عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    عاجل - آخر تحديث.. سعر الدولار اليوم في مصر.. الأخضر يسجل 47.48 جنيه    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء والبيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الأحد 9 يونيو 2024    يربط ب"طريق مصر أسيوط الزراعي".. صورة ترصد تطوير طريق أبو ربع في البدرشين بالجيزة    زراعة القاهرة تحصل على شهادة الأيزو لجودة المؤسسات التعليمية.. وعميد الكلية: جهد جماعي    هل يتكرر تخفيف الأحمال لمدة 3 ساعات مرة أخرى؟.. متحدث البترول يوضح    عاجل - أخبار فلسطين.. طائرات الاحتلال تقصف منزلا في النصيرات وإصابات برصاص المسيّرات الإسرائيلية وسط غزة    الولايات المتحدة وفرنسا تقدمان خارطة طريق لرؤيتهما حول القضايا الملحة في العالم    عاجل - "نيويورك تايمز" تفضح بايدن بشأن ما يحدث من الاحتلال في غزة: "قنبلة أمريكية صغيرة تقتل العشرات"    عائلة الضابط الإسرائيلي القتيل بالنصيرات ترفض حضور بن غفير لجنازته    أيمن موكا: الجونة لم يبلغني بمفاوضات الزمالك ولم أوقع    مدرب حراس المنتخب: مصطفى شوبير حارس متميز وشخصيته في الملعب أقوى من والده    ياسر إدريس : لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف (فيديو)    لأول مرة.. عدلي القيعي يكشف سبب ضم إمام عاشور رغم إهانة رموز الأهلي    عاجل.. انفراجة جديدة في مفاوضات بن شرقي وحقيقة عرضين الخليج ل "الأخطبوط"    رئيس مكافحة المنشطات يكشف آخر تطورات أزمة رمضان صبحي    منتخب إسبانيا يكتسح أيرلندا الشمالية بخماسية قبل يورو 2024    تصفيات مؤهلة لكأس العالم.. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    انخفاض طفيف فى درجات الحرارة.. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الأحد 9 يونيو 2024    موجة حارة جديدة تضرب البلاد الثلاثاء.. هل تستمر حتى عيد الأضحى؟    ننشر أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة الوادي الجديد الأزهرية    علم بعلاقتها مع آخرين.. اعترافات قاتل عشيقته ب13 طعنة في الخليفة    عمرو أديب: ما يحدث في أسوان كارثة طبيعية... استثنوها من تخفيف الأحمال    عاجل..ليلي عبد اللطيف: عودة ياسمين عبد العزيز وأحمد العوضي في عمل فني    تعليق غريب وصادم من عارفة عبد الرسول على واقعة عمرو دياب..ماذا قالت؟    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    دعاء ثالث ليالي العشر من ذي الحجة.. اللهم بشرنا بالفرح    وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة والضبعة المركزي بمحافظة مطروح    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    مع عودة البنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية الأحد 9 يونيو 2024    استقرار سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الاحد 9 يونيو 2024    أول تعليق من شقيق صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب: إحنا صعايدة وهناخد حقنا بالقانون    ليلى عبداللطيف تكشف حقيقة توقعها بأن أول يوم عيد الأضحى سيكون حزينًا جدًا على مصر (فيديو)    السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة لعدم حملهم تصاريح الحج    قومي حقوق الإنسان يكرم مسلسل بدون سابق إنذار (صور)    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    «تخلص منه فورًا».. تحذير لأصحاب هواتف آيفون القديمة «قائمة الموت» (صور)    وزير الصحة يوجه بسرعة توفير جهاز مناظير بمستشفى الضبعة المركزي    تشيس أوليفر.. أصغر مرشح لرئاسة أمريكا ينتقد ترامب وبايدن وحرب غزة    وزير التعليم الفلسطيني: تدمير 75% من جامعاتنا والمدارس أصبحت مراكز للإيواء    حظك اليوم برج العذراء الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الميزان الأحد 9-6-2024 مهنيا وعاطفيا    وزيرة الثقافة تُعلن انطلاق الدورة السادسة من«مواسم نجوم المسرح الجامعي» وتُكرم عددًا من نجومه    إصابة 6 أشخاص إثر تصادم سيارة مع تروسيكل فى القنطرة غرب بالإسماعيلية    تحرير 40 مخالفة تموينية فى حملة على المخابز والمحال والأسواق بالإسماعيلية    الصومال: مقتل 47 إرهابيا خلال عملية عسكرية بمحافظة جلجدود    ليلى عبداللطيف تكشف لأول مرة حقيقة توقعها سقوط طائرة الرئيس الإيراني (فيديو)    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. حماس: