«قطاع العقارات سيواجه ضربة قاسية خلال الفترة المقبلة، ولن يكون محرك النمو مرة ثانية على المدى القصير»، بحسب رؤية هانى جنينة، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس رؤيته لآفاق النمو فى هذا القطاع. وهو ما اتفق عليه محلل للقطاع فى كبرى بنوك الاستثمار العاملة فى مصر، طلب عدم نشر اسمه، والذى قال إن تعدد القضايا الخاصة بالمشاريع العقارية فى مصر خلال الفترة الماضية، على خلفية سقوط النظام السابق، الذى شهدت عمليات تخصيص الأراضى فى عهده تلاعبا كبيرا، يضع الآن القطاع العقارى فى مصر، الذى كان المحرك الأساسى للنمو فى السنوات الماضية، فى مأزق ليكون كبش فداء الأزمة، بحسب تعبيره. من جانبه، توقع بنك الاستثمار فاروس، فى تقرير حديث له، تراجع مبيعات العقارات فى مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة العقارات السياحية والترفيهية، مرجعا ذلك إلى «حالة عدم اليقين تجاه الأحداث السياسية والاقتصادية». وبحسب التقرير، «شراء العقارات لن يكون على رأس أولويات المصريين فى هذا الوقت، مما سيؤدى إلى انخفاض مبيعات الشركات العقارية العاملة فى هذا المجال، وإلغاء كثير من الحجوزات». «الأزمة فى القطاع العقارى سياسية، مع زيادة الاتهامات الموجهة لكثير من رجال الأعمال المتهمين باستخدام نفوذهم للحصول على الأراضى بأسعار الرخيصة. ومن ثم، فمن جهة، هؤلاء رجال الأعمال منشغلون الآن بالدفاع عن براءتهم أكثر من استكمال مشروعاتهم، ومن الجهة الأخرى، المستهلك نفسه غير واثق فى ضخ أمواله فى أى مشروع من هذه المشروعات»، تبعا لمحلل بنك الاستثمار. كانت مجموعة من الشركات العاملة فى مجال النشاط العقارى مثل بالم هيلز، والمصرية للمنتجعات، قد أعلنوا فى الأسابيع السابقة عن حالة ركود كبيرة فى القطاع وعن توقف المبيعات. كما أنه كان من المفترض إطلاق عدد من المشروعات العقارية فى بداية العام، مثل بالم السخنة والشراكة بين شركة أوراسكوم للصناعة والمصرية للمنتجعات، إلا أنه على خلفية الأحداث الحالية تم تعليقها. ومن خلال مراقبة السوق العقارية، رصد جنينة كثيرا من الإلغاءات لحجوزات على بعض العقارات، مشيرا إلى أن ظروف عدم الاستقرار الحالية قد تجعل المواطنين غير راغبين فى الالتزام بدفع أقساط سداد ثمن عقار نظرا لعدم ضمانهم استمرار وظائفهم. من جانب آخر، توقعت دراسة حديثة لبنك الاستثمار النعيم أن شركات التطوير العقارى التى تعتمد فى مبيعاتها على الطبقات العليا قد تشهد انخفاضا حادا فى الحجوزات نظرا لأن معظم الأثرياء المصريين نقلوا أموالا خارج البلاد، كما أنهم صاروا حذرين بشكل أكبر تجاه امتلاك أصولا فى مصر. العقارات السياحية الأكثر تضررًا يعد قطاع العقار السياحى، وفقا لتقرير فاروس، من أكثر القطاعات التى تأثرت بالأزمة، على خلفية توقف حركة السياحة كاملة بسبب عدم الاستقرار الأمنى، الذى تشهده البلاد حاليا. ويتفق جنينة مع هذا الرأى، مشيرا إلى أن تراجع حركة السياحة فى مصر سيؤثر بشكل كبير على قطاع العقارات السياحية والترفيهية، خاصة فى ظل اعتماد المطورين المصريين على العملاء من العرب والأجانب لتسويق منتجاتهم، سواء داخل البلاد أو خارجها. «غالبية المطورين المحليين كانوا يتجهون لاقتناء تلك العقارات بهدف تأجيرها إلى السياح، وهو ما سيؤثر على توجههم لاقتناء تلك الوحدات فى الوقت الحالى»، بحسب قوله. وفى هذا الإطار، يوضح على لطفى، رئيس المجلس التصديرى للعقارات، أن الأحداث التى مرت بها مصر أدت إلى إرجاء الخطط والاستراتيجيات، التى تبناها المجلس الخاصة بتسويق العقارات فى الخارج، مضيفا أن السياحة تعد أهم القطاعات، التى يرتبط بها عمل المجلس من خلال جذب أنظار الأجانب للعقار المصرى وتسويق المشاريع العقارية فى الخارج. ويرى تقرير فاروس أنه من بين الشركات التى ستتأثر بشكل كبير هما شركتا «عامر جروب» و«بالم هيلز»، فكلتا الشركتين لديهما مشاريع كبيرة فى العقارات الترفيهية. فلدى «بالم هيلز» نحو 32.5 مليون متر مربع، تمثل 60% من حصيلة الأراضى لديها. كشف الفساد يبشر بقطاع عقارى أفضل إن كان البعض يرى أن كثرة قضايا الفساد المتعلقة بتخصيص الأراضى ستؤثر سلبا على نمو القطاع العقارى على المديين المتوسط والقصير، فإن البعض يعتبر أن «كشف هذا الفساد يكون لصالح القطاع على المدى الطويل»، بحسب قول مسئول فى شركة الديار القطرية. ويشير هذا المسئول إلى أن صياغة قانون واضح ومحدد، مع التأكد هذه المرة، أنه سيتم تطبيقه بشكل حاسم على الكل «يشجع أى مستثمر نزيه ويسعى فعلا إلى تحقيق أرباح شرعية إلى الاستثمار فى هذا القطاع فى مصر»، بحسب قوله مدللا على كلامه بأن هناك مؤسسات عقارية عربية كبرى لا تستثمر فى مصر حاليا، تراقب السوق العقارية حاليا وتدرس تطوراتها عن كثب، للقدوم إلى مصر. ويرى هذا المسئول أن السمعة الجيدة لثورة 25 يناير أعطت نوعا من التفاؤل لمستقبل الاستثمار فى مصر، متوقعا أن تعاود السوق نشاطها فور انتخاب رئيس للدولة والانتهاء من وضع الدستور، خاصة أن السوق تحتاج إلى وحدات إضافية. وكان العجز فى الوحدات السكنية قد بلغ 900 ألف وحدة فى عام 2008 حسب إحصاءات للجهاز المركزى والتعبئة والإحصاء منها 500 ألف وحدة فى الصعيد، وكانت شركة «منا» الكويتية القابضة قد ذكرت فى بيان لها أن هناك حالة من التفاؤل تجاه سوق العقارات المصرية بعد التطورات الأخيرة، والتى تبشر بالمزيد من الإجراءات الانضباطية بما يعكس الاستقرار بشكل إيجابى على مناخ الاستثمار وبنية الأعمال فى مصر.