قالت مصر كلمتها، أمس، فى أول استفتاء «غير معروف النتيجة مسبقا»، فى ظل وجود لجميع القوى والتيارات الوطنية، وغياب غير مسبوق للحزب الوطنى، الذى احتل المشهد السياسى على مدى عقود، واختفى بفعل الثورة التى أطاحت بنظامه وتشكيلاته. وتحت لواءى (نعم ولا) خرج ملايين المصريين، إلى لجان الاستفتاء على التعديلات الدستورية، فى مشهد لم تعتده مصر، منذ العمل بنظام الاقتراع السرى فى تاريخها الحديث، وبين الوجود الأمنى (العسكرى والشرطى) خارج اللجان، والإشراف القضائى الكامل داخل اللجان، دارت فاعليات اليوم، واصطفت الطوابير المشكلة من كل أطياف الشعب، ومن مختلف الأعمار، حتى إن مستشفى أم المصريين فى محافظة الجيزة شهدت خروج عدد من المرضى من غرفهم للإدلاء بأصواتهم فى قاعة الاحتفالات بالمستشفى. وللمرة الأولى خرجت تقارير مراقبة الاستفتاءات العامة التى تعدها المنظمات الحقوقية دون «إشارات للتزوير، وتسويد البطاقات، ومنع المواطنين من دخول اللجان وسيطرة الأمن على عملية التصويت»، بحسب مدير برنامج تنمية الديمقراطية بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، أحمد فوزى، والذى قال: «التجاوزات لم تصل إلى أكثر من أعمال الدعاية التى مارسها أعضاء فى جماعة الإخوان المسلمين داخل مقار الاقتراع، وطبيعة الحبر الفسفورى الذى يمكن إزالته بعد التصويت بسهولة، وكذلك منع بعض المراقبين من دخول اللجان». وفى حين احترم رئيس الوزراء عصام شرف الطابور واعتذر لمن اضطر إلى تجاوزهم للتصويت بعد أن أمضى نحو نصف الساعة داخل اللجنة، اتجه كل من محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وعمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية إلى الصناديق مباشرة مما أثار استياء الناخبين. وغاب محمد البرادعى عن التصويت حتى مثول الجريدة للطبع حيث لم يكن قد عاد من الهند حتى ذلك الوقت. وفى شرم الشيخ شهدت لجان التصويت إقبالا ملحوظا فيما لم يظهر الرئيس السابق حسنى مبارك فى أى لجنة بالمدينة التى يعيش فيها منذ الإطاحة به يوم 11 فبراير الماضى. إلى ذلك زار وفد من البرلمانيين الأوروبيين (ينتمون إلى 11 دولة أوروبية على رأسها فرنسا وبريطانيا وهولندا) مجموعة من اللجان الانتخابية بقسم السيدة زينب لمتابعة سير عملية التصويت فى الاستفتاء. وقال عضو مجلس اللوردات البريطانى ديفيد استيل ل«الشروق»: «قابلنا مجموعة من القوى السياسية للتشاور بشأن كيفية تقديم الاتحاد الأوروبى للمساعدات فيما يخص الحراك الديمقراطى». وتابعت اللجنة القضائية العليا مجريات عمليتى التصويت والفرز فى اللجان الفرعية العامة على مستوى الجمهورية منذ الصباح الباكر، معلنة أنها فى حالة انعقاد دائم لحين إعلان نتيجة الاستفتاء اليوم الأحد. وقررت اللجنة فى الواحدة من ظهر أمس مد فترة التصويت فى الاستفتاء بنجع حمادى إلى الساعة التاسعة، والتنسيق من أجل نقل القضاة المشرفين على لجان نجع حمادى بطائرة عسكرية، والسماح لجميع المواطنين الذين تواجدوا بمقر لجنة الاستفتاء حتى الساعة السابعة مساء بالتصويت، وذلك بعد تأخر العملية لغياب القضاة، وهو ما شكت منه عدة محافظات «منها الإسماعيلية وشمال سيناء ومطروح»، بحسب المستشار محمد عطية رئيس اللجنة العليا، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة. وتمثل عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية، المشاركة الأولى للقيادى الجهادى عبود الزمر، الذى أدلى بصوته، أمس فى قرية ناهيا، بعد نحو 30 عاما قضاها خلف القضبان، كان قبلها أحد أفراد القوات المسلحة ممن لا يحق لهم المشاركة فى التصويت. وعقب إدلائه بصوته برفقة ابن عمه طارق الزمر، قال عبود: «هذه هى المرة الأولى فى حياتى.. شعرت بأهمية الذهاب للجان وسعيد بهذا التطور الكبير وراض عن النتيجة أيا كانت». نفى د.عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة تعرض الأهالى له فى لجنة مدرسة قصر الدوبارة ورشقه بالحجارة كما تردد، وذكر أنه كان يقوم بجولة لتفقد اللجان، فطلب منه القاضى أن يدلى بصوته إلا أن المصوتين اعترضوا على عدم وقوفه فى الطابور وطالبوه بمغادرة اللجنة فى الوقت الذى كان قد انتهى من الإدلاء. شارك في التغطية: صفاء عصام الدين وعلياء حامد ومحمد بصل وأحمد السعداوى وضحى الجندى ومحمد خيال وأمانى أبو الحسن.