مقتل عدد من المحتجزين الإسرائيليين بالنصيرات.. استقالة 8 مسئولين أمريكيين احتجاجا على سياسة بايدن بشأن غزة.. وروسيا: العالم العربى يحترم حقوق الإنسان    هل بدأت إثيوبيا في توليد الكهرباء من سد النهضة؟.. عباس شراقي يُجيب    جامعة المنوفية تشارك في مبادرات "تحالف وتنمية" و"أنت الحياة" بقوافل تنموية شاملة    فضل صيام العشر من ذي الحجة 1445.. والأعمال المستحبة فيها    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى أبو كبير المركزي    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    العمل: تشريع لحماية العمالة المنزلية.. ودورات تدريبية للتعريف بمبادئ «الحريات النقابية»    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    صور.. بيان عاجل من التعليم بشأن نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد فصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن قنبلة موقوتة
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 04 - 2011

عبارة كنا نسمعها فنضع أيادينا على آذاننا وقلوبنا وكأننا نسمع صوت الانفجار بالفعل ونشاهد دلالاته، كان الانفجار متوقعا فى أية لحظة وحذرت منه كل المنظمات المعنية والدول المانحة وكل مراقب ومهتم بالشأن اليمنى، أما الشعب اليمنى فكان يتعايش مع هذا الوضع ويتلمسه أكثر من غيره ولسان حاله يقول ما عساه يكون هذا الانفجار؟ وهل يوجد أسوأ مما نحن فيه؟ فى حين يطلق الجانب الرسمى التطمينات إلى ما لا نهاية بأن الوضع مستقر وعلى ما يرام، أما حديثهم المضحك المبكى عن الإنجازات والتنمية فحدث ولا حرج.
فى اليمن تعنى هذه القنبلة الموقوتة التقسيم والانفصال والاقتتال فى حروب أهلية قبلية وربما طائفية، ولم يكن يتوقع أحد أن يأتى هذا الانفجار بشكل حضارى عكسه الشباب بثورتهم السلمية، الثورة ضد الفساد. إن كل أسباب الثورة اليمنية تتلخص فى الحرب على الفساد، كما أن كل شعاراتها المطالبة بالحرية والعدالة والمساواة هى شعارات موجهة ضده، الفساد هو الكلمة العبقرية التى تختصر وتصف كل شىء فى اليمن.
فاق الفساد فى اليمن كل التوقعات، حتى أنه بات من قبيل العادة أن تذكر الدول المانحة عشية كل مؤتمر لدعم اليمن أن الأموال التى تقدم لليمن يساء استخدامها فى مشاريع جانبية، الأمر الذى يبرر التباطؤ المتعمد فى الوفاء بتعهداتهم. وفى نوفمبر من العام الماضى عبر وزير التنمية الدولية البريطانى «آلان دانكان» عن الوضع فى اليمن قائلا: «نفط اليمن ينفد ومياه اليمن تنفد وربما يكون الوقت أيضا بالنسبة له أوشك على النفاد». فليس من الغريب إذن ألا يتنازل اليمن عن الصدارة فى أى تقرير دولى سلبى حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فهو دائما ضمن الدول العشرين الأكثر فشلا، إنها الحقيقة.
إن غياب الشفافية والتلاعب بأموال المنح والمساعدات لم يخسرا البلاد المكاسب التى كان من الممكن أن تتحقق لو وظفت هذه الأموال فى مشاريع تنموية حقيقية فقط، وإنما كانا السبب فى تعليق المزيد منها لأن المانحين لم يعودوا يثقون أو يرغبون فى ذلك.
هذا الفساد أوصل البلاد إلى نسب سلبية مخيفة فى معظم مجالات الحياة، فعلى سبيل المثال نسبة البطالة تتجاوز 35% وتصل حتى 60%، ونسبة الفقر تتجاوز 80%، 40% منها تحت خط الفقر، ونسب وفيات الأطفال مريعة، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة استغلال الأطفال وتفشى العمالة بينهم، ناهيك عن عمليات منظمة لتهريب الأطفال عبر الحدود وتشغيلهم كعمالة رخيصة، والحديث عن مستوى التعليم والصحة يطول، ويكفى الإشارة فقط إلى أن 40% من البالغين فى اليمن هم أميون. الفساد فى اليمن نخر فى عظم الدولة، وتحول إلى عملية نهب منظمة مرعية على أعلى المستويات، وأدى لتآكل شرعيتها وأجهزتها ومؤسساتها.
عاش اليمن خلال أكثر من 30 عاما فترة ما يسمى بعصر الإمامة الثانية أو الإمامة الجديدة، فدولة الجمهورية تحولت لممارسات أكثر إمامية تحت شعار الجمهورية المزعوم، فالديمقراطية اختصرت بإحدى آلياتها المتمثلة بالانتخابات وصناديق الاقتراع حتى باتت مواعيد الانتخابات سيناريو نمطيا يتكرر بانضباط وروتينة مملة، فكيف تطبق الآلية فى غياب المناخ الديمقراطى بكل ما يتضمنه من مساءلة وشفافية وحقوق متساوية، لحساب مناخ شراء الولاءات والتحالفات بالمال والمناصب، ولتذهب مصلحة البلاد والعباد إلى الجحيم.
