ما إن أعلن رئيس مجلس النواب التونسى فؤاد المبزع توليه منصب رئيس الجمهورية إلى أجل أدناه 45 يوما وأقصاه 60 يوما، أى ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية خلال شهرين، حتى تعالت أصوات التونسية الرافضة لإجراء الانتخابات فى «هذه الفترة القصيرة»، معتبرين الأمور «ليست فى مصلحة البلاد». ففى تصريحات خاصة ل«الشروق»، قال الأمين العام لحركة النهضة (الإسلامية المحظورة) راشد الغنوشى إن «إجراء الانتخابات الرئاسية خلال 60 يوما ليس فى مصلحة تونس، فقد رحل الديكتاتور ولكن أركان الديكتاتورية مازالت باقية فى البلاد، ولا يمكن لمؤسسة الفساد والاستبداد أن تنتج رئيسا ديمقراطيا». الغنوشى أوضح أنه «لا مجال لأى سياسى من حزب معارض أو سياسى مستقل أن يترشح فى الانتخابات المقبلة؛ لكون الدستور يتطلب حصوله (الراغب فى الترشح) على 30 توقيعا من النواب، وهذا مستحيل.. إذن سيكون المرشح من نظام بن على». ورأى أن الحل هو «أن يظل الشعب التونسى حارسا لثورته»، مطالبا ب«حل المؤسسات، وحل الحزب الحاكم اللعين، وتعديل الدستور»، مشددا على أن «منظومة الاستبداد الحالية لا تعبر عن إرادة الثائرين». وعن إمكانية مشاركة حركة النهضة فى الحكومة الانتقالية، أجاب: «لو دعينا سنشارك لمصلحة عملية التحول الديمقراطى، ولكن حتى الآن لم توجه إلينا أية دعوة لسبب بسيط وهو أن العهد البائد مازال موجودا.. رجال ومؤسسات وقوانين بن على ما زالت تحكم البلاد. والأمر يحتاج إلى ثورة أخرى، وجهد متواصل لرفع وصاية الحزب الحاكم عن الشعب التونسى». الغنوشى، الذى غادر تونس عام 1989 إلى منفاه فى العاصمة البريطانية لندن، أوضح أن عودته المرتقبة إلى تونس هى «عودة نهائية كى أسهم فى عملية تفكيك الديكتاتورية التى حصرت كرسى الرئاسة داخل الحزب الحاكم (التجمع الدستورى).. لم أحدد حتى الآن موعد عودتى، لكنها ستكون خلال الأيام القليلة المقبلة». وفيما يتعلق باحتمال مسألة رفع الحظر عن حركته، أوضح أن «هناك مساعى بالفعل لرفع الحظر عن حزب النهضة وجميع الأحزاب الأخرى المحظورة»، مضيفا أن «حركة النهضة تتواصل قبل الثورة، وخلالها وحتى الآن، مع القوى السياسية التونسية، وأهمها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وحزب التجمع الديمقراطى، وحزب العمال الشيوعى، إضافة إلى حركة 18 أكتوبر، التى تأسست عام 2005، وحركة النهضة عضو فيها». متفقا مع الغنوشى، قال عضو الهيئة القيادية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، عضو مجلس النواب، صالح الزغيدى، إن «إجراء الانتخابات خلال 60 يوما وفقا لأحكام الفصل 57 من الدستور ليس فى مصلحة البلاد». الزغيدى شدد هو الآخر فى تصريحات خاصة ل«الشروق» على أن «الحاكم رحل.. ولكن نظام حكمه مازال باقيا»، مشددا على أن «60 يوما غير كافية لإخراج البلاد من مظلة حكم بن على، فالبلاد تحتاج فترة أطول لطرح بديل له». وأكد أن «الشخصيات المتوقع خوضها للانتخابات الرئاسية هى من نظام بن على فأحكام الدستور مفصلة على مقاس بن على وأعوانه.. خلال 23 عاما، هى مدة رئاسة بن على، لم يفرز النظام أى شخص يصلح لأن يكون بديلا ل«بن على»، ولم تتح الفرصة لأى حزب أن يعد قياديا يمكن أن يتولى حكم البلاد». وختم الزغيدى قائلا: إن «الجميع يهنئون الشعب التونسى بانتصار إرادته، ولكن الواقع هو أننا الآن فى مفترق الطرق.. لم نصل لكل ما نريد، بل على العكس تونس فى حالة مرعبة.. فثمة شلل تام.. المدارس والجامعات مغلقة والشعب مرعوب من عمليات النهب والسرقة والعنف التى اجتاحت البلاد».