فى الصحيفة المتحدثة باسمة «أوبزرفتوارى رومانو». حينما كتبت: «يبدو أن رد فعل الكنيسة هذه المرة مخيب لصناع الفيلم حيث كانوا يحلمون بضجة كتلك التى صاحبت شفرة دافينشى». ويظهر ذلك الغضب المكتوم فى بعض تصرفات الكنيسة وبعض التصريحات الأخرى، فعلى الرغم من هدوء الفاتيكان إزاء الفيلم فإنه رفض أن يسمح للمخرج رون هاورد وفريقه بأن يدخلوا أيا من كنائسهم للتصوير فيها، فقد رفضت أبراشية كبير الأساقفة فى روما منح «ملائكة وشياطين» حق التصوير فى الكنائس التاريخية، مما اضطر طاقم الفيلم إلى بناء ديكور لهذه الكنائس فى الولاياتالمتحدة. وفى أثناء بداية عرض الفيلم بقاعة «باركو دى لاميوزيكا بإيطاليا» والتى تبعد كيلومترا واحدا عن الفاتيكان وجه هاورد مخرج الفيلم دعوة إلى رجال الدين بالكنيسة للحضور ولكن أحدا لم يستجب. وأيضا خرجت «أوبزرفتوارى رومانو» الصحيفة الناطقة باسم الفاتيكان عن صمتها وأطلقت على الفيلم وصف «تسلية قليلة الضرر، تحتوى على كثير من الأخطاء الواقعية وقليل من القيم الثقافية». وهو الانتقاد الذى ربما ينتظره المخرج من الفاتيكان بفارغ الصبر، حين صرح ل«سى. إن. إن» بعد العرض الأول للفيلم الذى خلا من رجال الفاتيكان «ربما يخرج تعليق قريبا يوضح ما إذا كان أحد من الفاتيكان قد شاهد الفيلم». ولكن الصحيفة لم تهاجم صناع الفيلم بشراسة كما حدث سابقا مع شفرة دافنشى، بل على العكس، فبعد أن انتقدت أخطاءه التاريخية امتدحت المخرج رون هاورد على «روعة» بنائه لديكور الفيلم والذى ظهر فى إعادة بناء كنيسة القديس بطرس وكنائس أخرى. وبذلك يقل موقف الفاتيكان تلك المرة حدة عن الرد العاصف على فيلم شفرة دافنشى آنذاك. والذى وصل إلى وصف «دان براون» مؤلف الرواية «بالذميم» ووصف الفيلم بأنه «بغيض» هذا بالطبع بعد تكفير الجميع. وتعمدت الصحيفة استخدام ألفاظ وانتقادات غير مبالغ فيها، حيث قالت: «ستجد نفسك مضطرا إلى مشاهدة ساعتين من التسلية غير الضارة، والتى لا تستطيع الانتقاص من عبقرية وسر المسيحية المقدس، ولكن مستوى الكتاب والفيلم متواضع، وبعيدا عن ذلك، فإن التصوير واستخدام الكمبيوتر فى الفيلم كان رائعا. وذكر موقع «أخبار الكاثوليك» على الإنترنت أن المخرج وفريق العمل حاولوا قبل العرض الأول للفيلم، أن يثيروا جدلا مع الصحفيين حول فيلمهم. حيث ذكر المخرج أنه ووجه بعراقيل لتصوير الفيلم فى روما ووجه اللوم للفاتيكان وطلب منه أن يوضح ما فعله لعرقله تصوير الفيلم. وهو ما نفاه المتحدث باسم الفاتيكان الأب فدريكو لومباردى، وقال: «لن أعلق على تصريحات هوارد، الذى يحاول أن يروج لفيلمه على حساب الفاتيكان». وردت الصحيفة على هوارد وقالت إن منع ملائكة وشياطين من التصوير داخل الكنيسة يعود إلى قواعد الكنيسة التى لا تسمح لأحد بتصوير