رغم الانتقادات واسعة النطاق التي لاقاها توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، خلال الأيام الماضية بسبب مد "يد الصداقة" إلى الزعيم الليبي معمر القذافي قبل 7 أعوام، أقدم بلير على تصرف شخصي استثنائي عندما اتصل هاتفيا بشكل سري بالقذافي، وطلب منه الكف عن قتل المتظاهرين الثائرين ضده. وذكرت صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، اليوم الأحد، أن بلير أجرى اتصالين هاتفيين سرا بالقذافي، أمس الأول الجمعة، وهو اليوم الذي شهد ظهور الزعيم الليبي مناشدا مؤيديه المخلصين "الدفاع عن البلاد" ضد الثورة، و"سحق الأعداء" الواقفين ورائها. وأوحى هذا الطلب المتحدي الذي وجهه القذافي إلى عناصر الجيش الموالية له، بأن الرجل تجاهل ببساطة مناشدة بلير الذي بادر في الماضي بخطوة في طريق إصلاح العلاقات بين الزعيم الليبي ودول الغرب ولو مؤقتا، وسرعان ما عاد القذافي إلى الموقف المنبوذ دوليا الذي كان به قبل "اتفاق الصحراء" الذي أبرمه مع بلير عام 2004. وأشارت تقارير من طرابلس، أمس السبت، إلى أن القذافي ينفذ تهديده بتسليح أنصاره لمقاومة الثورة، وفي ظل تصاعد التوترات، كلف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قوات النخبة البريطانية (ساس) بإرسال بعثة إنقاذ لإجلاء 150 مواطنا بريطانيا، تقطعت بهم السبل في حقول النفط جنوب ميناء بنغازي الليبي. وأفادت مصادر من الحكومة البريطانية أن بلير أجرى اتصالا في البداية بالقذافي، وبعد مشاورات مع وزارة الخارجية، جرى إبلاغ بلير بأن الحكومة البريطانية تفضل تنحي الزعيم الليبي، ومن ثم وافق رئيس الوزراء السابق على الاتصال به مجددا لتوصيل هذه الرسالة. ولم يدل مكتب بلير بتعليق، أمس السبت، بهذا الشأن، كما لم تصرح مصادر الحكومة ما إذا كان الوزراء البريطانيون علموا بهذا الاتصال مسبقا. يذكر أنه رغم وجود انتقادات لبلير بأن ثمة مصالح اقتصادية ونفطية غربية تقف وراء إعادة التقارب مجددا مع القذافي، وأن ذلك يعد خطأ إسترايجيا كبيرا، لطالما نفى بلير وجود أي علاقة تجارية مع أي فرد من عائلة القذافي أو الحكومة الليبية، إلا أنه منذ أن غادر منصبه كرئيس للحكومة البريطانية، من المفهوم أنه سافر إلى طرابلس بغرض العمل لصالح بنك جيه بي مورجان تشيس الأمريكي، كما أنه التقى القذافي في طرابلس في الصيف الماضي.