يعتزم نوري المالكي، رئيس الحكومة العراقية المكلف، عرض طاقم حكومته الجديدة أمام البرلمان العراقي، غدًا الاثنين، قبل المهلة المحددة له التي ستنتهي في 24 الجاري رغم عدم اكتمال الترشيحات لشغل المناصب الوزارية، أو الاتفاق بشكل حاسم على منح الحقائب الوزارية. وألمح أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقين في حديث داخل قبة البرلمان: "ننتظر أن تصلنا التشكيلة الوزارية كاملة، وليست ناقصة". وأضاف النجيفي: "هناك مدة دستورية تنتهي يوم الجمعة المقبل، وإذا كانت الجمعة عطلة رسمية يمكن أن تقدم يوم السبت، وهي المدة الأخيرة للتصويت على الوزارة والمنهاج الوزاري، والموعد سيحدد ضمن هذه المدة، ولكن نأمل أن تصلنا جميع أسماء الوزراء ضمن المدة المقررة". ويبدو أن المالكي يريد الاستعجال في تقديم طاقم حكومته إلى البرلمان، حتى وإن كانت غير مكتملة، حيث سيتولى هو مثلا قيادة الوزارات الأمنية لعدم الاتفاق على أسماء المرشحين إلى حين الاتفاق على تسمية مرشحين مستقلين، فضلا عن أن هناك وزارات ما زالت متأرجحة، ولم يتم الاتفاق على حسم توزيعها بين الكتل النيابية. وقال إياد علاوي، رئيس الوزراء العراقي السابق، الذي فاز ائتلافه متعدد الطوائف بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية في مارس آذار، إنه سينضم إلى حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. وجاء قرار علاوي بعد أسابيع من التردد ليزيل عائقًا محتملا آخر في المفاوضات الطويلة الصعبة بين الكتل السياسية الشيعية والسنية والكردية بغرض تشكيل حكومة جديدة بعد النتيجة غير الحاسمة لانتخابات مارس. ومن المنتظر أن يقدم المالكي 70 بالمئة من طاقم وزارته، غدًا الاثنين، وأن الاتفاق على توزيع الحقائب تضمن أن يحصل التحالف الوطني 159 مقعدا على وزارات النفط والتخطيط والنقل والتعليم العالي والعدل والموارد المائية والبلديات والعمل والشباب والرياضة وحقوق الإنسان والسياحة والآثار، إضافة إلى وزارات الدولة لشؤون المصالحة الوطنية والخارجية ومجلس النواب والأهوار، وحصلت العراقية 91 مقعدا على وزارات المالية والتربية والكهرباء والصناعة والزراعة والاتصالات والثقافة والمحافظات، إضافة الى وزارة دولة. وحصل التحالف الكردستاني أكثر من 50 مقعدا على حقائب الخارجية والتجارة والصحة والهجرة والمهجرين ووزارتي الدولة لشؤون المجتمع المدني والمرأة، في حين حصل تحالف الوسط 10 مقاعد على وزارة العلوم والتكنولوجيا والمسيحيون على وزارة البيئة، أما الوزارات الأمنية الدفاع والداخلية والأمن الوطني سيتم تأجيل إعلانها إلى مرحلة ثانية، وسيقوم بحمل حقائبها رئيس الوزراء نوري المالكي لحين التوافق بشأنها. وقال النائب محمد أقبال، عضو تحالف الوسط لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ): "أتوقع أن يعلن المالكي طاقم حكومته، غدا الاثنين أو بعد غد الثلاثاء القادمين، رغم أن الكثير من الحقائب الوزارية لم تسم، وما زالت موضع نقاش ومعلقة، فضلا عن أن الأسماء المرشحة لتسلم الحقائب الوزارية هي الأخرى لا تزال موضع نقاش". وأضاف: "نحن في تحالف الوسط حتى اليوم لم يتم حسم الحقيبة الوزارية التي ستسند لنا، إضافة إلى حقيبة دولة، حيث نناقش حاليا عددا من الوزارات ولم يتم الحسم، ونحن نتحدث عن يوم فاصل، مما يجعلني على قناعة أن غدًا الاثنين لن يكون موعدا لتقديم التشكيلة الوزارية، وأن بعد غد الثلاثاء سيكون أكثر واقعية". وقال إقبال: إن "المالكي سيتولى