أفلام تجارية داخلها والأمر يسرى على الجميع وليس فقط على هذا الفيلم. وأرادت الصحيفة أن تبرر هدوء الكنيسة فقالت إن الكنيسة هذه المرة تقف موقف الملائكة فى إشارة إلى جانب الخير فى الفيلم عكس الفيلم السابق شفرة دافنشى. وأقرت الصحيفة بأن المخرج عالج فى فيلميه قضايا ساخنة بالفعل، ففى الفيلم الأول «الكنيسة والجنس» والثانى «العلم والإيمان» ولكن تظل القضايا التى تطرح من خلال وجهات النظر لا تثير إشكاليات معضلة فهى فى النهاية وجهة نظر، فالفيلم لا يقدم شيئا ثقافيا ضخما قدر ما يحتوى على ذكاء التسويق التجارى. وذكرت جريدة «كوريير دى لاسيرا» الإيطالية فى أحد تقاريرها قائلة: «إن الفيلم لا يشكل أى خطر على الكنيسة وإنما يؤكد وجود قرون من الفتنة فى أثناء نشأة ديننا الحنيف». وفى مقال نشرته النيويورك تايمز انتقد فيه الكاتب (إيه. أو. سكوت) الفيلم بأنه يحتوى على نصف حقيقة يدعمها التاريخ والنصف الآخر يعوم فى خرافات وخيال، وافتتح نقده بقوله: «هذا الفيلم على الرغم من أنه ليس جيد كليا، إلا أنه أقل هيستيرية من شفرة دافنشى». وانتقده الكاتب توم مورستاد الفيلم فى «دالاس مورنينج نيوز» بتعليق غاية فى السخرية حيث قال: «إن ملائكة وشياطين أفضل كثيرا من سابقه، وهذا يذكرنى بأن إنفلونزا الخنازير أفضل بكثير وأقل ضررا من إنفلونزا الطيور، ولكن هذا لا يجعلها جيدة». وأيضا انتقد ويسلى موريس فى بوسطن جلوب الفيلم قائلا: «السؤال عن أى الفيلمين أفضل، كالسؤال هل تفضل الغرق فى حمام سباحة أم المحيط». وهذه المرة تدور قصة الفيلم عن جماعة دينية مضادة للكنيسة اختفت من عصور تدعى المستنيرين أو «ايلومنتى» تعود مرة أخرى بعد اختباء طويل لتنتقم من الكنيسة وتقوم بعمليات قتل لأربعة من الكاردينالات المرشحين لخلافة بابا الفاتيكان واحدا تلو الآخر، بعد أن تكون قد أعلنت عن وجودها قبل ذلك بقتل عالم فيزياء، وتترك على أجسادهم جميعا رموزا معينة، فيتم اللجوء إلى روبرت لونجدون توم هانكس عالم الرموز الشهير وبطل شفرة دافنشى ليفك شفرات هذه الرموز ويتعقب «المستنيرين» فى جميع أنحاء روما فى رحلة بحثية شاقة تقوده إلى أماكن عجيبة متتبعا تلك الرموز كى يواجه تلك المؤامرة الانتقامية التى تهدف لتدمير الفاتيكان بأكمله. الفيلم بطولة توم هانكس وايوان ماكجريجور الذى يلعب دور كاميرلنجو الذى يتولى الكنيسة بعد موت البابا وتشاركهم الممثلة الإسرائيلية «ايليت زورير» فى دور فيتوريا فيتارا وعلى الرغم من أن رواية «ملائكة وشياطين» للكاتب دان براون صدرت قبل روايته الثانية «شفرة دافنشى»، فإن ملائكة وشياطين تحولت إلى فيلم بعد الثانية، وذلك يرجع إلى أن طبيعة الروايتين على الرغم من أن أبطالهما تقريبا نفس الشخصيات لا تحتاج إلى أن تقرأ أو تشاهد كأجزاء متتالية.