فى اللحظة التى رفع فيها عمر سمرة علم مصر على قمة جبل أكونكاجوا فى الأرجنتين، كان المصريون فى انتظار خطاب الرئيس السابق مبارك يوم 1 فبراير، ويتوقعون أن يتنحى. عمر سمرة هو أول مصرى عربى يصل إلى قمة جبل أفريست، كان ذلك عام 2007. وبعدها قرر سمرة أن يصل إلى أعلى سبعة قمم جبلية فى قارات العالم، ونجح فى تسلق خمسة منها، آخرها كانت أكونكاجوا أعلى قمة فى قارة أمريكا الجنوبية. علم مصر الذى رفعه سمرة للمرة الخامسة على قمة جديدة من القمم السبعة، كان مختلفا لأنه كتب عليه «مصر للشعب». اختار سمرة 32 عاما، هذه العبارة ليهدى بها مغامرته لثوار التحرير، «علشان ما قدرتش أشارك فى الأحداث»، لأنه بدأ رحلة الصعود إلى أكونكاجوا الذى يبلغ ارتفاعه نحو 7 ألف متر، فى 20 يناير الماضى. قال سمرة إنه عندما وصل إلى أول مكان يستطيع التخييم فيه على الجبل، كان قد تسلق ما يقرب من 4 ألف متر من المسافة، وذلك يوم الجمعة 28 يناير. وظل يحاول الاتصال بأسرته عن طريق القمر الصناعى، لكنه وجد أن الهواتف لا تعمل، وهو لم يكن على دراية بأحداث الثورة التى بدأت يوم 25 يناير، وأن شبكات هواتف المحمول والانترنت مقطوعة، وأضاف «كنت عارف أن فى مظاهرات من فيس بوك، بس ما حدش توقع إنها توصل لثورة حقيقية». رحلة صعود جبل أكونكاجوا تستغرق ما بين أسبوعين وثلاث أسابيع، وعلى المتسلق أن يصعد بعض الأمتار ثم يهبطها مرة أخرى، ويكرر ذلك عدة مرات حتى يتأقلم الجسم على قلة الأكسجين كلما اقترب من القمة، طبقا لسمرة. ويتابع «أنا كنت حاسس إن فى حاجة غلط يوم جمعة الغضب، لأن كل الناس تليفوناتهم مش بتجمع معايا»، وتعرف إلى بعض الأشخاص فى المكان المخصص للتخييم ووجدهم متصلين بالانترنت عن طريق القمر الصناعى. وأضاف: دخلت على مواقع الخبرية ولقيت الأخبار الرئيسية كلها عن مصر، وقلقت على أهلى جدا، وفكرت أرجع، لكن عرفت أن فى مشاكل فى الطيران. وقرر أن يكمل رحلته التى جهز لها شهورا طويلة، وكلفته نحو 5 آلاف دولار، وكان وقتها متبقيا نحو أسبوع حتى يصل إلى القمة. فكر أن يصعد إلى القمة بسرعة مباشرة على مرة واحدة، «علشان أوفر وقت مع أن دا خطر عليا»، وعندما اقترب من القمة كانت سرعة الرياح نحو 70 كيلو مترا فى الساعة. اعتاد سمرة تسلق الجبال بصحبة فريق ومرشد، إلا أنه هذه المرة خاض المغامرة وحده وحمل المعدات والأطعمة والخيمة، وفرنا لطهو الطعام. واستطاع تسلق ما تبقى من مسافة فى نحو أربعة أيام، «وكنت آخر واحد طلع القمة فى اليوم دا لأنى كنت تعبان جدا»، ورفع علم مصر مزين بعبارة «مصر للشعب». وصل سمرة إلى القاهرة يوم 6 فبراير الماضى، «وأول حاجة عملتها رحت التحرير»، وتمنى أن تبث روح التعاون والحب والمساواة التى شاهدها داخل الميدان، فى كل مكان بمصر. وظل حزينا لأنه لم يشارك فى أحداث الثورة، وظل يزور الميدان يوميا حتى لحظة تنحى مبارك، «الأول افتكرنا إنها إشاعة لكن أهلنا اتصلوا بينا وتأكدنا». سمرة صاحب إحدى شركات السياحة، ولكنه يفضل عمل رحلات غير تقليدية للمصريين حول العالم، تعتمد على السفارى فى الصحراء، أو تسلق الجبال، لكنه يقول إن «السوق متوقفة تماما هذه الفترة وبدأنا نعمل رحلات غير تقليدية داخل مصر». يسعى سمرة لجمع تبرعات للمعاقين ذهنيا، واستطاع أن يجمع نحو 900 ألف جنيه، مع 26 متسلقا صعدوا معه جبل كليمنجارو، فى سبتمبر الماضى، وتبرعوا بها إلى جمعية «الحق فى الحياة». ويرجع اهتمام سمرة بنشر الوعى حول مرض الإعاقة الذهنية، لأن أخويه معاقان ذهنيا. ويستعد للرحلة المقبلة حيث القمة قبل النهائية، وهى قمة جبل دينالى، فى ألسكا بقارة أمريكا الشمالية، ثم يتبقى جبل فنسون، بالقارة القطبية الجنوبية. كان سمرة قد تسلق كلا من افريست فى قارة آسيا، وكليمنجارو فى أفريقيا، والبروس بأوروبا، وكارستينزفى قارة أستراليا، وأكونكاجوا بأمريكا الجنوبية.