بعد عدة ساعات من رشق قوات الأمن المركزى بالحجارة واستخدام البنزين فى إشعال النار بالشوارع، يدخل إبراهيم ومينا وميشيل إلى استراحة قصيرة. الشباب الثلاثة لا تتجاوز أعمارهم 17 سنة دخلوا الميدان بمنتصف شارع خليل حمادة، وسط مجموعة من الشباب الغاضب منتصف ليلة الاثنين. أكثر من 15 سيارة أمن مركزى كانت تسد الشارع أمام الراغبين فى الوصول لكنيسة القديسين مارمرقس والأنبا بطرس التى تعرضت لهجمة إرهابية على أيدى مجهولين. إبراهيم يخرج من جيبه هاتفه المحمول، ويشير إلى الصورة التى وضعها فى الخلفية لشاب وسيم بشعر ناعم وثغر مبتسم، «هو ده بيتر»، يتحدث إبراهيم والدموع بدأت تلمع فى عينيه. مينا وميشيل كانا داخل الكنيسة لحظة الانفجار. انطلقا خارج أبواب الكنيسة ليصدمهما المشهد المروع. بين الجثث المتفحمة، استطاع مينا تمييز جسد صديقهما المقرب بيتر من خلال التعرف على ملابسه، «الكتف والذراع مش موجودين. والوجه مشوه تماما». يروى ميشيل بتوتر وانفعال شديدين، عن الكوابيس والهلاوس المرعبة التى صارت تزوره منذ الحادث. «وأنا باغسل وشى الصبح، رفعت راسى لقيت وش بيتر فى المراية متشوه. اتفزعت جدا». اكتسب إبراهيم خبرات كثيرة فى مواجهة قوات الأمن فى الأيام القليلة الماضية. أول درس تعلمه، أن جنود الأمن يردون على الحجارة بالحجارة، «ما كنتش عارف إنهم ممكن يرموا طوب. واحد منهم رمانى بطوبة فى رجلى، لحد دلوقتى وجعانى». لكن إبراهيم لا يخاف من كل ذلك، «أنا كان ممكن أوى أموت فى الانفجار زى صاحبى. همه حيعملوا فيه إيه أكتر من كده؟». مينا الطالب بثانوى التعليم الفنى يقول إنها ليست المرة الأولى التى يلقى فيها الحجارة على قوات الأمن، «متعودين على كده من أيام 2006». أما ميشيل، فيقول إنه لم يشارك فى صراعات شارع 45، لكنه يتذكر جيدا هجمة زوار الفجر الذين اعتقلوا أحد أقاربه بعد أن ظهرت صورة له فى الصحف وهو يرشق البوليس بالحجارة. مينا من سكان شارع 45 فى سيدى بشر، الذى شهد منذ 4 سنوات فتنة طائفية دخل خلالها سكان الشارع فى حرب أهلية مصغرة استخدموا فيها السيوف والعصى وقنابل المولوتوف وفى بعض الأحيان أنابيب البوتاجاز. واعتدى شخص على رواد كنيسة القديسين مارمرقس والأنبا بطرس وكنيستين أخريين، وصنفته التحقيقات فى النهاية على أنه مختل عقلى. أعضاء العصابة الصغيرة المسلحة بالطوب والبنزين والغضب، على علاقات طيبة وقوية مع أصدقاء مسلمين، فهم يدركون جيدا أن كل جماعة بينها الصالح والطالح، ويسخر ميشيل بشدة من الإعلام الحكومى الذى سرعان ما يتحدث عن الوحدة الوطنية والتسامح بين المسيحيين والمسلمين، «مشكلتنا أصلا مش مع المسلمين، إخواتى وأصحابى المسلمين شاركونا الحزن والحسرة على الضحايا»، كما شارك بعضهم فى رشق الأمن بالطوب والحجارة.