القلب عضلة فريدة لها قدرة هائلة على العمل فى دأب وانتظام يبدأ قبل ميلاد الإنسان جنينا فى رحم أمه ولا تتوقف إلا لتعلن عن نهاية سعيه فى الدنيا، أهم صفات تلك العضلة هى قدرتها الفائقة على الانقباض بقوة والانبساط فى يسر يضمن اندفاع الدم من القلب لكل شرايين الجسم فى آن واحد وتسهيل استقباله عائدا من رحلة تتكرر بعدد دقات القلب ملايين المرات. تنقبض عضلة القلب وتنبسط بكامل قوتها وفقا لقانون يدفعها للعمل كخلية واحدة وهذا هو سر قدرتها المذهلة فماذا يحدث لو تراجع القانون وفقدت الخلايا قدرتها الفريدة؟ تتمتع خلايا القلب فى الأحوال الطبيعية بظروف وخصائص فسيولوجية وتشريحية فريدة تتيح لها الانقباض بقوة والانبساط فى يسر فى ليونة وسلامة تامة لكن بالطبع إذا اختلفت تلك المواصفات الفسيولوجية والتشريحية تفقد تلك القدرة الفريدة اللازمة لضمان كفاءة سريان الدم فى الشرايين إلى كل أنحاء الجسم وأنسجته وعودته فى الأوردة مرة أخرى للقلب. يحدث هذا فى أحد أهم الأمراض الوراثية التى تصيب عضلة القلب. تضخم عضلة القلب نتيجة لاعتلالها فجأة تتبدل خصائص خلايا عضلة القلب فتحل محلها مواصفات مختلفة تبدأ بتضخم تلك الخلايا المفصلية وتحولها الى نسيج خام يتخلله خلايا وأنسجة دهنية لتحل محل تلك الخلايا النشطة والأنسجة العضلية اللون القابلة للانقباض والانبساط. تفقد عضلة القلب قدرتها على ضخ الدم بالقوة اللازمة لدفعه تدريجيا نتيجة غزو تلك الخلايا الأمر الذى يخل بعمل القلب والدورة الدموية المرتبط به. تبدأ الأعراض فى الظهور وفقا لنسبة التدهور الناشئ فى عمل عضلة القلب الأمر الذى يمكن أن يقود لهبوط فى عمل عضلة القلب تلازمه آلام فى الصدر وقد ينتهى الأمر بأسوأ الاحتمالات: الوفاة المفاجئة بلا مقدمات. يعد مرض تضخم عضلة القلب واعتلالها أحد الأمراض التى تم رصدها فى عهد حديث حينما تكررت حوادث وفاة الرياضيين فجأة بلا أسباب سابقة واضحة وقد ثبت فى عهد قريب علاقته بخلل ناشئ فى الجينات الحاملة للصفات الوراثية. تعد دراسة علاقة المورثات الجينية بمرض تضخم عضلة القلب واعتلالها احد المشروعات البحثية المهمة تدعمها مؤسسة مجدى يعقوب جراح القلب الأشهر فى مصر. ●ما هى أعراض تضخم عضلة القلب واعتلالها؟ قد تغيب الأعراض فلا يعانى مريض اعتلال عضلة القلب وتضخمها من أى أعراض تذكر ويتم اكتشاف المرض بالمصادفة حين يخضع المريض للكشف بالأشعة أو إجراء رسم قلب لأمر عام فيلاحظ تضخم عضلة القلب. وقد يشكو المريض من أعراض تتراوح بين بعض صعوبات التنفس، آلام الصدر والإحساس غير المريح بدقات القلب وقد يلاحظ بعضا من اختلالها احيانا. قد ينتاب المريض احيانا بعضا من الدوار أو الاحساس بخفة الرأس إلى جانب الاحساس بالتعب لأقل مجهود وقد يفقد المريض الوعى فجأة وبدون مقدمات. ولأن اعتلال عضلة القلب وتضخمها أحد الأمراض التى لا تتوافر عنها معلومات كافية للناس فقد يختلط الأمر أحيانا على العامة بينما يحتمل تشخيص الأطباء قدرا من التردد والخلط بين اعتلال عضلة القلب وتضخمها لأسباب أخرى مثل ضيق الصمام الأورطى الناشئ عن الإصابة بحمى روماتيزمية خصوصا فى بلادنا. ايضا ارتجاع الصمام الميترالى الناشئ عن حمى روماتيزمية أو سقوط الورقة الخلفية وهو عيب خلقى لا يسفر عن مضاعفات قاسية أيضا قد يختلط الأمر مع مظاهر ارتفاع ضغط الدم أو الأزمات الناشئة عن الجهد العضلى العنيف. ● إذن ما هو السبب الرئيسى لاعتلال عضلة القلب؟ يعود السبب الى خلل فى عدد من الموروثات الجينية «الكروموسومات» التى تتشارك فى مسئولية نمو عضلة القلب وبالتالى إعدادها لوظيفتها الأساسية. إصابة الإنسان باعتلال وتضخم عضلة القلب يحمل فرصة انتقال المرض لأبنائه بنسبة 50٪. ● كيف يمكن تشخيص المرض؟ يبدأ تشخيص المرض بتسجيل تاريخ مرضى جيد للمريض يضم تاريخا عائليا لكل أقارب الدرجة الأولى والثانية. تضخم القلب يمكن تشخيصه ورصده بوسائل تشخيصية بسيطة تبدأ برسم القلب العادى. أما أكثرها دقة فتصوير عضلة القلب وتسجيل حركة الدم فيها باستخدام الصدى الصوتى وتقنية الدوبلر. قد يحتاج الامر فى أحوال كثيرة للتصوير بتقنية الأشعة المقعطية أما حسم الأمر بصورة نهائية فهو دراسة الصفات الوراثية من عينة من الدم تؤخذ من المريض. ● هل من علاج؟ يعتمد العلاج على درجة معاناة المريض من الأعراض متى وجد الاعتماد على الادوية مثل حاصرات البيتا، فيراباسيل أو الادوية المناهضة لخلل نبضات القلب يجرى تجربتها فى البداية فربما تمكنت من علاج الأعراض. قد يحتاج المريض لتركيب منظم لضربات القلب إذا ما كان مهددا بالخطير منها الأمر الذى يحتمل معه الوفاة المفاجئة. قد يحتاج الإنسان أيضا لجراحة لاستئصال جزء داخلى من عضلة القلب اذا ما تضخمت الى درجة تزيد معها الأعراض بصورة تهدد حياة الإنسان وتتعارض مع تفاصيل حياته اليومية وقدرته على القيام بأعبائه الأساسية ومتابعة أفراد العائلة بفحوص طبية متكررة مثل رسم القلب وتقنية الموجات فوق الصوتية أمر مهم ويفيد فى استباق الخطر والعلاج فى مراحل أولية من المرض. اعتلال وتضخم عضلة القلب مرض أتاح العلم الحديث معرفة مسبباته بعد أن ظل الموت المفاجئ أحد الألغاز المحيرة خصوصا فى حالات الرياضيين الذين يتمتعون فرضا بمقاييس عالية للصحة. تشخيص الأمر فى مصر فى عائلات بصورة واضحة، لذا فاستباق الخطر بالفحوصات الطبية الدورية يتيح تشخيصا دقيقا وعلاجا فى توقيت ملائم.