●●●
أما الحزب الحاكم فهو الدولة، ففى اليمن لا يمكن الحصول على وظيفة أو منحة دراسية أو علاجية أو أى حق إلا إذا كنت عضوا فى هذا الحزب، فى حين تسيطر الدائرة الصغيرة من أسرة الرئيس على مفاصل الدولة وأجهزتها الرئيسية، فهى دولة جمهورية بحزب شمولى أسرى ملكى فى مفارقة عجيبة، لا يثبتها إلا السعى الحثيث الذى كان سائدا باتجاه التوريث لنجل الرئيس العقيد أحمد على صالح قائد الحرس الجمهورى، الأمر الذى ساء الكثيرين من حلفاء الرئيس ورجالاته المستبعدين لصالح محسوبية وشلة الوريث. ولتمرير كل هذه التجاوزات، فقد امتدت الأيادى إلى التلاعب بالدستور علانية وتفصيله بما يخدم هذه الأهداف.
وفى الوقت الذى كان النظام يسمح بنوع من البحبوحة فى النقد دون تعدى الخطوط الحمراء وهى كثيرة، بما يسمح لهم بالتباهى بالحريات والشفافية، لم يعد لديهم مؤخرا القدرة على احتمال ذلك، فغدا الاعتقال التعسفى والإخفاء القسرى والأحكام بالحبس ضد المعارضين والصحفيين وناشطى حقوق الإنسان أمرا اعتياديا.
●●●
وعلى الصعيد الأمنى دخل النظام 7 حروب ضد جزء من أبناء شعبه فى محافظة صعدة فيما يعرف بالحرب ضد الحوثيين، وتثير هذه الحروب العديد من الأسئلة حول أسباب تفجر الأزمة، والنتائج التى تتمخض عنها، ومتى وكيف يتم التوصل لوقف إطلاق النار؟ فالصورة دائما هنا ضبابية من حيث الوساطات والتسويات والضمانات الكفيلة بعدم تجدد القتال، وكأن الحرب تتخذ بقرار وتوقف بقرار دون هدف معلن واضح، فى ظل سيطرة كاملة للحوثيين على المنطقة.
كما تبقى أزمة الجنوب اليمنى جرحا غائرا فى ظل إنكار النظام لوجود أزمة هناك أصلا وتجاهله لمطالب أبناء ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية أو اليمن الجنوبى قبل الوحدة بالعدالة والمساواة، بل والتعامل معهم بتعالٍ وكأنهم غنيمة حرب، ووصلت الأزمة ذروتها مع انطلاق ما يعرف بالحراك الجنوبى السلمى قبل أربع سنوات تقريبا ومطالبته بفك الارتباط بدولة الوحدة والدعوة لحق تقرير المصير، ولم يعرف النظام حلا لهذه الأزمة سوى المعالجة الأمنية فدخل فى صدامات متقطعة سقط فيها العديد من الشهداء والجرحى، فى ظل تنامى دور الحراك فى المحافظات الجنوبية قاطبة فى لحج والضالع وأبين وحضرموت. ولم يكن ينقص اليمن سوى شبكة القاعدة، التى - كما يرى المحللون - استفادت من تهلهل الدولة أو ربما التساهل المتعمد معها، لتجد لها مرتعا خصبا، كُشف عنه للعالم مع محاولة تفجير الطائرة المتجهة لمدينة «ديترويت» الأمريكية عشية ليلة رأس السنة الميلادية عام 2010، حيث أثبتت التحقيقات أن المتهم الرئيس فى هذه العملية تلقى تدريبه فى اليمن، وبات العالم يشعر بالفزع من أوضاع وانعكاسات ذلك على المنطقة والعالم، ولم يتورع النظام اليمنى فى فتح سمائه للطائرات الأمريكية لتجوبها طولا وعرضا وتقصف كل ما تشتبه بأنه الهدف، فى انتقاص أو انعدام تام لمبدأ السيادة، وإن كان النظام اليمنى لا يزال ينكر ذلك.
واليوم يصرح الرئيس وعينه على الخارج بأن اليمن قنبلة موقوتة، والسؤال هو من المسئول عن ذلك؟ لقد كانت البلاد فى عهدتكم سيادة الرئيس، وهذا ما قدمتموه لنا وللمنطقة والعالم، جميعنا كنا نعى ذلك وأنتم وحدكم من كنتم تتحدثون عن الإنجازات، أفلا يحق لنا أن ننتفض ونثور فى ضوء هذه الصورة القاتمة والمظلمة؟
إنها ثورة البحث عن الدولة إنها ثورة إقامة الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.