أحدثت التوترات الإقليمية طفرة غير متوقعة في دبي، حيث يتدفق السائحون ورجال الأعمال مرة أخرى على واحة التسوق وناطحات السحاب بعد أن غادروها قبل بضع سنوات في أعقاب أزمة ديونها التي كانت محط الأنظار. ويلاحظ ارتفاع أعداد الزائرين في مراكز التسوق والمطاعم الفاخرة في دبي، وتعيش فنادقها أياما مزدهرة مع امتلاء الغرف وإبرام الصفقات. يقول جاي ويلكينسون، المدير الإداري لدى فايابيليتي مانجمنت كونسلتنس لاستشارات الضيافة: "كان أمرًا غير متوقع. هناك 65500 غرفة وشقة فندقية في دبي جميعها مشغولة. ليس هناك غرفة واحدة متاحة. "تحسن معدل الاشغال في دبي للأسف.. منذ بدأت الاضطرابات. تعيش حياة ساحرة بسبب الأحداث الكبيرة في المنطقة." وقفزت معدلات الاشغال في الفنادق والشقق الفندقية في الإمارة منذ أن ضربت موجة من الاضطرابات المنطقة. وزادت نسبة الأشغال في فنادق دبي 7.9 بالمئة في يناير مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي حسبما أظهرت بيانات اس. تي. ار جلوبال. ولم تتوفر بعد بيانات فبراير. ومع ذلك لا تزال دبي بعيدة عن معدلات الذروة التي بلغتها عندما كانت طاولات المطاعم وسيارات الأجرة نادرة ندرة المياه في الصحاري. ويبدو أن العامل الرئيسي هو النشاط التجاري، وإن كان عاملا مؤقتا. وقال نبيل عيسى الشريك لدى شركة كنج اند سبالدينج للاستشارات القانونية ومقرها دبي: "نرى عددا من العملاء لا سيما بين الشركات الضخمة متعددة الجنسيات نقلت موظفين وعمليات إلى دبي.. الموضوع المشترك هو "أخرجهم من البحرين وأرسلهم إلى دبي لفترة". وأضاف عيسى أن الصفقات توقفت فعليا في مصر والبحرين وعمان؛ الأمر الذي دفع البنوك وغيرها من الشركات العالمية إلى تحويل اهتمامها إلى دبي. وقال مدير تنفيذي في مجال العلاقات العامة مقره البحرين نقل عمليات بصورة مؤقتة إلى دبي: "لقد أصبحت مكان اللقاءات والتفاوض على الصفقات". "سترى المقاهي في (مركز دبي المالي العالمي)، وغرف الاجتماعات ممتلئة بمديري الشركات الذين يحاولون وضع اللمسات النهائية على الصفقات التي ربما كانت ستتأجل لو ظلوا في البحرين." وتشهد الأندية والمطاعم التي تستضيف اجتماعات قطاع المال فيضا من العملاء من الدول التي تعاني من التوترات. وذكر راسل ماتشمان، المدير التنفيذي لكابيتال كلوب ليمتد الذي يدير كابيتال كلوب في دبي "هناك أعضاء من نادينا في البحرين انتقلوا إلى دبي بشكل مؤقت، ويستخدمون النادي هنا بصفة دائمة". "رأينا أيضا المزيد من الشخصيات السعودية الكبيرة في النادي مؤخرًا مع صعوبة البقاء في البحرين. زاد الاهتمام بالعضوية بصورة كبيرة ونتلقى ثلاثة أو أربعة طلبات يوميا." وإلى جانب رجال الأعمال ينأى السائحون عن السفر إلى نقاط التوتر، مثل منتجع شرم الشيخ المصري المعروف الآن بأنه مقر إقامة الرئيس السابق حسني مبارك بعد الثورة التي أطاحت بحكمه. كما خرجت تونس التي تعتبر البلد الذي انطلقت منه شرارة التوترات الإقليمية من الخريطة السياحية. وقال رينهولد فليشهاكر من ألمانيا فيما يستقل حافلة لمشاهدة معالم دبي مول مع أسرته: "غيرنا خططنا عندما رأينا مشاهد تلفزيونية للمظاهرات الضخمة والعنف في مصر. أردنا في البداية التوجه إلى شرم الشيخ." وتضم دبي برج خليفة، أطول مبنى في العالم، ومنحدر التزلج المغطى الوحيد في الخليج، كما شيدت الإمارة جزيرة صناعية على شكل نخلة مزودة بالمنتجعات. وكان يجري الإعداد لمشروعات أكثر ترفا عندما توقفت عمليات البناء مع انفحار فقاعة الأصول والعقارات بسبب الأزمة المالية العالمية التي حرمت دبي والمنطقة من أموال الائتمان. وأعطى التدفق المفاجيء للأنشطة التجارية والسياحة -أو الأموال بتعبير آخر- دفعة للإمارة التي تصارع أزمة ديون قيمتها 115 مليار دولار بعد انهيار سوق العقارات. ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الاجمالي لدبي 2.8 بالمئة هذا العام مقابل 0.5 بالمئة العام الماضي. وتتوقع ريتشل زيمبا، كبيرة المحللين لدى روبيني جلوبال ايكنوميكس، أن تكون دبي واحدة من بضعة أماكن في المنطقة تشهد ارتفاعا في النمو على أساس سنوي وسط موجة التوترات السياسية في الخليج. وحذرت زيمبا من أن الدفعة الأولية لا تعني بالضرورة توقعات إيجابية في الأجل الطويل للإمارة. وأضافت: "دبي والإمارات بصفة عامة محصنة بشكل ما، وربما تشهد بعض فوائد التدفقات السياحية.. ومع ذلك فإن نطاق الاضطرابات وتصاعدها على وجه الخصوص في دول مثل البحرين يعني أن دبي ليست بمنأى عنها."