قيادة حقائب الوزارات الأمنية لمدة قد تصل إلى شهر أو شهرين إلى حين التوصل إلى توافق سياسي، لأن مفهوم الوزير المستقل ليس موضع اتفاق بين الكتل المتنافسة". وستضم التشكيلة الوزارية الجديدة 42 شخصا، بينهم رئيس الحكومة، وثلاثة نواب لرئيس الحكومة، و39 وزيرا، وهي أكبر من الحكومة الماضية. ومن المنتظر أن تنتهي المهلة القانونية البالغة 30 يوما لتشكيل الحكومة في 24 من الشهر الجاري بعد أن كان جلال طالباني، رئيس الجمهورية، قد كلف المالكي بتشكيل الحكومة في 25 تشرين ثان- نوفمبر الماضي. وقال النائب عبد الهادي الحساني، عضو التحالف الوطني ل(د. ب. أ): "أرجح تأجيل تسمية ما بين 5 إلى 6 وزارات عند الإعلان عن التشكيلة الوزارية إلى إشعار آخر". وأضاف: "حتى الآن توزيع الحقائب الوزارية ستكون 18 وزارة للتحالف الوطني و10 وزارات للعراقية وست لتحالف القوى الكردستانية، واثنان أو واحدة لتحالف الوسط والبقية للأقليات". وذكر أنه "لا يزال رئيس الحكومة المكلف ينتظر وصول أسماء المرشحين لشغل الحقائب الوزارية، فضلا عن أن بعض الأسماء المرشحة من قبل القوائم الأخرى لا تتسم بالكفاءة". وقال الحساني: "نحن نريد التعجيل في تشكيل الحكومة الجديدة". ويحتاج المالكي إلى 163 صوتا لتمرير التشكيلة الوزارية داخل البرلمان، وهي متوفرة حيث يضم التحالف الوطني لوحده 159 مقعدا، والمقاعد الأخرى يمكن تأمينها بسهولة إذا ما أصرت الكتل الأخرى على موضوع تسمية طاقم الحكومة بشكل كامل. فيما ذكر النائب فتاح الشيخ عضو قائمة "العراقية" لوكالة الأنباء الألمانية: "في الأيام الأخيرة قبيل إعلان التشكيلة الوزارية ظهرت إلى مسرح الأحداث ظاهرة المحسوبية والفئوية الحزبية لشغل الحقائب الوزارية، وهذه الحالة اتسعت بشكل لافت داخل جميع الكتل السياسية دون استثناء لتحل محل المحاصصة الطائفية التي كانت تسيطر على المشهد السياسي في السابق". وقال الشيخ: "نشاهد اليوم الكتل السياسية تتصارع على المناصب الوزارية؛ ما انعكس سلبا على الإسراع بتشكيل الحكومة". وأضاف: "الحراك السياسي لا يزال متواصلا، والاجتماعات تعقد هنا وهناك، وبعض الحقائب الوزارية ما زالت موضع خلاف بين الكتل رغم أن العراقية حصلت على 10 حقائب وزارية، بينها المالية والدفاع والصحة والصناعة والمعادن والزراعة والثقافة وشؤون العشائر وشؤون المجتمع المدني، ومع ذلك فلم تحسم حقيبة التربية، حيث إن هناك توجهات لاستبدالها بحقيبة التعليم العالي". وذكر: "هناك عدد من الشخصيات لم تحسم لشغل الحقائب الوزارية رغم أني على قناعة تامة من أن تحديد يوم الاثنين المقبل لإعلان التشكيلة الوزارية ملائم". في حين ذكر النائب لطيف مصطفى، عضو قائمة التغيير الكردية ل"د. ب. أ": "أعتقد أن المالكي بحاجة إلى موعد أبعد من يوم الاثنين لأن أكثر من نصف الحقائب الوزارية لم تحسم بعد، وهي بحاجة إلى مزيد من الوقت على أن تحسم في إطار المهلة الدستورية". وقال: "نحن في قائمة التغيير انفصلنا عن ائتلاف القوى الكردستانية في تشرين أول- اكتوبر الماضي، ودخلنا مفاوضات تشكيل الحكومة بشكل منفرد، ونحن نطالب بمنصب نائب رئيس الوزراء، إضافة إلى حقيبتين وزاريتين، لكن الموضوع لم يحسم حتى الآن". وأضاف: "الجميع متفقون على المشاركة في الحكومة المقبلة". يبدو أن المالكي حزم أمره، وسيطرح التشكيلة الوزارية خلال اليومين المقبلين على البرلمان العراقي، لأنه لم يعد لديه متسع من الوقت، ولا بد من غلق ملف التجاذبات السياسية التي ربما تأتي بما لا تحمد عقباه.