تجددت، أمس الأحد، لليوم الثاني، على التوالي الاشتباكات بين قوات مكافحة الشغب ومتظاهرين في مركز معتمدية "سوق الجديد"، التابعة لمحافظة سيدي بوزيد (جنوبتونس)، التي يشهد عدد من مدنها احتجاجات اجتماعية عنيفة، بسبب ما يصفه السكان ب"تردي ظروف المعيشية وتفشي البطالة". وقال النقابي وشاهد العيان منجي غنيمي، إن مجموعات تضم العشرات من الشبان أحرقوا مقر إحدى الجمعيات التنموية الحكومية، وقطعوا بالعجلات المطاطية المشتعلة الطريق الرئيسية، الرابطة بين مدينتي سيدي بوزيد (شرق المدينة) والمكناسي (غربها). وأضاف أن هؤلاء هاجموا في أكثر من مناسبة مركز الحرس بالحجارة، محاولين اقتحامه، وأن قوات الأمن أطلقت عليهم القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم، كما أطلقت الرصاص الحي في الهواء لتخويفهم. وأضاف غنيمي، وهو عضو لجنة المتابعة ودعم أهالي سيدي بوزيد، التي تأسست مع بداية الاضطرابات الاجتماعية في المحافظة، أن الهدوء عاد إلى المنطقة، بعد أن دفعت السلطات بتعزيزات أمنية إضافية. وكان رجل أمن أصيب، ليلة السبت الماضي، بطلق ناري في ساقه، ونقل إلى المستشفى، حيث خضع لعملية جراحية لإخراج رصاصة يبدو أن أحد زملائه أطلقها عليه على وجه الخطأ، عندما شرع نحو 8 من الحرس في إطلاق النار في الهواء، لتفريق مظاهرة شارك فيها مئات من الشبان الذين حاولوا اقتحام مركز حرس المدينة. وبدأت في السابع عشر من الشهر الجاري بمدينة سيدي بوزيد احتجاجات سلمية، تحولت في اليوم التالي إلى مواجهات مع الشرطة، إثر إقدام محمد بوعزيزي (26 عاما)، وهو خريج جامعة عاطل عن العمل، على إحراق نفسه أمام مبنى المحافظة، احتجاجا على تعرضه للضرب على يد شرطية (امرأة)، منعته من بيع الخضر والفاكهة دون ترخيص من البلدية، ولرفض الولاية قبول تقديمه شكوى ضد الشرطية. وقالت الحكومة إن الشاب نقل "لتلقي العلاج بمركز الإصابات والحروق البليغة" بمحافظة ابن عروس جنوب العاصمة، دون أن تعطي تفاصيل عن وضعه الصحي، فيما ترددت أنباء غير مؤكدة عن وفاته. وتأججت الاحتجاجات، وامتدت إلى مدن أخرى بمحافظة سيدي بوزيد، بعد أن أقدم شاب آخر عاطل عن العمل يدعى حسين ناجي (24 عاما) على الانتحار في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، احتجاجا على وضعية البطالة التي يعيشها، وذلك بصعوده فوق عمود كهرباء صعقه. وامتدت الاحتجاجات العنيفة إلى عدة مدن بمحافظة سيدي بوزيد، وبلغت ذروتها في 24 ديسمبر الجاري، عندما اندلعت مواجهات دامية بين نحو ألفي متظاهر في مدينة منزل بوزيان ومئات من قوات الأمن، دفعت بها السلطات إلى إعادة النظام إلى المدينة، وقالت وزارة الداخلية في بيان صدر في نفس اليوم، إن هذه المواجهات أسفرت عن سقوط قتيل واحد وجريحين اثنين من المدنيين، و"العديد" من الجرحى من رجال الأمن، فيما أكدت مصادر غير رسمية، أن الحصيلة ارتفعت إلى قتيلين اثنين (مدنيين)، ونحو 10 جرحى، معظمهم مدنيون. وتقول نقابات وأحزاب معارضة، إن معدل البطالة مرتفع في محافظة سيدي بوزيد، وخاصة في صفوف خريجي الجامعات، وأنه يتجاوز المعدل العام للبطالة في البلاد. ويعيش أغلب سكان المحافظة، وعددهم أكثر من 400 ألف شخص، على الزراعة بشكل أساسي. وأظهرت إحصائيات رسمية حديثة أن نسبة البطالة في تونس، التي يقطنها أكثر من 10 ملايين نسمة، بلغت 13%، وتضخ مؤسسات التعليم العالي التونسية سنويا حوالي 60 ألف خريج جديد، وتقر الحكومة أن توفير وظائف لهم جميعا أمر غير ممكن.