داخل أحد المنازل البسيطة بعزبة المراعي الجديدة بخورشيد شرق الإسكندرية، التقت "الشروق" والدة أحمد هاشم السيد محمد، 25 عاما، بعد ساعات قليلة من وفاته متأثرا بحروق بلغت نسبة 95% بمستشفى رأس التين العام بالإسكندرية. ببكاء لا ينقطع، عبرت والدة الشاب المنتحر عن حزنها الشديد، بعد وفاة ابنها، إثر قيامه بسكب جركن "كيروسين" على نفسه أعلى سطح العقار محل سكنه، ليلة أمس الاثنين، مشيرة إلى أنها لم تكن تتوقع أن ينتهي ابنها الأوسط بهذه النهاية المأساوية. وأفاضت في تفاصيلها ل"الشروق" عن ملابسات الواقعة، قائلة: كانت الساعة تقترب من الخامسة، مساء أمس الاثنين، حيث كانت الأسرة مجتمعة بالمنزل بالطابق الأرضي تتناول وجبة الغذاء، فصعد أحمد في صمت إلى أعلى العقار وعلى ملامح وجهه حالة من الحزن الشديد، نظرا لفشله في الحصول على وظيفة يرغب فيها. وواصلت الأم حديثها قائلة: فوجئنا بصرخات مدوية صادرة من أعلى العقار، وعلى الفور هرولنا سريعا، وصعدنا حيث مكان الصراخ، فوجدنا مشهدا لم يكن أحد يتخيله، حيث نهشت النيران جسد ابني بضراوة، ولم نتمكن أنا والجيران من إنقاذه. وعن مأساة ابنها، روت الأم كيف حاول ابنها أن يبحث خلال الفترة الماضية عن فرصة عمل، من أجل إيجاد لقمة عيش له ولأسرته المتواضعة، المكونة من 6 أفراد، أحدهم معوق، والآخرون يأسوا من البحث عن فرصة عمل، فلم يجد سوى العمل كعامل، يقوم بحمل الرمال والزلط في أعمال البناء بيومية بلغت 10 جنيهات يوميا. وقالت الأم: إن الفترة الماضية، وقبل تلك الحادثة، حاول ابنها الانتحار بقطع شرايين يده، بسبب إصابته بحالة اكتئاب شديدة، من جراء فشلة في الحصول على وظيفة براتب معقول، حيث كان يعمل باليومية، وفي الفترة الأخيرة لم يجد أي وظيفة، فمكث في البيت، وأدى هذا الأمر إلى زيادة إحباطه. أما جيران تلك الأسرة البسيطة، فقد أشادوا ل"الشروق" بالسمعة الطيبة للشاب المنتحر، مشيرين إلى أنه كان قليل الكلام وهادئ الطباع، إلا أنهم يعانون بشكل كبير من أعباء المعيشة التي أثقلتهم بالهموم والإحباط. وقالت زوجة الشقيق الأكبر للشاب المنتحر أحمد، إنه كان منطويا على نفسه قبل الحادث، حيث كان تركيزه ينصب على البحث عن فرصة عمل فقط، مشيرة إلى أنه ليس لديه أية اهتمامات بالسياسة، إلا أنه قد سمع بأحداث تونس الأخيرة وإقدام أحدهم على الانتحار، بسبب عدم وجود وظيفة، ويبدو أنه حاول هو الآخر التقليد. وفي سياق متصل، أكد مصدر أمني "للشروق" أن الشاب المنتحر مريض نفسيا بالاكتئاب، مشيرا إلى أن والدة أكد في أقواله داخل المحضر المحرر بالواقعة، أن نجله سبق وأن قام منذ 3 أيام بمحاولة الانتحار من خلال قطع شرايين يده. وأوضح المصدر الأمني أن والد الشاب المنتحر، أكد في أقواله أيضا، أن مرض الاكتئاب النفسي سمة في العائلة، مشيرا إلى قيام ابنه الثاني هو الآخر بمحاولة الإقدام على الانتحار منذ عامين. من جانبه، أوضح الدكتور سلامة عبد المنعم، وكيل أول وزارة الصحة بالإسكندرية، أن الشاب أحمد هاشم السيد تُوفي عصر اليوم، داخل مستشفى رأس التين العام بالأنفوشي، متأثرا بإصابته بحروق من الدرجة الأولى وحتى الثالثة.