أكد روبرت فيسك، الكاتب الصحفي الشهير مراسل صحيفة "الإندبندنت" للشرق الأوسط، أن حمامات الدم والدموع والفوضى الموجودة في تونس قد لا تؤدي بالضرورة إلى الديمقراطية في النهاية، وقال، إن الحكام الطغاة في العالم العربي يرتجفون هلعا الآن، خوفا من انتهاء أمجادهم وعصورهم، خاصة وأن ثورة تونس لم تكن من المتوقع على الإطلاق أن تحدث. وضرب فيسك مثلا بمظاهرات الجزائر والأردن التي تندد بارتفاع أسعار السلع الغذائية، موضحا أنه إذا كانت تونس، وهي وجهة السائحين لقضاء فترة الإجازات، قد فعلتها وثارت، فلا بد وأن هذا سيحدث في أي مكان آخر، والغريب أن الغرب الذي احتفى بالثورة التونسية، كان فيما مضى يحتفي بنظام زين العابدين بن علي، الرئيس المخلوع، وقبضته المحكمة على الإسلاميين في تونس، وعلاقته "المتحضرة" بأوروبا! ووصف العالم الإسلامي من الهند حتى البحر المتوسط بالفوضى المزرية، فحكومة العراق واجهة لإيران، وحامد كرزاي يكاد أن يكون عمدة لمدينة كابول، وباكستان على شفا كارثة محققة، أما مصر فبالكاد خرجت من انتخابات مزيفة. الغرب يكره ما تجلبه الديمقراطية في الشرق الأوسط وأعرب فيسك عن مخاوفه من عدم تحقق الديمقراطية، التي تخدم الشعب التونسي في نهاية الأمر، وأن يعود النظام القديم بكل منظومته إلى الحكم، بعد انتفاضة التونسيين، وذكر فيسك قراءه بما حدث في الجزائر في التسعينيات، عندما كادت "الديمقراطية" أن تجلب الإسلاميين إلى الحكم بعد الانتخابات، ما حدا بالدول الغربية لمساندة الحكومة البوليسية، وإلغاء نتائج الانتخابات الديمقراطية، والتنكيل بالإسلاميين، وبالتالي بداية الحرب الأهلية التي قتل فيها أكثر من 150 ألف جزائري. إن ما يريده الغرب من العالم العربي هو الاستقرار البوليسي، حتى في نظام الرئيس مبارك، وهو بالفعل ما يحدث الآن، كما أن الأنظمة العربية، المتصلبة والمفككة أساسا، سوف تظل كما هي، تتحكم في شعوبها وتسيطر عليهم لتحتفظ بهم مقموعين، وتربيهم على حب الغرب وكراهية إيران. واختتم روبرت فيسك مقاله قائلا، إن العالم الغربي ينادي بالديمقراطية والانتخابات النزيهة، لكنه لا يقبل بها فعلا في الشرق الأوسط، هذا ما حدث في انتخابات الجزائر منذ أكثر من 20 عاما، وفي انتخابات فلسطين التي فازت حماس فيها بحكم غزة، وفي لبنان، وعندما يرفض الغرب نتائج "الديمقراطية" في الدول العربية، يسعى إلى فرض عقوبات عليهم، يهددهم ويحذرهم من إيران، بينما يتوقع منهم أن يغلقوا أفواههم أمام اغتصاب إسرائيل أرض الفلسطينيين واستعمارها الضفة الغربية.