صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    أحمد موسى: مصر قدمت تضحيات كبيرة من أجل إعادة أرض سيناء إلى الوطن    إجازات شهر مايو .. مفاجأة للطلاب والموظفين و11 يومًا مدفوعة الأجر    الأسهم الأوروبية تتراجع عند الإغلاق وأسهم التكنولوجيا تحافظ على المكاسب    الأمم المتحدة تدعو لإصلاح النظام المالي للإسهام في تحقيق أهداف التنمية    رئيس جي في للاستثمارات لأموال الغد: 30 مليون دولار استثمارات متوقعة لاستكمال خطوط الإنتاج المطلوبة لسيارات لادا    لليوم ال201.. ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ألفا و262 شهيدا    الهلال الأحمر المصري: إسرائيل تعطل إجراءات دخول الشاحنات إلى قطاع غزة    جدو: حسام حسن يجب أن يغير طريقته مع صلاح.. وتمنيت استمرار فيتوريا    قائمة يتصدرها ميسي.. نجوم العالم في انتظار جيرو بالدوري الأمريكي    علي فرج: مواجهة الشوربجي صعبة.. ومستعد لنصف نهائي الجونة «فيديو»    تعرف على تردد قناة الحياه الحمراء 2024 لمتابعة أقوى وأجدد المسلسلات    حفل ختام برنامجي دوي ونتشارك بمجمع إعلام الغردقة    تطورات أحوال الطقس في مصر.. استمرار الموجة الحارة على كافة الأنحاء    خال الفتاة ضحية انقلاب سيارة زفاف صديقتها: راحت تفرح رجعت على القبر    البابا تواضروس يشيد بفيلم السرب: يسطر صفحة ناصعة من صفحات القوات المسلحة    رئيس جامعة دمنهور يشهد فعاليات حفل ختام مهرجان بؤرة المسرحي    حفل تأبين أشرف عبد الغفور بالمسرح القومي    في الموجة الحارة.. هل تناول مشروب ساخن يبرد جسمك؟    زيلينسكي: روسيا تسعى لعرقلة قمة السلام في سويسرا    عاجل - متى موعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 وكيفية ضبط الساعة يدويا؟    مخاوف في تل أبيب من اعتقال نتنياهو وقيادات إسرائيلية .. تفاصيل    وزير الاتصالات يؤكد أهمية توافر الكفاءات الرقمية لجذب الاستثمارات فى مجال الذكاء الاصطناعى    مدير «مكافحة الإدمان»: 500% زيادة في عدد الاتصالات لطلب العلاج بعد انتهاء الموسم الرمضاني (حوار)    بروتوكول تعاون بين «هيئة الدواء» وكلية الصيدلة جامعة القاهرة    صراع ماركيز ومحفوظ في الفضاء الأزرق    السيد البدوي يدعو الوفديين لتنحية الخلافات والالتفاف خلف يمامة    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    دعاء الستر وراحة البال والفرج.. ردده يحفظك ويوسع رزقك ويبعد عنك الأذى    خالد الجندي: الاستعاذة بالله تكون من شياطين الإنس والجن (فيديو)    أمين الفتوى: التاجر الصدوق مع الشهداء.. وهذا حكم المغالاة في الأسعار    حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه    "كولومبيا" لها تاريخ نضالي من فيتنام إلى غزة... كل ما تريد معرفته عن جامعة الثوار في أمريكا    متحدث «الصحة» : هؤلاء ممنوعون من الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة (فيديو)    منى الحسيني ل البوابة نيوز : نعمة الافوكاتو وحق عرب عشرة على عشرة وسر إلهي مبالغ فيه    «الزراعة» : منتجات مبادرة «خير مزارعنا لأهالينا» الغذائية داخل كاتدرائية العباسية    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    أزمة الضمير الرياضى    سيناء من التحرير للتعمير    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "شقو"    منتخب الناشئين يفوز على المغرب ويتصدر بطولة شمال إفريقيا الودية    فوز مصر بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    بلطجة وترويع الناس.. تأجيل محاكمة 4 تجار مخدرات بتهمة قتل الشاب أيمن في كفر الشيخ - صور    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تلقينا بلاغ عن وقوع انفجار جنوب شرق جيبوتي    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    خدماتها مجانية.. تدشين عيادات تحضيرية لزراعة الكبد ب«المستشفيات التعليمية»    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    «التابعي»: نسبة فوز الزمالك على دريمز 60%.. وشيكابالا وزيزو الأفضل للعب أساسيًا بغانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقف فى الطابور
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 03 - 2011

ذهبت فى الثامنة والنصف صباحا أملا فى أن أدلى بصوتى وأنصرف قبل الزحام، لكنى فوجئت بطابور بطول أكثر من كيلو متر يقف أمام مقر اللجنة. أخذت دورى مستاء.
ولم ينقذنى سوى اتصال هاتفى أخبرنى بأن ثمة لجنة أخرى فى نفس الحى الزحام عليها أقل.
أسرعت إلى المكان الذى دلونى عليه فوجدت المشهد مكررا.
سلمت أمرى إلى الله ووقفت أنتظر دورى. بعد دقائق لاحظ واحد أن الشرطة لا وجود لها.
