يسافر المصرى للخارج لكنه يظل متعلقا بالوطن.. بالأهل.. بكل ما له علاقة بمصر.. يحقق نجاحات مبهرة فى البلاد الراقية التى يسافر إليها.. لكنه يظل مهموما ببلاده.. وجع البعاد وزفرات الشوق والحنين تجعله يتلمس مصر فى فيلم عربى على محطة فضائية.. أكلة مصرية فى مطعم يديره مصريون فى المهجر.. نكتة جديدة قادمة مع واحد بلدياته جاء ليخطف يومين فى أوروبا.. ببساطة.. يهاجر المصرى لكنه يترك عين له فى مصر ويصطحب الأخرى فى الغربة. «الشروق» التقت عصام عبدالصمد رئيس «اتحاد المصريين فى أوروبا»، وهو من أهم جماعات الضغط المصرية (لوبى) القليلة فى أوروبا، وله 18 مكتبا 27 دولة بالقارة العجوز.. يتابع هذا الاتحاد دبة النملة على أرض مصر فى كل المجالات، سألناه عن أحوال المصريين فى هذه البلاد البعيدة، ومساعيهم للاندماج فيها، وتعاطى الدبلوماسية المصرية معهم، ومطالبهم بحق التصويت فى الانتخابات المصرية، وعلاقة الجيل الثانى بالوطن الأم، ورأيهم فى الانتخابات النيابية الأخيرة، ورؤاهم للانتخابات الرئاسية المقبلة. عبدالصمد كان أحد أهم المقربين من الفنانة سعاد حسنى فى لندن، بعد أن توطدت الصداقة بينهما بعد أن تعرف عليها لمساعدتها فى العلاج بحكم أنه طبيب شهير فى جامعة لندن، سألناه عن أحد أهم الأسرار التى باحت «السندريللا» له بها فقال إنها قالت له إنها تزوجت عبدالحليم حافظ بالفعل، وهى المسألة التى أثارت وتثير الكثير من الجدل حولها منذ فترة طويلة. وفيما يلى نص الحوار: • ما هو اتحاد المصريين فى أوروبا؟ اتحاد المصريين فى أوروبا ما هو إلا جمعية أهلية خيرية غير حكومية مثل آلاف الجمعيات الموجودة فى العالم، تعمل على مستوى أوروبا كلها، ويعتبر اتحاد المصريين فى أوروبا هو أشهر لوبى مصرى موجود فى الخارج، وله 18 مكتبا فى أوروبا لخدمة المصريين، ويعمل لتحقيق ثلاثة أهداف، وهى ربط المصريين فى أوروبا بعضهم ببعض والاندماج مع البلد الذى نعيش فيه للتعرف على حقوقنا وتقليل المشاكل بعد أزمة «الإسلام فوبيا» فى هذه البلدان. والهدف الثالث هو بناء جسر بين هؤلاء المصريين والوطن الأم، ونحن كاتحاد لنا جلسات شهرية فى مجلس العموم البريطانى لمناقشة ما يخص البلاد العربية وأفريقيا وتزويدهم بالمعلومات اللازمة وإزالة أى سوء فهم، كما نزور البرلمان الأوروبى بطريقة دورية وتمت مقابلة الوزراء. • هل الاتحاد ك«لوبى» أو جماعة ضغط مصرية له تأثير ملموس فى أوروبا؟ نعم، هو مؤثر جدا، لكن الشارع المصرى لا يشعر به، نحن نعمل على نوعين من المنظمات، النوع الأول هو الحكومات، فنضغط على 27 حكومة أوروبية بالإضافة إلى الحكومة المصرية، النوع الثانى هو البرلمانات، وهى ثلاثة أنواع، البرلمان المصرى، البرلمان الأوروبى، البرلمانات الأوروبية المصرية، وهناك قضايا أساسية بنشتغل عليها مثل حقنا فى الحصول على بطاقة الرقم القومى، أو رعاية الجيلين الثانى والثالث، أو الأسرى المصريين الذين قتلوا أيام حرب 1967، وقضية فلسطين نهتم بها بشكل مستمر، ولعبنا دورا كبيرا فى أزمة الحجاب فى فرنسا، وقضية حظر المآذن فى سويسرا. • هل حققتم نتائج جيدة فيما يخص الاندماج فى المجتمعات الأوروبية خاصة بعد 11 سبتمبر 2001؟ فشلنا فى مسألة الاندماج، لأن لدينا مشكلتين.. واحدة خاصة بنا والثانية خاصة بالغرب، أما الخاصة بنا فتتمثل فى أننا غير متكتلين بالشكل الكافى فى أوروبا، لأن المصرى لديه هواجس من التعامل مع المصريين فى أى تجمع بالخارج.. دائما ما يفكر بأن من يدعوه للانضمام لاتحاد أو تجمع له علاقة بالحكومة المصرية أو المعارضة، وبالتالى هو يريد إراحة نفسه من هذا الكلام الذى تركه فى مصر، فبالرغم من أن عدد المصريين الموجودين فى بريطانيا يتجاوز 200 ألف شخص، إلا أن المسجلين منهم فى السفارة أقل من 30 ألفا. ولذلك كان سعينا الحثيث مع مجموعة رائعة من المصريين فى أوروبا لتكوين اتحاد المصريين فى أوروبا، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، لأننا تعرضنا لمضايقات باعتبار أننا ضمن 20 مليون مسلم فى هذه القارة العجوز، وزاد الأمر بعد أحداث 7/7/ 2005 وهى تفجيرات «مترو أنفاق» لندن، ومن هنا كانت حاجتنا ماسة لتكوين كيان يدافع عن حقوقنا. من الأشياء التى تعوق الاندماج من ناحيتنا أيضا تزايد الهجرة غير الشرعية، وهذه الهجرة أفرزت نوعية مختلفة من المصريين الذين يذهبون لأوروبا.. فى الماضى لم يكن يذهب إلى أوروبا سوى حملة المؤهلات العليا، ومن يجيدون اللغات الأجنبية، الآن يذهب من كانوا يسافرون للعراق فى الثمانينيات، وبالتالى ليس لديهم لغة ولا علم ولا معرفة ونهايتهم تكون فى السجون الأوروبية، ومن ثم إعاقة اندماجنا فى المجتمعات الأوروبية، وبالتالى نحن فشلنا فشلا ذريعا فى موضوع الاندماج. • لم تتحدث عن معوقات الاندماج من الجانب الأوروبى.. هل تصاعد الأحزاب اليمينية المتطرفة فى أكثر من بلد أوروبى له علاقة بهذا الأمر؟ نعم.. هذا أمر فى غاية الأهمية.. فهذه الأحزاب تحاول تعميق كراهية المواطنين العاديين للأجانب.. وهذا يعيق الاندماج بطبيعة الحال.. لكن هذا يزداد فى البلدان التى تكثر فيها الهجرة غير الشرعية. • ولكن فى المقابل.. لماذا أصبحنا نرى مسلمين متشددين فى أوروبا من سكان البلاد الأصليين؟ لأن الإسلام الذى أخذوه ليس إسلام الأزهر الوسطى.. إسلامهم قادم من باكستان والهند.. وهو إسلام بعيد عن الوسطية والاعتدال كما نعرف.. ولذلك ناشدنا ونناشد الأزهر الشريف الدفع بعلمائه الذين يجيدون اللغات إلى أوروبا ليعلموا الناس صحيح دينهم، وهذا أحد أهم الأولويات التى يجب على الأزهر الدفع فيها بقوة. • توسعت بريطانيا فى نشر كاميرات المراقبة أو ما يطلقون عليه ظاهرة «الأخ الأكبر».. مع تزايد حدة «الإسلام فوبيا».. فما هى انعكاسات ذلك على الجالية المصرية والعربية؟ لندن بها أكبر عدد من كاميرات المراقبة فى العالم، وتتفوق فى هذا الإطار على نيويورك وسان فرانسيسكو وغيرها من المدن الكبرى، لكن إجراءات الأمن الصارمة فى بريطانيا وأوروبا بشكل عام يخضع لها الجميع، فقد رافقت محافظ لندن فى رحلة بالقطار ونفس إجراءات التفتيش الذاتى السخيفة التى تعرضت لها تعرض هو لها أيضا، وبالتالى لا يخاف من إجراءات الأمن وكاميرات المراقبة إلا من عليه غبار، أما الشخص السليم فلا يتعين عليه الخوف مطلقا. فيما يخص «الإسلام فوبيا».. يجب أن أنوه إلى أن الأوروبيين يريدون من المسلمين المقيمين معهم أن يخلعوا عباءة الإسلام.. أى لا يريدون حجاب أو نقابا أو لحية. وهذه كلها أمور يبالغ بعض المسلمين فيها، فعلى سبيل المثال بعد أن ركبت الطائرة المتوجهة إلى مصر قبل ثلاثة أيام قام أحد الركاب وله لحية طويلة بافتراش أرضية الطائرة بعد إقلاعها مباشرة وهم بالصلاة قائلا: الله أكبر.. وعندها رجع الطيار للمطار مرة أخرى وحدث قلق فى الطائرة.. وأصر طاقم الطائرة على نزوله وإنزال حقائبه، وبالتالى يتعين علينا أن نتعامل بذكاء مع الآخرين، ولا نساعدهم على الخوف منا. • ما تقييمكم لتعامل البعثات الدبلوماسية المصرية مع المصريين فى أوروبا؟ هذا الأمر يعود إلى شخصية السفير أو القنصل.. فلو كان كل منهما فاهم شغله بشكل حقيقى تكون العلاقة مع المصريين جيدة، والعكس صحيح، لكنما ينقص البعثات الدبلوماسية بشكل عام هو الاعتماد على النخب فى الجاليات المصرية بالخارج.. لا يدركون أننا نستطيع أن نساعدهم على تأدية واجبهم. الدبلوماسية المصرية لا تدرك أن الجمعيات الأهلية الموجودة فى العالم محترمة جدا، وأصبحت تشارك الحكومات فى خدمة الشعوب، ولذلك نجد الدبلوماسية المصرية تخاف من الجمعيات الأهلية المصرية بالخارج، لأن فيه مسئولين كثيرين ليس لديهم الخبرة الكافية، ينجذبون للتعامل مع أشخاص تافهين يقولون للواحد منهم معاليك وسعادتك، ويتركون الجماعات المصرية المؤثرة والنخبوية. • ما ردكم على من يشكك فى تمويلكم ويقول إنه من جهات أجنبية لها مصالح خاصة؟ أنا أتحدى أن يستطيع شخص واحد إثبات أننا أخذنا مليما من أحد.. أتحدى.. لأن تمويلنا فى «اتحاد المصريين فى أوروبا من جيوبنا».. وأتحدى أى فرد يتحدث عن التمويل الأجنبى يثبت أننا أخذنا مليما من أى جهة أجنبية. كما أننا لا نأخذ أى اشتراكات من الأعضاء فى اتحادنا، لأننا لا نقدم مشروعات خدمية.. نحن نبذل أقصى مجهود لعمل «لوبى» أو جماعة ضغط، تخدم مصالحنا ومصالح بلادنا وقضاياها فى المجتمعات التى نعيش فيها، ونصرف على ذلك من جيوبنا كما أشرت ويجب أن يعرف المصريون ذلك. • ولكن.. هل تشعر أن الدولة المصرية تتعامل بشىء من الحذر مع المصريين بالخارج أو أى تجمع يمثلهم؟ طبعا.. والدولة لها حق فى ذلك.. تعامل معى بحذر كما شئت لكن فى النهاية ما أرجوه من الدولة أن تتعامل معنا من الأساس، نحن امتداد للأمن القومى المصرى، نتعامل فى كل أزمة بمسئوليتنا كمصريين تجاه بلدنا، وعلى سبيل المثال فى الأزمة الأخيرة بين مصر والجزائر بسبب مباراة كرة القدم نحن أول من تحرك لإنقاذ سمعة مصر بالخارج. قابلنا سفير الجزائر فى لندن وسلمناه رسالة احتجاج على التعامل مع المصريين بهذا الشكل المهين، ووصلت رسالتنا إلى الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة، ووجدت لها عن تجمعات الجزائريين فى أوروبا، واقتربوا منا بعدما كانوا منحازين لموقف بلادهم الرسمى، وجاء عدد من ممثلين للجاليات الجزائرية فى أوروبا وشاهدنا سويا مباراة مصر والجزائر فى أمم أفريقيا فى منزلى، إذن المنظمات الأهلية يمكنها لعب دور قد تعجز الحكومات عن القيام به، أليس هذا العمل الذى قمنا به حبا لمصر. • وما رأيك فيمن يعارض النظام من الخارج على طريقة أقباط المهجر؟ نحن ضد المعارضة من الخارج.. وضد الاستقواء بأى دولة على مصر، من يريد المعارضة عليه العودة لمصر، أشخاص كثيرون يتخيلون أنى معارض، وهذا غير صحيح لأنى رجل يعمل فى «لوبى» وفرق شاسع بين جماعات الضغط والمعارضة. وفيما يخص ما تسمونهم أقباط المهجر هم لا يتجاوزون 5% من الأقباط المهاجرين، السواد الأعظم من الأقباط فى أوروبا يتعاملون مع الشأن المصرى مثلهم مثل أى مصرى بالداخل والخارج، مهمومون بشئون بلادهم ويتطلعون لرقيها وتقدمها. تابع بقيه الحوار على النسخه الورقيه او PDF