كتب لاسن آشى فى موقع مركز كارنيجى تقريرا أوضح فيه أنه يُشكل جيل الشباب غالبية سكان مصر، وهم يتشاطرون الشعور بالغربة عن الحياة السياسية فى البلاد ويفتقرون إلى الثقة بها. هم يحلمون بوظيفة لائقة ومستقرة ومسكن بأسعار معقولة، وخدمات صحية جيدة. ونتيجة للجمود السياسى، فإن واحدا من أصل أربعة منهم يعتبر الهجرة، بدلا من المشاركة السياسية، حلا لمشاكلهم، فيما تلجأ قلة إلى التطرف.. ونلخص بقية التقرير فى النقاط التالية: ثقل ديموجرافى من دون صوت سياسى ثلثا سكان مصر ال80 مليونًا هم من الشباب دون سن الثلاثين. وبوجود هذا العدد الكبير من الشباب، من المنطقى أن تُركز الحكومة على قضايا الشباب، لكن ذلك ليس واقع الحال للأسف. معظم الشباب المصريين غير منخرطين فى السياسة. وقد بين مسح على الشباب فى مصر أن أقل من واحد فى المائة فقط من الشباب، فى الفئة العمرية ما بين 18 و29 عاما ينتمون إلى أحد الأحزاب السياسية، وأن نسبة 16 فى المائة فقط أيضا من الشباب الذين يحق لهم الانتخاب أدلوا بأصواتهم فى الانتخابات الأخيرة. وكان معظم الذين صوتوا من فئات الدخل المتوسط والمتوسط الأعلى. وما مِن شك فى أن هذه النتائج تعكس خيبة أمل جيل الشباب إزاء غياب حرية التعبير والمشاركة المدنية فى البلاد. ظهرت فى الآونة الأخيرة فى مصر حركات سياسية شبابية تدعو إلى الإصلاح، مثل حركة 6 أبريل، وحظيت باهتمام إقليمى ودولى. هذه الحركات تُظهِر كيف يمكن للشباب أن يستخدموا الوسائل السلمية للتأثير على السياسات الحكومية وتغييرها. وقد ساعدت شبكة الإنترنت فى توسيع أسلوب حركات الشباب للتعبير عن نفسها وكسر احتكار الدولة لقنوات الاتصال. بطالة ومستقبل مظلم تُعَد البطالة المشكلة الرئيسية التى يعانى منها الشباب فى مصر، فى ظل وجود عدم تطابق كبير بين فرص العمل وبين التعليم الذى توفره المدارس والجامعات. كما أن معظم الوظائف فى مصر هى من نوعية رديئة فى إطار القطاع غير الرسمى، ولا تجتذب سوى الأقل تعلما من الساعين إلى العمل. فى المقابل، ينظر الشباب الأكثر تعلما من الباحثين عن وظائف إلى الهجرة أكثر فأكثر على أنها الحل الوحيد لمشكلة البطالة. ويزيد انتشار المحسوبية ومحاباة الأقارب مشكلة البطالة سوءا. فعلى عكس الشباب من ذوى الخلفيات الأكثر ثراء الذين يعتمدون على شبكات كثيفة من الوساطات، فإن الذين ينتمون إلى الأُسَر المحرومة عادة ما ينتهى بهم المطاف بالحصول على تعليم ضعيف وفرص عمل دون طموحهم. بيئة أعمال منفرة ينجذب معظم الشباب إلى تنظيم المشاريع للهرب من البطالة والوظائف الرديئة. ومع ذلك، يعانون الأمرين فى كثير من الأحيان لإنجاز تلك المشاريع. وتكشف إحدى الدراسات الحديثة عن أن النظام التعليمى هو واحد من أهم ثلاثة عوامل تعوق إنشاء المشاريع من طرف الشباب فى مصر، فيما يبرز غياب الدعم الحكومى وعدم تركيز الاهتمام على احتياجات أصحاب المشاريع الشباب بوصفهما العائقين الثانى والثالث على التوالى. ومرة أخرى، تساعد العلاقات الشخصية بشكل أساسى فى ولوج قطاع الأعمال المصرى والنمو فيه. ما الذى يجب أن تفعله الحكومة المصرية؟ على الحكومة المصرية أن تُعطى أولوية لتلبية احتياجات الشباب. وينبغى أن يشمل ذلك تدخلا سياسيا واضحا فى العمل والتعليم وأسواق الائتمان: فأولا، يجب أن يتأكد صانعو السياسات من أن المهارات التى تُدرَس فى الفصول الدراسية تتلاءم على نحو أوثق مع احتياجات أسواق العمل. وعليهم أن يركزوا على تشجيع الإبداع والتفكير النقدى ومهارات الاتصال، فضلا عن تحفيز روح المبادرة والاستقلالية لدى الطلاب. ثانيا، على الرغم من التحسن الكبير الذى طرأ على تعليم المرأة، فإنها تواجه قيودا كثيرة فى المجتمع عموما. وعلى السلطات أن تتيح الفرص الاقتصادية والسياسية أمام الفتيات، فتُوفر على وجه التحديد فرصا أفضل للحصول على التعليم والصحة فى المناطق الريفية، وتمكينا سياسيا ومشاركة أكبر فى الاقتصاد. ثالثا، أدخلت مصر بعض الإصلاحات لتشجيع تنظيم الأعمال، مثل تخفيض الحد الأدنى من متطلبات رأس المال وتسهيل تسجيل المنشآت الجديدة. ومع ذلك، لم تُفِد معظم الإصلاحات إلا الشركات الكبرى فى العاصمة، إذ لايزال الشباب الذين يعملون فى المشاريع الصغيرة يعانون من الإجراءات المرهقة، وصعوبة الحصول على التمويل، وعدم كفاية التنسيق بين الدوائر الحكومية، والروتين الذى يثقل كاهله الفساد وانعدام الشفافية. بالتالى، على الحكومة الاستمرار فى تبسيط الإجراءات والأنظمة وتسهيل الحصول على التمويل. رابعا، ينبغى أن يستحدث القادة السياسيون آليات لتشجيع الشباب على الترشح إلى المناصب والتصويت فى الانتخابات. كما يجب خفض عتبة سن شغل المناصب عن طريق الانتخاب 35 سنة بالنسبة إلى مجلس الشورى (الغرفة العليا فى البرلمان)، و30 سنة بالنسبة إلى مجلس الشعب للسماح للقيادات الشابة بالمشاركة فى عملية صنع القرار. باتخاذ هذه الخطوات، يستطيع صانعو السياسات تشجيع الشباب فى البلاد ليكونوا أعضاء منخرطين ومنتجين بشكل كامل فى النمو الاقتصادى والسياسى.