وقعت عيناى على سيدة عجوز تحاول جاهدة الصعود فوق الرصيف للاصطفاف مع الواقفين. فقال واحد إن المنظمين كان ينبغى عليهم أن يخصصوا طابورا لكبار السن.
تململ صبى كان واقفا مع أبيه وقال له بصوت مرتفع إنه تعب من الوقفة ويريد أن يرجع إلى البيت. فرد الأب قائلا إنك أنت الذى طلبت الخروج معى فتحمَّل، ثم أضاف: اعتبره طابور المدرسة واصبر.
رد الصبى المناكف قائلا: إن طابور المدرسة ليس بهذا الطول. التفت الأب ناحيتى وقال إنه أخبر أسرته بأنه سيشارك لأول مرة فى حياته فى استفتاء تجريه الحكومة، فتعلق ابنه برقبته وألح على أن يذهب معه لكى يشاهد معه التجربة العجيبة. سكت الأب لحظة ثم قال إنه شجع الابن على القدوم ليرى بعينى رأسه وهو فى السابعة من العمر ما حرم هو منه طوال عمره الذى يتجاوز 40 عاما.
لم أقل له إننى منذ نصف قرن لم أدلِ بصوتى فى أى استفتاءات أو انتخابات عامة، ولم أصوت إلا فى انتخابات نقابة الصحفيين والنادى الذى أشارك فيه. تدخل شخص ثالث وقال إنه بدوره لم يصوت فى أى مناسبة، ثم استطرد قائلا إنه فى عهد مبارك كان يترك صوته عهدة لدى الحكومة ويستريح فى بيته طوال يوم الانتخابات، ولم يكن يشغل باله بالإجابة على السؤال نعم أو لا، ولكنه هذه المرة ظل يتجادل طوال أسبوع هو وأبوه وزوجته وشقيقها. بعدما انقسموا فريقين أحدهما يؤيد التعديلات والثانى يرفضها. وحين حل يوم الاستفتاء أيقظته زوجته فى السابعة صباحا لكى يصحبها إلى لجنة التصويت. ثم أردف قائلا إن ما يحيره أن زوجته لم تهتم فى حياتها بالسياسة، وكانت الكلمات المتقاطعة هى الشىء الوحيد الذى تطالعه فى الصحف، أما شقيقها فلم يكن يعرف شيئا فى الدنيا سوى مباريات كرة القدم، ولا يتحمس لشىء إلا لنادى الزمالك.
طالت وقفتنا وطال الطابور. وبدأ المنظر مدهشا. الأعداد الغفيرة من البشر التى زحفت على مقار اللجان منذ الصباح الباكر. وقد توزعت على مختلف الأعمار ومختلف طبقات المجتمع. وذلك الحماس الجارف للتصويت، والجدل الذى لم يتوقف فى مختلف الأوساط حول التعديلات والمستقبل.
وغير ذلك من القرائن التى تشهد بالميلاد الجديد للشعب المصرى الذى أدركت جماهيره أنها استردت وطنها من غاصبيه واستردت وعيها الذى كان مغيبا. ومن ثم أصبح الجميع فى قلب السياسة وأصحاب رأى فيها،.
خلال الساعتين والنصف التى قضيتها منتظرا دورى فى التصويت كان السؤال الذى ظل يلح على هو: هل من الممكن أن يخدع هؤلاء فى الانتخابات المقبلة؟ كانت فى ذهنى التصريحات والكتابات التى ما برحت تعبر عن القلق من إجراء الانتخابات التشريعية، محتجة بأن الساحة ليس فيها الآن سوى الإخوان المسلمين وفلول النظام السابق.
واستوقفنى فى ذلك الخطاب تجاهل هؤلاء لحقيقة الوعى والميلاد الجديدين اللذين طرآ على المجتمع المصرى. واستغربت شكهم فى أن الناس يمكن أن تنساق وهى مغمضة الأعين وراء شعارات الإخوان أو إغراءات تلك الفلول المدعومة من بعض رجال الأعمال القادرين على شراء الأصوات ببعض الملايين التى نهبوها.
ذلك أن بين أيدينا ما لا حصر له من القرائن والشواهد الدالة على أن الذين يطرحون مثل هذه السيناريوهات إما أنهم لا يثقون فى وعى الناس الذى بات مختلفا على كل ما سبق، أو أنهم يدركون ذلك جيدا، لكنهم يروجون لهاتين الفزاعتين لتخويف الناس وحثهم على المطالبة بعدم إجراء الانتخابات فى موعدها المفترض (شهر يونيو القادم).
لقد كان نظام مبارك فى السابق يخدع الناس من خلال تسويق فزاعة الإخوان. وشاءت المقادير أن يستمر ذات النهج فى ظل النظام الجديد بعد إضافة الفلول كفزاعة أخرى، والقاسم المشترك بين العهدين هو أن الخطاب ينطلق فيها من فكرة عدم الثقة فى وعى الجماهير وتقديرها.
ومن المفارقات أن نظام مبارك كان يروج لفزاعة الإخوان فى غش المجتمع، فى حين قام نفر من المثقفين بمحاولة الغش ذاتها مستخدمين فى ذلك فزاعتين وليس واحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.